وجه الرئيس عبدالفتاح السيسي، التحية لاسم الرئيس الراحل، محمد نجيب، والذي تحمل القاعدة العسكرية الجديدة بمدينة الحمام غرب الإسكندرية اسمه، تكريمًا لإسهامه الوطني في لحظة دقيقة وفارقة من تاريخ مصر.
وأكد الرئيس السيسي، في كلمته خلال افتتاح قاعدة محمد نجيب العسكرية اليوم، أن هذا الصرح العسكري يمثل إضافة لجهد وعطاء الأجيال السابقة، حيث تم تطوير المدينة العسكرية التي كانت في نفس هذه المنطقة، لتصبح قاعدة عسكرية جديدة ومتطورة،.
ورحب الرئيس خلال الكلمة بضيوف مصر من الدول العربية الشقيقة، مشيرًا إلى ما تمثله مشاركتهم في هذه الاحتفالية من تأكيد على وحدة الصف والتضامن العربي، مؤكدًا أن مصر وهذه الدول الشقيقة تتشارك في التعاون والبناء وحماية السلام وليس الدمار والتآمر وبث الفرقة بين الشعوب.
كما وجه الرئيس تحية خاصة إلى أسر الشهداء والمصابين، مؤكدًا أنهم قدموا أغلى ما يملكون حماية لمصر من هجمات الإرهاب والتطرف ومحاولات إسقاط الدولة، مشيرًا إلى أن الحفاظ على مقدرات شعب قوامه يقترب من 100 مليون مواطن ليس بالأمر اليسير.
وأضاف أن أعداء مصر يريدون النيل من معنويات الشعب عن طريق بث الإحباط، مؤكدًا أن هذا لن يحدث وأن الأعداء لن ينجحوا في النَيل من مصر ولا من أشقائها في المنطقة، مؤكدًا أن مصر ملتزمة بمبادئها بعدم التدخل في الشئون الداخلية لأية دولة، وأهمية احترام هذا المبدأ وعدم التدخل في شئون الدول.
كما وجه الرئيس التحية والاحترام للشعب المصري، تقديرًا لوعي الشعب وصبره وتحمله لمتطلبات الإصلاح الاقتصادي، مشيرًا إلى أن شعب مصر قرر تغيير واقعه وبناء بلده بعرقه وصبره وتحمله، بحيث تصبح مصر دولة تعتمد على نفسها.
وأكد أنه یدرك جيدًا حجم المعاناة الناتج عن ارتفاع الأسعار، كما يدرك أيضًا أن هذا الشعب عظيم ويحافظ على مصر ويرفع شأنها وهو سند للأمة العربية بأسرها في الحق والسلام والبناء.
وقال الرئيس إنه يشعر بالفخر والعزة أمام المجتمع الدولي الذي يعرب عن احترامه وإعجابه بالشعب المصري ومساندته لقرارات الإصلاح الاقتصادي.
وفيما يلي نص الكلمة التي ألقاها الرئيس عبد الفتاح السيسي بمناسبة افتتاح قاعدة محمد نجيب العسكرية، وتخريج دفعات جديدة من خريجي الكليات العسكرية، والاحتفال بالعيد الخامس والستين لثورة 23 يوليو.
أصحاب السمو والمعالي ضيوف مصر الكرام،
اسمحوا لي في البداية أن أرحب بكم مجددًا على أرض مصر، بين شبابها الذين يحتفلون ونحتفل بهم اليوم بمناسبة تخرجهم من كلياتهم ومعاهدهم.. إنّ تواجدكم اليوم بيننا، لهو تأكيد على وحدة الصف والتضامن العربي، ودليل جديد على ما يجمع بلداننا وشعوبنا من مصير مشترك، وتعاون بناء لمواجهة التحديات التي تواجه أمتنا العربية.. فبِاسمي وبِاسم الشعب المصري أتوجه إليكم بكل التحية والتقدير والاحترام، لكم ولشعوبكم الشقيقة.
شعب مصر العظيم،
نحتفل اليوم معًا بتخريج دفعات جديدة من شباب مصر الأوفياء، لينضموا إلى جيش مصر العظيم في مختلف أفرعه، متسلحين بما تلقوه في كلياتهم ومعاهدهم من علمٍ حديث، وتدريبٍ راقٍ، وبناءٍ متكاملٍ للشخصية، وعقيدةٍ قتاليةٍ وطنية، لينالوا عن جدارة واستحقاق، شرف الدفاع عن الوطن وحماية حدوده، وصون كرامة أبنائه، ورفع رايته عالية خفاقة دومًا بإذن الله.
نحتفل اليوم كذلك، بافتتاح صرح عسكري جديد، يجسد ما وصلت إليه القوات المسلحة المصرية، من تطويرٍ يضاهي أحدث القواعد العسكرية في العالم.. صرحٌ يحمل اسم الرئيس الراحل محمد نجيب، تكريمًا لإسهامه الوطني، وبرهانًا على وفاء مصر لابن من أبنائها، تصدى للعمل الوطني في لحظة دقيقة وفارقة، فلم يتردد لحظة، وإنما أظهر من الشجاعة والبطولة ما يستحق معه أن نتوقف أمام اسمه بالتقدير والاحترام.
رجال القوات المسلحة الباسلة،
أبنائي الخريجين،
تبدأون اليوم حياتكم العملية في ظرف إقليمي ودولي دقيق، يتطلب منكم أقصى درجات اليقظة والاستعداد القتالي، ويتطلب منكم كذلك معرفة مجموعة من المبادئ الأساسية، التي آمل أن تقود مسيرتكم خلال الفترة المقبلة:
فلتعلموا أن شرف خدمة هذا الوطن العظيم، لا يدانيه شرف، وأن التضحية في سبيل أمنه واستقراره وكرامته، هي واجب على أبنائه المخلصين.
ولتعلموا أن القوات المسلحة، التي تتشرفون اليوم بالانضمام إليها، هي مؤسسة وطنية عريقة، آلت على نفسها منذ القدم، أن تصون هذا الوطن وتحمي مقدرات أبنائه، وأنها مؤسسة ذات تقاليد عسكرية راسخة، تقوم على الكفاءة والفاعلية والانضباط والفداء، والولاء التام للوطن.
ولتعلموا كذلك أن شعب مصر العظيم، وضع على الدوام كامل ثقته في جيشه، ويكن له التقدير والاحترام والدعم، وأن هذا الجيش كان دائمًا على مستوى المسئولية التي حمّله إياها الشعب، وكانت وستظل العلاقة بين الشعب وأبنائه في القوات المسلحة، سرًا مصريًا أصيلًا، وعهدًا أبديًا بإذن الله.
فكونوا، يا أبنائي وبناتي، أهلًا لهذه المسئولية ومستحقين لهذا الشرف، كونوًا قدوةً ومثلًا طيبًا، حافظوا على الخلق القويم، والانضباط العسكري، وواظبوا على طلب العلم والمعرفة الحديثة بدأب واجتهاد، وقبل كل ذلك كونوا عارفين بقدر وطنكم، عاقدين العزم على رفع رايته والحفاظ على مجده والمساهمة في حمايته وتنميته.
ولأسر الخريجين أقول: هنيئًا لكم بأبنائكم وبناتكم، لكم كل التحية والتقدير على ما غرستموه في أنفسهم، من قيم التضحية والتفاني وحب الوطن، وأوكد لكم أن كل ابن من أبنائكم هو ابن لمصر كلها، وأن مصر فخورة بهم، وأنها لا تنسى أبنائها المخلصين ولا تقابل العطاء إلا بالعطاء.
كما أتوقف في هذه المناسبة، لتوجيه تحية تقدير واعتزاز لأرواح الشهداء، شهداء مصر من أبطال القوات المسلحة والشرطة، ممن ضحوا بأرواحهم الغالية ليحيا شعب مصر في أمان.. أقول لأسرهم اليوم: إن هذا الوطن أصيلٌ، وبارٌ بأبنائه مثلما هم بارون به، وإن مصر وشعبها، يعلمون حجم ما قدمتموه من تضحيات، وما تكبدتموه من آلام، وستكونون وأبناؤكم دومًا محل رعاية الوطن وعنايته، كما ستكون ذكرى أبطالنا، عنوانًا للأمل، ورمزًا للإلهام، وقدوة في التضحية، لنًا جميعًا.
كما أتوجه بخالص التهنئة للخريجين الجدد من الدول العربية الشقيقة، والذين شاركوا أبناء مصر التعليم والتدريب والاستعداد القتالي.. نقف معًا جميعًا اليوم لنقول للعالم أجمع، أننا نتشارك في البناء وليس التدمير، في التعاون وليس التآمر، في الحفاظ على السلام وليس في بث الفرقة والنزاع بين الدول والشعوب.
شعب مصر العظيم،
نحتفل غدًا بالذكرى الخامسة والستين لثورة الثالث والعشرين من يوليو المجيدة، هذا اليوم الخالد من أيام مصر، الذي استرد فيه المصريون حكم بلادهم، وبدأوا بعده مسيرة طويلة وشاقة من الكفاح، لتحقيق آمالهم في الاستقلال والحرية والتنمية.. تَجاوَزَ تأثيرُ الثورة نطاقَ مصر، وألهمت الشعوب عبر العالم، ليصبح التحرر الوطني حقيقة واقعة، ويصبح حق الشعوب في تقرير مصيرها أمرًا مسلمًا به.
نتذكر في هذا اليوم اسم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، قائد ثورة يوليو، الذي تجسدت فيه آمال المصريين نحو الحرية والكرامة، فعبر عنها بإخلاص وكبرياء، ووَضَعَ اسم مصر في مكانة عالية إقليميًا وعالميًا، واجتهد لمواجهة تحديات عصره بكل طاقته وقدرته.
الإخوة والأخوات،
لقد واجهت مصر تحديات فرضتها عصور وأزمنة متعاقبة.. وكما خاضت مصر من قبل معارك الاستقلال الوطني وتحرير الأرض، فإنها تخوض اليوم معركتين فاصلتين، وهما مواجهة الإرهاب وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ولا يخفى عليكم، أن طبيعة الحروب قد تغيرت، وأصبح العدو مستترًا متخفيًا، لا يلجأ للمواجهة المباشرة، وإنما يعتمد على ترويع الآمنين وبث روح الإحباط، وهو ما لن نسمح به أبدًا بإذن الله.
إن الإرهاب ظاهرة معقدة، لها جوانب متعددة، ولعل من أهمها، وطال الصبر عليه، هو دور الدول والجهات التي تقوم برعاية الإرهاب وتمويله.. فلا يُمكن تصور إمكانية القضاء على الإرهاب من خلال مواجهته ميدانيًا فقط، والتغافل عن شبكة تمويله ماديًا، ودعمه لوجستيًا، والترويج له فكريًا وإعلاميًا.. ولا يمكن التسامح مع من يمول الإرهاب بمليارات الدولارات، فيتسبب في مقتل مواطنينا، بينما يتشدق في ذات الوقت بحقوق الأخوة والجيرة.. ولهؤلاء نقول: إن دماء الأبرياء غالية، وما تفعلونه لن يمر دون حساب.
وأوكد للجميع، أن مصر ستظل على عهدهًا، دولة محبة للسلام وداعمة له، بكل قوة جيشها وشرطتها ومفكريها وجميع أبنائها، وستظل عصية على الرضوخ لتهديدات الإرهاب ومن يقفون وراءه، وسيظل شعبها على عزيمته رافضًا للإحباط، وستعلو إرادته دومًا فوق إرادة أعداء الإنسانية.. بمشيئة الله.
شعب مصر العظيم،
لم ولن نتخذ الإرهابَ يومًا كذريعة لتعطيل الحياة الطبيعية للمجتمع، رغم ما تفرضه مواجهته من أعباء جسيمة ومتطلبات استثنائية.. ولم نتخذ الإرهابَ يومًا كمبرر لعدم الاستمرار في تحديث اقتصادنا وإصلاحه وتحقيق التنمية الشاملة، وإنما نتخذ تحدي الإرهاب كحافز إضافي، لبذل مزيد من الجهود على كافة المسارات، وفي ذات الوقت.
ودعوني أقول لكم: إن حجم الجهد والإنجاز الذي تحققونه كل يوم، في جميع أرجاء مصر، هو الرد الأمثل والأقوى على محاولات أعدائكم النيل منكم، كما أنه هو الطريق الوحيد نحو تحقيق آمالكم وتطلعاتكم نحو المستقبل.
وهنا، أتساءل معكم بصراحة ووضوح: ما هو شكل المستقبل الذي نرجوه لمصر؟
فإذا كنا متفقين جميعًا على أننا نريد أن نرى بلادنا قوية، حديثة، متقدمة، ينعم الجميع فيها بالحياة الكريمة، ومستوى المعيشة اللائق، والخدمات التعليمية والصحية المتميزة، فإن هناك التزامًا أخلاقيًا ووطنيًا على كل منا، بأن يُدركَ وينقلَ للناسِ إدراكَه، أن سبيل تحقيق ذلك هو الإصلاح الاقتصادي الجذري والشامل، والصبر على أعبائه حتى يحصد ثماره.
فعلى مدار عقودٍ طويلة، ونتيجةٍ لأسبابٍ متعددة، لم يكن هيكل الاقتصاد المصري، يقوم بدوره الأساسي في تحقيق الاستفادة المثلى من مواردنا، وتراكمت أزماتُ الاقتصاد حتى ارتفعت تكلفةُ إصلاحِه، وبات على جيلنا، حَتمًا لا اختيارًا، أن يتصدى لهذه المهمة، ويُرسي الأساسَ المتين لمصر جديدةٍ، متقدمةٍ، ينعمُ شعبُها بالرخاء والازدهار.
وفي هذا الطريق، نسير بقوة وتصميم، متسلحين بمنهج علمي منظم، وإصلاح اقتصادي مدروس ومحسوب بدقة وليس عشوائيًا.. نفتح اقتصادنا للاستثمار الجاد، سواء كان مصريًا أو عربيًا أو أجنبيًا، ونتيح فرص عمل جديدة للشباب تتناسب مع معدل النمو السكاني شديد الارتفاع.. نعالج الاختلالات الهيكلية في الموازنة، ونعمل على زيادة إيرادات الدولة، لتحقيق نقلة نوعية يشعر بها كل المواطنين، في مستوى الخدمات العامة، وخاصة في الصحة والتعليم، وبرامج الحماية الاجتماعية ومحاصرة الفقر.
نسير في هذا الطريق، موقنين أن شعب مصر يميز بين الخبيث والطيب، ويدرك مصالحَه العليا بوعيٍ وحكمة، وأن هذا الشعب العريق عاقد العزم على إتمام مسار الإصلاح الاقتصادي، حتى يجني ثمار التحمل والتعب: مستقبلًا كريمًا، ووطنًا مزدهرًا.
وفي الختام أتوجه إليكم جميعًا مجددًا بالتحية والتهنئة، كل عام وأنتم بخير، ومصر العزيزة بأمان واستقرار وتقدم، والأمة العربية في رخاء وازدهار.
ودائمًا نردد جميعًا: تحيا مصر --- تحيا مصر --- تحيا مصر - - - تحيا الأمة العربية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.