«صلاح حسين استشهد بعد 14 سنة من الثورة، وده معناه أن لسه فيه رجعية».. بهذه الكلمات نعى الرئيس جمال عبد الناصر، صديقه البكباشى صلاح حسين زعيم ثورة الفلاحيين، فى خطابة الأول فى عيد أول مايو 1967، بعد ان اغتالته يد الإقطاعيين أثناء سيرة مع عدد من الأهالي، بوسط قرية كمشيش التابعة لمركز تلا بالمنوفية، لتتحول ذكراه إلى اجتماع سنوى لأهالي المحافظة.
ولد صلاح حسين لأم بسيطة، تبرعت لصالح تمويل رحلة سعد باشا زغلول والوفد المرافق له، لحضور مؤتمر فرساى، وعلى نفس الخطى عاش نجلها صلاح حسين، محبا للوطن ومدافعا عن مشاكل الفلاحيين وهمومهم.
انضم إلى ثورة 23 يوليو، عقب إعلانها، وخرج فى مظاهرات لمدينة شبين الكوم تهتف برحيل الملك.
البداية
كانت البداية عندما عاد صلاح من فلسطين بعد مشاركته في صفوف الفدائيين العرب، واتجهت أنظاره إلى الداخل، وتحديدًا إلى قريته "كمشيش"، والتي ضمت أبشع أنواع الإقطاع في ذلك العصر ممثلًا في عائلة "الفقي" التي كانت تمتلك الأرض ومن عليها من فلاحين بسطاء، لها خفراؤها وسجونها، وتقيم أبشع أنظمة السخرة وإرغام الفلاحين على العمل في أرض الإقطاعيين بدون أجر وتقديم بناتهم للعمل في قصورهم.
وبدأ صلاح حسين نضاله مع أبناء قريته من الطلبة لمناهضة عائلة الفقي، والذي قال عنهم، "هبت روح الثورة عاتية على مجتمعنا القديم وخرج الطلبة في شوارع شبين الكوم يهتفون "إلى أنقرة يا ابن المرة عقب هزيمتنا في فلسطين، وكان لابد أن نتأثر بهذا التيار وكان الطلبة في هذه الحالة هم القوة الثورية التي يمكن أن تبتدئ العمل الثوري".
العقبات التى واجهته
كانت أولى العقبات أمام صلاح حسين ورفاقه هو كيفية التواصل مع الفلاحين، وفي عزاء لإحدى قيادات الفلاحين المرتبطين بمجموعة صلاح حسين، قررت المجموعة استغلال مناسبة في تحريض الفلاحين، ووقف صلاح حسين في السرادق مؤبنًا ومحرضًا، "أيها الفلاحون ارفضوا السخرة طالبوا بأراضيكم المغتصبة عيشوا أحرارًا فوق أرضيكم" واكتسب تنظيم صلاح حسين ثقة الفلاحين حيث استطاع عبر قيادته لهم في الأيام التالية أن ينهي وإلى الأبد علاقة العمل بالسخرة في أراضي الفقي.
وفى 1956 شكل كتيبة من فلاحى كمشيش لمواجهة العدوان الثلاثي.. قائد ثورة الفلاحين ضد الإقطاع
بدأ فلاحو كمشيش في مهاجمة أسرة الفقي، وكانت بداية الأحداث هو ما أطلق عليه اسم "معركة المال"، حيث كانت هناك ترعة قد شقتها الأسرة بالقوة داخل بعض أراضي صغار الملاك لتسهيل ري أراضيها. وقرر صغار الملاك ردم الترعة، فخرج عليهم رجال الأسرة وأعوانهم بالسلاح وأدى الأمر إلى إصابة 17 فلاحًا.
اغتياله
في 30 أبريل 1966، اغتيل صلاح حسين وهو يسير في كمشيش وسط عدد من رفاقه، وتحولت ذكرى استشهاده إلى مؤتمر سنوي للقوى والحركات الثورية بقرية كمشيش يحضره نخبة من الشعراء والفنانين والعديد من الرموز السياسية والفنية مثل عبدالصبور منير، والأبنودي، وسيد حجاب، وزين العابدين فؤاد، وأحمد فؤاد نجم، والشيخ إمام عيسى، وعشرات غيرهم يمثلون النبض الحقيقي للشعب المصري.
وفي الثلاثين من أبريل من كل عام يقام الاحتفال السنوي فى قرية" كمشيش" بذكرى شهيد الفلاحين المناضل "صلاح حسين" الذي دفع حياته دفاعا عن أبناء وطنه الأكثر فقرًا ومعاناة، والذي تحرص على تنظيمه رفيقة دربة المناضلة شاهندة مقلد التي استكملت مسيرة نضال زوجها وأقامت مؤتمرات صحفية بشكل سنوي في يوم وفاة زوجها لإحياء ذكرى استشهاده وبحث قضايا الفلاحين والقضايا السياسية على الساحة المصرية.