عاد الحديث من جديد عن زيادة متوقعة فى أسعار الأدوية، على الرغم من تحريكها بشكل كبير مؤخرًا عقب الأزمة الحادة بين وزارة الصحة ولوبى الشركات الخاصة المصنعة للأدوية، ويرى خبراء الأدوية أن مجرد الحديث عن الزيادة يعد مؤشرًا عما يدور فى كواليس مافيا الأدوية، ويعكس الرغبة فى إقرار زيادة جديدة، فى القريب العاجل، خاصة أن ثمة طرف خفى يضغط فى كل أزمة من أجل مزيد من الأرباح، دون مراعاة لظروف المرضى الفقراء، ممن أصبح الحصول على الدواء أصعب عليهم من المرض ذاته.
على عوف رئيس شعبة الأدوية بالاتحاد العام للغرف، كشف عن كواليس صراع ارتفاع الأسعار خلال الفترة المقبلة، والمشاكل التى يواجها القطاع خلال الفترة الحالية، وما هى الطرق التى يتم اتخاذها للارتقاء بالمنظومة الدوائية فى مصر، وكشف "عوف" النقاب أيضًا عن ضغوط تمارسها الشركات المستوردة عن طريق حجب الأدوية من أجل لى ذراع الحكومة للموافقة على زيادة جديدة تعزز من أرباحهم.. وإلى نص الحوار..
- بعد توقعات ارتفاع الأسعار إلى أين تتجه صناعة الأدوية فى الفترة المقبلة؟
لا يوجد أى نية لرفع الأسعار، فى الوقت الحالى وقطاع الدواء مستمر فى الإنتاج، ولا يوجد مشاكل فى خطوط التصنيع والتعبئة.
- ما هى مشاكل قطاع الدواء فى الفترات السابقة؟
يوجد مشاكل داخل القطاع، كتأخير التسجيل والتسعير بأسعار لا تتناسب مع التكلفة، فخلقت صعوبات فى التسجيل بالمدد الطويلة، فتسجيل الدواء يأخد 4-5 سنوات، وبعد خمس سنوات تظهر تركيبات أخرى، وأصبحت التركيبات التى صرف عليها مبالغ طائلة قديمة، وهى مشكلة والسبب هو التسجيل والتسعير.
- ما هى خطوات طرح الأدوية فى الأسواق؟
تتواجد الأدوية فى الأسواق طبقا لشروط التسجيل والتسويق وجودة المادة الخام التى يفحصها الصيدلى وجودة الصناعة، وهذا يتم بواسطه وزارة الصحة، وبهذا يكون المنتج رسميًا ومطابقًا للمواصفات، ولكن تحديد سعر الدواء وارتفاع التكلفة الإنتاجية يتسببان فى التلاعب فى الأدوية وغشها، فاذا كان هناك دواء نسبة مبيعاته مرتفعة وبسبب معوقات وزارة الصحة الدواء غاب عن السوق، هنا يفتح الباب أمام شركات بير السلم، لكى تقوم بدورها فى تصنيع المنتج بعيدًا عن وزارة الصحة وبسعر أقل ويتواجد داخل الصيدليات.
- كم بلغت نسبة الأدوية المغشوشة فى الأسواق؟
لا توجد نسبة واضحة للأدوية المغشوشة، لأنه لا توجد إحصائيات ثابتة.
- أين دور التفتيش الصيدلى؟
عندما تصل إلى التفتيش الصيدلى إخبارية بوجود دواء مغشوش يتم النزول لمكان الإخبارية وعمل الفحص الكامل والتحليل الكيميائى، حيث إنه بدون التحليل الكيميائى لا نستطيع معرفة ما إذا كان الدواء مغشوشًا أم لا، فالصيدلى لا يستطيع أن يحلله ولا التفتيش الصيدلى، حيث إنه يوجد نحو 3000-5000 دواء موجودة فى السوق، أما التفتيش الصيدلى فيقوم بأخذ عينات عشوائية للفحص بأخذ أى علبة موجودة داخل الصيدلية ويطلب الفاتوره أو يكون المفتش لديه منشور يبين من خلاله النشرة الدورية الموجودة معه بأن الدواء كذا مغشوش، وبناء عليه يقوم بتحريز الدواء المغشوش من خلال تقارير مقبلة للتفتيش الصيدلى.
- ماذا عن التعقب الدوائى وهل تضبط المنظومة خلال المرحلة المقبلة؟
عملية التعقب الدوائى يتم تنفيذها بداية من العام المقبل من خلال منظومة التتبع، والتى يتم دراستها حاليًا، حيث إنه تحد بنسبة 80 % من تواجد الأدوية المغشوشة داخل الصيدليات، ولن تمنع تواجد الأدوية المغشوشة، ولكنها تقلل منها، حيث إنها ستتم من خلال وضع باركود على العلبة، وبعدها العلبة تذهب للموزع ليقوم بتسجلها، بعدها تذهب للصيدلى،ومن خلال عمل مسح ضوئى "سكان" للعلبة تظهر بيانات العلبة عند وزارة الصحة والمصنع المنتج لها، فمن خلال الباركود يتم قراءة ما إذا كانت العلبة التى يتم بيعها سليمة أم لا، وتباع فى أى صيدلية وفى أى مكان.
- ترددت أخبار عن ارتفاع أسعار الأدوية بنسبة 50 % ما صحة ذلك؟
هذا الكلام غير صحيح، ولا نعلم قيمة ارتفاع الأسعار فى الفترة المقبلة، ففى يناير 2017 وزير الصحة أعلن عن تحريك أسعار الدواء، حيث إنه تم رفع سعر الدواء اللى فوق 50 جنيهًا لنحو 40 % والأقل من 50 جنيهًا زاد 50%، ونسبة الخمسين فى المائة ليست على سعر الدواء، إنما على فرق سعر الدولار، حيث إن سعر الدواء أعلى من خمسين جنيهًا زاد 5 جنيهات، والأقل من خمسين جنيهًا زاد 4.5 جنيه، نتيجة أن سعر الدولار ارتفع من 9 جنيهات إلى 18 جنيهًا، والفارق بينهما نحو 9 جنيهات، فتكون الزيادة بمقدار الزيادة فى الدولار، وليس سعر الدواء النهائى، والمواد الخام حدث بها ارتفاع.
- هل معنى ذلك أن هناك ارتفاعًا فى الأسعار نتيجة ارتفاع مدخلات الإنتاج والقيمة المضافة؟
القيمة المضافة بنسبة 1% ستكون على مدخلات الإنتاج، ما يرفع من قيمة مدخلات الإنتاج، وسعر الدواء لن يتحرك خلال الفترة المقبلة سوى بموافقة وزارة الصحة، ففى زيادة ينايرالماضى اعترضت نقابة الصيادلة ولجنة الصحة فى البرلمان على أسعار الدواء، نتيجة لمطالبتهم أولًا بمراجعة الأسعار، بحيث إذا كانت هناك منتجات تحتاج الزيادة، يتم رفع أسعارها، وإذا كانت هناك منتجات سعرها مبالغ فيه يتم خفض أسعارها، بالتالى الوزير وعد بتشكيل لجنة لمراجعة الأسعار، وهى تراجع حاليًا 12 ألف صنف من الدواء، وبناء على عمل اللجنة سيتم تحديد الأسعار خلال الفترات المقبلة.
- متى تنتهى اللجنة من عمل مراجعة الأسعار؟
اللجنة قامت بمراجعة منذ شهر مارس الماضى لنحو 1400 صنف فقط خلال أربعة شهور، ومن المتوقع أن تنتهى اللجنة من عملها بعد أكثر من عام، وبعدها يتم تحديد الأسعار.
- هل تأثرت أسعار الأدوية بارتفاع أسعار الوقود؟
أسعار الوقود أثرت بالفعل فى أسعار الأدوية، ولكن ليست بنسبة كبيرة، فأسعار الكهرباء ارتفعت على المصانع، وكذلك أسعار السولار .
- البعض يقول إن شركات الأدوية تتحكم فى وزارة الصحة وتفرض عليها ارتفاع الأسعار، فهل هذا صحيح ؟
لا يوجد سلطة على أى وزارة، القصة أن مجلس الوزراء تفهم أنه يوجد مشكلة فى صناعة الأدوية فقام بتشكيل لجنة بقرار"888" تنعقد اللجنة كل أسبوع فى الإدارة المركزية لتوفير الدولار، لأن الدولار وقتها وصل لـ18 جنيهًا، قبل تعويم الجنيه فى 3 نوفمبر، وأثناء تعويم الجنيه وزير الصحة أعلن أنه لا يستطيع إعطاء دولار مدعوم بـ888، وبدأنا بالبحث عن حلول للتغلب على تلك المشكلة، وكان هناك مشكلة أن مخزون البلد فى المواد الخام يكفى لشهر فبراير، بالتالى ظهرت مشكلة نقص الدواء، وكان لابد من حصول آلية بتحريك السعر، وبناء عليه بدأت دراسة ارتفاع الأسعار، فسعر الدولار كان يسجل 9 جنيهات قبل التعويم، وبعد التعويم أصبح18 جنيهًا، المفترض أن تكون الزيادة بنسبة 100%.
- هل هناك اتفاق بين وزارة الصحة والشركات على زيادة الأسعار؟
لا يوجد اتفاق بين شركات الأدوية ووزارة الصحة على ارتفاع أسعار الأدوية فى شهر يوليو، إنما وزير الصحة أكد على مراجعة القيمة الدولارية لمجموعة من الأدوية فى شهرمايو ويونيو ويوليو، وبناء على ارتفاع سعر الدولار يتم التعامل، وهل المجموعة زادت أم لا؟ وفى حالة ارتفع الدولارعن 18 جنيهًا يتم مراجعة سعر تلك المجموعة من الأدوية، وفى حالة قل الدولار عن 18 جنيهًا سوف ينزل سعر المجموعة، وهكذا.
- أحد أعضاء غرفة صناعة الدواء صرح بعودة ظاهرة نقص الأدوية.. هل يعد ذلك ضغطًا من الشركات لزيادة الأسعار خلال الفترة المقبلة؟
لا أعتقد أنه ضغط من الشركات لزيادة الأسعار خلال الفترة المقبلة لسبب رئيس، وهو رفع أسعار 3 آلاف صنف دوائى من الأدوية الاستراتيجية، وهى تمثل نسبة 80 % من استهلاك الأدوية، ونقص تلك الأدوية يؤدى لمعاناة المرضى، بالفعل هناك نقص فى الأدوية، سواء كانت مستوردة أم مصنعة، فالمصنعة ذات النقص داخل السوق، ليست فى الأدوية الاستراتيجية، وذات البعد الحيوى ويوجد لها بدائل، أما الشركات الدولية تضغط على الحكومة لزيادة الأسعار، لأنها لم ترفع الأسعار سوى فى 15 % من منتجاتها، فهى محاولة لزيادة الأسعار، والنقص الحادث من الأدوية المستوردة، فالمستثمرون الأجانب لا يفرق معهم القضية المصرية، فهو يبحث عن الربح المادى.
- كم يبلغ عدد الشركات الأجنبية التى تعمل داخل السوق المصرية؟
نحو 60 % من حجم تجارة الدواء داخل مصر، فالأجانب يسيطرون على قطاع الدواء، وهذا يعد إحدى سياسات وزارة الصحة الخاطئة، فهى لا تدعم الدواء المصرى، ويجب أن تفهم أن المنتج المحلى هو الذى يقف بجانب الدولة، وعليها دعمه خلال الفترة المقبلة، فهو أمان البلد، فمثلًا مصر عالجت أكثر من مليون حالة فيرس سى بالمنتج المحلى، الذى وصل سعره 600 جنيه، مقارنة بثمن المنتج الأجنبى 28 ألف دولار.
- هل ترى أن الحكومة تخدم الأجانب والصناعة الأجنبية على حساب الصناعة المحلية؟
السياسات التى تم وضعها منذ فترة تخدم كبار وأباطرة الصناعة، والدليل على ذلك المنتج الأجنبى يتم تسعيره بنحو 100 جنيه والمحلى 5 جنيهات، والقرار الوزارى رقم 820 للحصول على الموافقات الأمريكية والأوروبية، حيث إنها تسلم لكبار الأباطرة والمحتكرين فى نحو شهرين، والمصنع المحلى والصغير يتسلمها فى نحو 5 أو 6 سنوات، والمعادلة مقلوبة، وعلى وزارة الصحة ضرورة النظر بطريقة صحيحة، حيث إنه لا أمان سوى للصناعة المحلية التى تصنع داخل مصر.
- ما حجم تصدير الأدوية المحلية للخارج؟
يبلغ حجم تصدير المنتجات الدوائية للخارج بنحو 250 مليون دولار.
- ما نسبة نقص الأدوية المستوردة داخل الصيدليات؟
النسبة ليست كبيرة، فهى تصل لنحو 20 % من الأدوية المستوردة، أما المحلى الأدوية المنقوصة لها بدائل.
- فى رأيك لماذا تعانى صناعة الدواء المصرى؟
بسبب الروتين العقيم لدى وزارة الصحة وعدم وجود سياسة وخريطة لصناعة الدواء، وافتقاد استراتيجية واضحة، وعدم وجود إدارة مركزية لشئون الصيدلة، مع عدم التعامل مع ملف الدواء، والأخطر من هذا إلغاء وزير الصحة لمنصب مساعد وزير الصحة لشؤون الصيدلة، وهذا الإلغاء أضر كثيرًا بالصناعة.
نقلا عن العدد الورقي.