كان أبى، رحمه الله، رجلًا صالحًا، تزوج فى أول حياته من سيدة فاضلة، لكنه لم يرزق منها بأبناء.. تعرف والدي على أمى بعد وفاة زوجها الأول، وكان لها منه ابنان وبنت.
اختار أبى فى البداية- ظنًا منه أنه لا ينجب- سيدة يكون لها من الأبناء، حتى لا تشعر معه بالضيق والملل.
مرت السنون، وأصبحت أمى حاملًا في، طار أبى من الفرحة، فهو أصبح فى الخمسين من عمره ولم يرزق بولد سواي.
وضعت أمى حملها وانتقل والداى وإخوتى من أمى إلى منزل أوسع، فقد كان مولدى عند أبى بابًا للرزق، كما روت لى والدتى، فمنّ الله عليه فى تجارته من واسع فضله.
ساعد أبى أمى فى تربية إخوتى، وكان لها نعم المعين، ولم يكن يفرق بيننا فى المعاملة أو العطايا.
كان أخى الأكبر دائمًا فى شجار مع أبى، وحاولت أمى معه كثيرًا، لكنه كان غيورًا، وكان دائمًا ما يتهم أمنا وأبى بأنهما يفضلانى عليه وإخوته من أبيه المتوفي.. كانت أمى كثيرًا ما تصرخ فيه حتى يكف عن إثارة المشاكل، وكان أبى يتجنب التعامل معه حتى لا يخسر أمى.
ظل الحال على ما هو عليه حتى كبرنا وكبرت تجارة والدى، وبالرغم من أن إخوتى كانوا يعملون معه، ويتمتعون بكل ما أتمتع به، فإنهم كانوا دائمى الشكوى لأمى أن أبى يفضلنى ويميزنى.
كنت عندما أحاول التقرب منهم والاندماج معهم، وتذكيرهم أننا إخوة، أجد منهم صدًا ومانعًا قويًا.. فجعت في أبي عندما مات فجأة، وتركنى وأمى لمشاكل وقضايا لا تنتهى.
حاولت بعد موته أن أبقى الوضع على ما كان عليه قبل وفاة أبي، وأن يظل إخوتي من أمي يعملون فى نفس التجارة، وأن نتعامل كإخوه وقوة كبيرة فى التجارة، لكنهم رفضوا وطالبوا بنصيبهم!
هم يعلمون جيدًا أنهم لا ورث لهم فى مال أبى، وأننى وأمى الوريثان الوحيدان له، حاولوا مع أمى لتبيع نصيبها فى ورث والدى، وأن تقسمه عليهم بما لا يخالف الشرع! نعم كان هذا شرعهم.
لا أعلم ماذا أفعل الآن.. إن وقفت أمامهم وأمى سأخسر إخوتى، وإن طاوعتهم سأخسر تجارتى، لأننى سأكون مضطرًا أن أبيع بعض تجارة أبى لأعطى لأمى نصيبها.
أمى حائرة بيننا، فكلنا أبناؤها، وهى لا تعرف كيف ترضينا، ولا أستطيع أنا تضيع تجارتى وتجارة أبى الذي تعب من أجلها.
الرد:
إخوتك مهما حاولت استرضاءهم لن يرضوا أبدًا، فقد استقرت فى قلبهم الغيرة منك، وكل ما يحاولون فعله الآن هو أن يحصلوا على المال من أمك، لا ليشاركوك فى تجارتك، وإلا ما كانوا رفضوا الاستمرار على الوضع قبل وفاة والدك.
أرى أن الأمر كله فى يد والدتك، وأنه من المفيد أن تذهبوا جميعًا لأحد المحامين المتفق عليه من الكل، حتى يحدد لهم ويوضح لهم أنه لا ميراث مباشرًا لهم من أبيك رحمه الله.. إن استطعت- دون التأثير على تجارتك- أن تسترضيهم ببعض المال كدين لوالدتك على رأس المال الجارى، فافعل حتى تبقى على أواصر الحب والود بينكم، وإن لم تستطع فهذا مالك وأنت أحق به.
حاول التحدث معم بهدوء، وتذكيرهم بروابط الدم، ولتستميل أطيبهم ليقف بجوارك ويساندك ويقنعهم معك.