لم يغضب الزعيم الراحل والرئيس الأسبق محمد نجيب، من وضعه تحت الإقامة الجبرية من قبل مجلس قيادة الثورة، الذي كان الرئيس الراحل جمال عبد الناصر على رأسهم.
وكان رد الزعيم في ذلك الوقت غريبًا بعض الشئ، فرد الفعل الذي إجاب به الرحل محمد نجيب على صديقته الملازم الأول، ابتسامات، صديقة العائلة، التي كان يعتبرها في مكانة نجلته، يدل على التسامح مع النفس وقوة التفكير والذكاء الحاد في تقدير الأمور، وهذا هو بالفعل ما توصل له زوجها العقيد محمد محمد حبيب، حينما روت له عن موقف نجيب من وضعه تحت الإقامة الجبرية.
والتقت "أهل مصر" بأول ملازم سيدة في الجيش المصري ابتسامات محمد، والتي كانت قريبة من الرئيس الراحل محمد نجيب، حيث حكت الكثير من الأسرار عن الرئيس الراحل، وأعضاء مجلس قيادة الثورة، وذلك بمناسبة الذكرى الـ65 لثورة 23 يوليو.
واسترجعت أول ملازم في الجيش المصري، ذكرياتها مع الراحل محمد نجيب، وهي جالسة في شقة، تبدو من الوهلة الأولى متحفًا للجيش المصري العظيم، وقالت: "محمد نجيب عمره ما زعل بالرغم إنه بعد ما بقي رئيس أخدوا منه المنصب وحطوه تحت الإقامة الجبرية"، مشيرة إلى أن الزعيم الراحل كان سعيدًا لما وصلت إليه الثورة من نجاحات، وانقذت الشعب المصري من الفساد والاحتلال."كان بيجي لحد البيت عندي بالحراسة".. موقف آخر تذكرته الملازم أول ابتسامات في حوارها مع "أهل مصر"، موضحة أن الرئيس الراحل نجيب، بعد أن قضي فترة منع فيها من مغادرة قصر "زينب الوكيل" في منطقة المرج، سمح له بالتجول داخل البلد، ولكن تحت الحراسة المشددة، ولهذا كان يأتي دائمًا لزياراتها ولكن يرافقه في تلك الزيارات الحرس، الذي عينه مركز قيادة الثورة له.
وغلب الحزن على وجه ابتسامات عندما رأت محمد نجيب في أول لقاء بينهما بعد أن استطاع الخروج بالحرس، وهذا ما دفعها إلى قول: "أنا حزينة لما حدث لك يا أنكل محمد"، ولكن محمد نجيب كان رده: "لأ ماتزعليش.. المهم إن البلد بقت أحسن والثورة نجحت والشباب".كانت الملازم الأول ابتسامات تطلق على الزعيم "محمد نجيب" لقب "أونكل"، نتيجة حبها الشديد له، ولقرب العائلتين منذ زمن طويل، اعتبارًا أنهم من أصل سوداني.
تتذكر "ابتسامات" أن محمد نجيب كشف لها يومًا عن فرحته بالجلوس داخل قصر زينب الوكيل، فتحول حزنها عليه إلى فرحة، حيث قال وهو يجلس على الأريكة في منزلها ماسكًا البايب وينفث الدخان بكل هدوء: "أنا قاعد في قصر كبير والحرس مهتم بيا والكلب بتاعي معايا.. مش عايز حاجة أكتر من كده".
محمد نجيب الذي كان يجد من كلبه الخاص خير صديق له، لم يتوقف عن زيارة ابتسامات بعد أن استطاع الخروج من القصر بصحبة الحراسة الخاصة، ولكن خلال تلك الزيارات لم يتطرق يومًا إلى الحديث عن زوجته وأولاده، وعندما كان يأتي إليها ولا يجدها في المنزل، كان يترك لها كارت أمام باب منزلها، أو ينتظرها عند صاحبة المنزل بحجة أنه ينتظر ابنته ابتسامات.
قدم محمد نجيب العديد من الإهداءات إلى ابتسامات، منها كتب دينية، وكان في كل كتب يكتب لها كلمة من قلبه، فكتب لها ذات يوم "بعد تحياتي للسيد اللواء محمد حبيب وحرمه المصون.. إلى ابنتي العزيزة السيدة حرم السيد اللواء محمد.. أهدي هذه المجموعة من الكتب إليكي، وسأرسل غيره من كتب عن السودان"، ووقع في نهاية إهدائه "الرئيس الأول لجمهورية مصر".