عندما دقت الساعة الثانية بعد منتصف ليل اليوم السابق لثورة يوليو، قفز الزعيم الراحل محمد نجيب، من أعلى سور حديقة صديقته ابتسامات، متخفيًا لا يرغب في أن يتعرف عليه أحد.
دق باب المنزل بهدوء، ولكن خلف هذا الباب كانت الملازم الأول "ابتسامات" تجلس وحيدة، بعد أن سافر زوجها العقيد محمد محمد حبيب لأداء مهمة مكلف بها من عمله، وبمجرد أن سمعت جرس الباب يدق، تناغمت دقاته مع دقات قلبها التي اترفعت من الخوف، ولكنها كانت شجاعة وتوجهت إلى الباب داعية الله أن يكون الطارق يحمل خبرًا سعيدًا لها، ولكنها فؤجت بأن الطارق هو الراحل "محمد نجيب"، فزاد قلقها، فقال لها "أنا نجيب.. افتحي الباب بسرعة يا ابتسامات".
والتقت "أهل مصر" بأول ملازم سيدة في الجيش المصري ابتسامات محمد، والتي كانت قريبة من الرئيس الراحل محمد نجيب، حيث حكت الكثير من الأسرار عن الرئيس الراحل، وأعضاء مجلس قيادة الثورة، وذلك بمناسبة الذكرى الـ65 لثورة 23 يوليو.تروي ابتسامات أنها فتحت الباب ودخل الراحل محمد نجيب، ووضع أمامها "شنطة سوداء"، وطلب منها أن تخفيها في مكان لا يعرفه أحد، وأكملت قائلة: "قالي الشنطة ده تخبيها كويس ومش عايز حد يعرف عنها حاجة ابدًا.. لحد لما اخدها منك".
وتذكرت الملازم الأول أنها كانت فضولية في ذلك الوقت، وأصرت أن يكشف لها محمد نجيب عن محتوى الشنطة قبل أن تخفيها، فكان رده عليها: "بلاش الحشرية بتاعتك ده دلوقتي وخبي الشنطة، ومحدش لازم يعرف اني جتلك في الوقت ده واديتك شنطة"، ولكنها أصرت على أن تعرف محتوي الشنطة، فاستسلم نجيب وقال لها: "يا ستي الشنطة فيها ورق خاص بحرس الحدود وانتخابات نادى الضباط".واسترجعت أول ملازم في الجيش المصري، ذكرياته عن تلك الليلة التي عاد فيها نجيب لأخذ الشنطة منها، فقالت: "تاني يوم نجيب جه أخد الشنطة وكان وقت العصر.. ومعرفتش حاجة تاني بعدها.. وبعدها بيوم بالظبط الثورة قامت.. وعرفت أن أونكل نجيب بقي أول رئيس لمصر".
"أونكل نجيب انشغل عني في الفترة اللى مسك فيها الرئاسة" قالت ابتسامات هذه الجملة وهي حزينة لبعد محمد نجيب عنها في فترة توليه رئاسة مصر، ولكنها عبرت في نفس اللحظة عن فرحتها لأن الرئيس الراحل إهداها كتابين، وكتب في كل كتاب إهداء خاص لها ولزوجها العقيد الراحل محمد محمد حبيب.وتروي الملازم الأول، أن الراحل محمد نجيب لم يستمر طويلًا في رئاسة مصر، وسرعان ما تم اعتقاله، ووضع تحت الإقامة الجبرية.وتذكرت موقف لها عندما رأت صورة في جريدة التقطت أثناء إلقاء القبض على محمد نجيب، ودفعها تذكر تفاصيل هذا الموقف إلى قول: "أنا شوفت صورة لأونكل محمد وهو مقبوض عليها عشان يروح قصر زينب الوكيل ويتحط تحت الإقامة الجبرية.. وكان يا حبيبي مخضوض من اللى بيحصله وأنا وقتها زعلت اوي".
وفتحت ابتسامات صندوق أسرارها مع الراحل محمد نجيب على مصرعيه، لتروي إجابة نجيب على سؤال دفعها فضولها إلى طرحه عليه في أول لقاء بينهم بعد السماح له بالخروج والتجول في كافة أنحاء الجمهورية ولكن بصحبة الحرس الخاص، فقالت: "سألته هما ليه حطوك تحت الإقامة الجبرية يا أونكل محمد"، فرد نجيب عليها: "هما عملوا فيا كده لما اقترحت على مجلس قيادة الثورة أنه المفروض نسيب الحكم للمدنيين ونجري انتخابات عشان يمسك مصر شخص مدني، وخصوصًا أننا سيطرنا على كل المنشآت والأوضاع الحمد لله استقرت، وكده لازم نرجع لمهمتنا الأساسية اللى هي نحافظ على حدود مصر وأمنها".