علاقة شديدة التعقيد جمعت بين "أشرس الضباط" بحسب ما كان يعرف عنه وسط الضباط الأحرار، والزعيم الراحل جمال عبدالناصر، فكانت تجمعهم صداقة شديدة، ثم انقلب هذا رأسا على عقب وأصبح على خلاف شديد مع عبدالناصر أدى إلى سحب البساط من تحت قدميه.
وترصد "أهل مصر" في التقرير التالي، ملامح من حياة الضابط صلاح سالم، الذي لم يتبقى من اسمه سوى الشارع الشهير..
- بداية تعرفه على جمال عبد الناصر:
تعرف على جمال عبد الناصر أثناء حصار كتيبته في الفالوجة، أثناء مشاركته في حرب فلسطين، وانضم إلى الضباط الأحرار، وكان عضوًا في اللجنة التنفيذية لـ"مجلس قيادة الثورة"، وعندما قامت ثورة 23 يوليو 1952 كان متواجدًا في العريش، مكلفًا بالسيطرة على القوات المتواجدة هناك.
كان لا يعرف بالشده ألا فيما يتعلق بالثورة نفسها، ةيصغر (صلاح سالم )أخاه (جمال سالم) عضو مجلس قيادة الثورة أيضا، فهما أخوان انضما معًا إلى تنظيم الضباط الأحرار، أحدهما متطرفًا في أفكاره، منحازًا بكل ما يملك إلى عبدالناصر دون السادات، والآخر وديعًا بعض الشئ، لم ينجرف وراء قرارات القيادة بشكل أهوج، بل كان معارضًا لقرار "ناصر" بتأميم قناة السويس حتى كانت العداوة المتخفية بينهما.
- ملف السودان
عهد إليه بملف السودان منذ بداية الثورة، للدخول في مفاوضات مع الإنجليز الذين كانوا يسيطرون على السودان، وتم التوصل معهم إلى اتفاق فبراير1953 الذي يقضي بتحديد فترة انتقالية يتوافر فيها للسودان الحكم الذاتي، وتأليف جمعية تأسيسية عن طريق الانتخاب تختار إما ارتباط السودان بمصر على أي صورة أو الاستقلال التام والانفصال.
راهن على اختيار السودان الارتباط بمصر، وسافر إليها عام 1954 ليكون أول مسؤول مصري يصل إلي جنوب السودان ويقلدهم في عاداتهم التي كان أشهرها الرقص شبه عار، ومع ذلك لم ينجح في مهمته؛ حيث اختار السودانيون الاستقلال والانفصال عن مصر، ولهذا قدم استقالته في 31 أغسطس 1955 من منصب وزير الإرشاد القومي "الإعلام»"، وبعد فترة قصيرة عاد ثانية إلى منصبه الوزاري.
- معارضته لتأميم القناة:
عندما أمم جمال عبد الناصر قناة السويس، كان صلاح سالم الوحيد من بين ضباط الثورة الذي عارض موقفه بعد التأميم، خوفًا من موقف الدول الكبري ضد مصر، وكان رأيه أن يضحي "عبد الناصر" ويقدم استقالته لإنقاذ مصر مما يمكن أن تواجهه.
حمل "عبد الناصر" لصلاح سالم موقفه المعارض لقرار التأميم، رغم عدوله عنه بعد ذلك وفي أول تعديل وزاري خرج من وزارة الإرشاد، وتولي رئاسة تحرير "الجمهورية".
- سر النظارة السوداء:
كان دائم الارتداء للنظارة السوداء، حتى في الاجتماعات الرسمية ولكن ما لا يعرفه الناس، أن سر ارتدائه للنظارة السوداء هو سبب طبي فالنظارة طبية وليست شمسية.
وكثرت حوله بعض الشائعات حول علاقته بالأميرة فايزة شقيقة الملك فاروق، وفي هذا الوقت دارت القصص والروايات الشبيهة بالأفلام السينيمائية ولم يكشف التاريخ حتى الآن ما وراء هذه الشائعات.
- مرضه:
عانى في أواخر أيامه من الفشل الكلوي، لم تكن تعرف مصر في هذه الفتره أجهزة الغسيل الكلوي، فكان يذهب للخارج لإجراء الغسيل الكلوى، وتم استيراد أول جهاز للغسيل الكلوى في مصر من أجله، ولكن لم يكتب له الشفاء فظل حبيسا بمستشفى المعادى إلى أن وافته المنية، ضحية لجهل المستشفى بالعمل على هذه الأجهزة الحديثة آنذاك.
- وفاته:
وافته المنية في 18 فبراير 1962 عن عمر ناهز الـ42 سنة متأثرًا بمرضه، ليكون أول عضو يموت من بين أعضاء مجلس قيادة الثورة.
أقيمت له جنازة مهيبة تقدمها جمال عبد الناصر، بدأت من جامع "شركس" بجوار وزارة الأوقاف وصولًا إلى ميدان إبراهيم باشا.
أثناء تشييع جثمانه، كان عبد اللطيف بغدادي يقوم بإنشاء طريق الكورنيش، والطريق الجديد الذي التهم جزءًا من المقطم، وامتد في مدينة نصر الحالية، وعند وفاته أطلق اسم «صلاح سالم» على هذا الطريق الجديد الذي أصبح من أشهر شوارع مصر.
وبالرغم من العلاقة المتوترة التي كانت بيه وبين عبد الناصر، فشاء القدر أن يجمعهم علاقة نسب ولكن بعد رحيلهم فتزوجت أمنية حفيده صلاح سالم من جمال ابن الأخ الأكبر لجمال عبد الناصر.