حريق القاهرة الذي سبق ثورة 23 يوليو 1952 بنحو 6 أشهر، كان أحد العوامل التي قامت علي إثرها الثورة، حيث كانت مصر في ذلك الوقت تتعرض لظروف اقتصادية صعبة، أسهم فيها الملك والحكومة معًا، حيث جمعتهما صفقات علي حساب المصريين، فكان ذلك إذانًا بالانهيار وتحرك الشعب ضد النظام بأكمله.
واتسعت عمليات الفدائيين ضد القوات البريطانية في الإسماعيلية، وقامت القوات البريطانية بمهاجمة قرية صغيرة هي كفر أحمد عبده في الإسماعيلية، وسوتها بالأرض، لأن الأهالي رفضوا تسليم الفدائيين للقوات الإنجليزية.
وتطور الأمر في يوم 25 يناير إلى معارك بين الجيش البريطاني وبلوكات النظام ( البوليس) الذي حاول حماية الأهالي، وظهرت وحشية الإنجليز وبطولة وتضحية البوليس المصري وسقط شهداء من البوليس المصري، فمثل هذا الحدث القشة التي قسمت ظهر البعير وجاء يوم 26 يناير يوم السبت يوم حريق القاهرة.
بدأت المأساة في الثانية من صباح ذلك اليوم، فتمرد عمال الطيران في مطار القاهرة تبعها تمرد بلوكات النظام، الذين زحفوا تجاه الجامعة وانجرف معهم الطلبة، واتجهوا إلى مبني رئيس الوزراء، مطالبين بقطع العلاقات الدبلوماسية مع بريطانيا وإعلان الحرب عليها، فأجابهم عبد الفتاح حسن وزير الشئون الاجتماعية بأن الوفد يرغب في ذلك، ولكن الملك يرفض، فقصد المتظاهرون قصر عابدين وانضم إليهم طلبة الأزهر وتجمعت حشود المتظاهرين الساخطين على الملك وأعوانه والإنجليز.
وما إن انتصف اليوم، حتى بدأت الشرارة الأولى للحريق من ميدان الأوبرا، وانتشرت النيران في فندق شبرد، ونادي السيارات وبنك بركليز، وغيرها من الأماكن والملاهي الليلية، التي ارتبطت بارتياد فاروق لها والمؤسسات ذات العلاقة بالمصالح البريطانية، وسادت الفوضي وأعمال السلب والنهب، وقتل اثنا عشر شخصًا ممن كانوا يتعاونون مع الاحتلال البريطاني.
وأسفر الحريق عن مقتل 26 شخصًا، وبلغ عدد المصابين بالحروق والكسور 552 شخصًا، كما أدى الحريق إلى تشريد عدة آلاف من العاملين في المنشآت التي احترقت، وليلتها اجتمع مجلس الوزراء وقرر مواجهة الموقف بإعلان الأحكام العرفية في جميع أنحاء البلاد ووقف الدراسة في المدارس والجامعات إلى أجل غير مسمى، وتم تعيين مصطفى النحاس باشا حاكمًا عسكريًا عامًا، ويعتبر حريق القاهرة هو الشرارة التي تسببت في إسراع الضباط الأحرار في القيام بالثورة بعد أقل من ستة شهور.