اعلان

ذكرى "تأميم قناة السويس".. هؤلاء شاركوا فى صناعة القرار.. "يونس والحناوى ومشهور" أبرز الشخصيات.. و"المخابرات العامة" كشفت مخططات الغرب

تأميم شركة قناة السويس، القرار الذى استقبله المصريون باحتفاء كبير في كل ميادين الجمهورية، وكان بمثابة طلقة نارية قتلت دول الغرب.

في يوم 27 يوليو 1956، بات العالم غير الذي قبله بساعات قليلة، والتي أعلن فيها جمال عبدالناصر تأميم قناة السويس، فعواصم العالم الكبرى مشغولة برد الفعل على هذه الخطوة التي علق عليها أنتونى إيدن، رئيس الوزراء البريطاني، غاضبًا من عبدالناصر: "لقد ذهتأميم شركة قناة السويس، القرار الذى استقبله المصريون باحتفاء كبير فى كل ميادين الجمهورية، وكان بمثابة طلقة نارية قتلت دول الغرب، فى يوم 27 يوليو 1956، بات العالم غير الذى كان قبله بساعات قليلة، والتى أعلن فيها جمال عبدالناصر تأميم قناة السويس.

وفى هذا التقرير نرصد بعض الشخصيات الى كان لها دور بارز فى قرار التأميم..

"مصطفى الحفناوى"

يقودنا الحديث عن قناة السويس إلى ذكر سيرة الدكتور مصطفى الحفناوى، وهو صاحب المؤلف المهم الذى يقع فى أربعة أجزاء عن قناة السويس، ويعد أوفى المؤلفات وأدقها وأكثرها شمولًا، وحسنًا فعلتا كل من هيئة قصور الثقافة "ذاكرة الكتابة" والهيئة العامة للكتاب فى سلسلة "مكتبة الأسرة" حين أعادا إصدار كتاب «قناة السويس ومشكلاتها المعاصرة» للدكتور مصطفى الحفناوى، فالكتاب من الأهمية بمكان، حيث يعد المصدر الرئيسى والشامل عن قصة قناة السويس وما مرت به من مراحل، والمشاكل القانونية التى أحاطت بالمشروع منذ ضربة أول معول إلى ما قبل التأميم وتوابعه.

ووفق ما كتبه الكاتب الصحفى رشاد كامل أن الصدفة كانت وراء عشق د. مصطفى الحفناوى واهتمامه بموضوع قناة السويس، ففى عام 1946 وكان وقتها هو محامى شركة "قناطر إسنا" ودعته لزيارة لندن بالباخرة، وكان هو المصرى الوحيد بين الركاب، وتصادف أن شاهد مواطنًا إنجليزيًا يتصدر المائدة فى الصباح، ويقص على المسافرين أمورًا عن قناة السويس بلغة جارحة لمصر والمصريين، وغضب الحفناوى، وقال للرجل بهدوء: إن امتياز الشركة سينتهى فى عام 1968 وبعدها تسترد مصر قناتها، وثار الرجل وشاركه فى هياجه الأجانب الذين كانوا ينصتون لحديثه، وانسحب من المائدة من فرط الإهانة التى لحقت به حتى وصل إلى لندن.

ويقول الحفناوى: طلبت من أحد مرافقى أن يصحبنى إلى أكسفورد لنشترى الكتب، ولما سألنى أى لون من الكتب أريد؟ قلت: أريد أن اشترى كتابًا عن قناة السويس، فإذا بالرجل يصطحبنى إلى دار من دور المحفوظات التاريخية، كان موظفًا فيها، وهى خاصة بمحفوظات قديمة عن قناة السويس ويتردد عليها الباحثون، فما أن تصفحت أول ملف إلا وألقى فى قلبى أن الله تعالى هو الذى رتب كل هذا، وقررت فورًا أن التحق بجامعة أوروبية لدراسة القانون الدولى دراسة متخصص يعد رسالة علمية عن قناة السويس ويدافع فيها عن بلاده.

"محمود يونس"

فى واحدة من أحرج المراحل السياسية والوطنية التى مرت بها مصر برز هذا الرجل، ليقوم بمهمة فى غاية الحساسية ولا تحتمل الفشل، حيث كان محط رهان من الجميع هو ورجاله فى تنفيذ قرار مصيرى كان حتميًا، رغم كونه ينطوى على مغامرة كبرى، هذا هو محمود يونس مهندس عملية تأميم قناة السويس، ولو لم يكن فى تاريخ هذا الرجل سوى قيامه بمهمة تسلمه القناة بعد تأميمها وإدارتها بدلًا من المرشدين الأجانب لكفاه ذلك شرفًا.

أما عن دوره فى ليلة تأميم القناة، فنتركه يتحدث عنه من واقع مذكراته التى نشرتها مجلة الإذاعة عام ١٩٥٨ تحت عنوان «عصير حياتى»، إذ قال: «فى ليلة التأميم كنا ثلاث مجموعات، إحداها رئيسية فى الإسماعيلية والثانية فى السويس والثالثة فى بورسعيد، وكنت على رأس مجموعة الإسماعيلية، ولم يكن أحد يعلم سر المهمة فى المجموعات الثلاث غيرى وعبدالحميد أبوبكر وعادل عزت، ووصلنا الإسماعيلية بعد ظهر يوم التأميم، فلما خطب ناصر فى الإسكندرية وقال كلمة ديليسبس، ثم قال: «والآن إخوان لكم..»، دخلت مع المجموعة مبنى الشركة واستدعيت المسؤولين، وأبلغتهم قرار التأميم بالعربية، وانهاروا أمامى وطلبوا منى تأمين حياتهم.

المهندس "محمد عزت عادل"

عمل فى وظيفة مدنية، هى سكرتير عام مساعد لهيئة البترول، والتى كان رئيسها فى ذلك الوقت المهندس محمود يونس رحمه الله، وكان عمره لم يتجاوز الـ ٣١ عامًا، وقال "عادل" فى أحد الحوارات الصحفية، كنا وقتها نخدم كضباط بالقوات المسلحة، فى سلاح المهندسين وأحمل رتبة «يوزباشى»، والمهندس محمود يونس كان يحمل رتبة مقدم، ووقتها وتحديدًا يوم ٢٣ يوليو ١٩٥٦ اختارنى يونس وأبلغنى أن الرئيس عبدالناصر قرر تأميم المجرى الملاحى للقناة، وتقرر اختيارى معه والمهندس عبدالحميد أبوبكر لإتمام العملية، وبالفعل اتخذ القرار أن هؤلاء الثلاثة هم المثلث المسؤول عن التنفيذ، والسيطرة على كل الأماكن الحساسة بالشركة التى كانت فى يد الأجانب وقتها.

وقال: "بدأنا يوم ٢٣ يوليو ١٩٥٦ فى إعداد خطة التأميم بالفعل، فى سرية تامة نحن الثلاثة، حيث أكد لنا عبدالناصر أن هذا الخبر لو تسرب أو أذيع وعرفته أى جهة أو شخص غيرنا، فسوف تضيع القناة للأبد من مصر، لأن المنطقة التى توجد بها القناة، يتواجد فيها القوات البريطانية، التى ترتدى ملابس مدنية فى مدن القناة، بالإضافة إلى وجود الشركة الفرنسية، وهى شركة قناة السويس العالمية، التى تقوم بتنظيم العمل فى المجرى الملاحى للقناة، وأعمال الإبحار والإرشاد، إلى جانب المخابرات الفرنسية، وفى حالة إعلان هذا السر ومعرفته، فى أى حال من الأحوال سوف تفشل عملية التأميم بالكامل، ووقتها تخسر مصر المجرى الملاحى إلى الأبد، لذلك كان القرار «سرى للغاية»".

وأضاف "رتب عبدالناصر أنه سوف يعلن خبر التأميم خلال خطبته التى سوف يلقيها فى الإسكندرية يوم ٢٦ يوليو ١٩٥٦، أى لم يكن أمامنا إلا أقل من ٧٠ ساعة تقريبًا للعمل وتنفيذ خطة التأميم، وهى مدة قصيرة للغاية للإعداد والتنفيذ، قبل أن يعلن عبدالناصر قرار التأميم بميدان المنشية، وكان رد مجموعة التأميم على الرئيس أنه لا يستطيع ٣ أشخاص فقط أن يتحكموا فى جميع مقرات الشركة العالمية لقناة السويس فى محافظات القناة «بورسعيد، والإسماعيلية، والسويس»، والتى يبلغ طولها ١٩٢ كيلو مترًا، وكان رد الرئيس جمال عبدالناصر بأن نقوم باختيار المجموعة التى نريدها للعمل معنا فى العملية، ولكن دون أن يعلم أى شخص من مجموعات العمل ما هى طبيعة المأمورية أو العمل الذى سوف يقومون به، حفاظًا على سرية المأمورية وعدم تعرضها للفشل فى حالة تسريب أى معلومات أو أخبار عنها".

"بهجت بدوى"

يعد حلمى محمد بهجت بدوى أول رئيس مصرى لهيئة قناة السويس الموجودة بالإسماعيلية، حيث تولى من يوليو عام 1956 حتى يوليو 1957م بالقضاء المختلط، ومستشارًا بمجلس الدولة ووكيلًا للبنك العقارى المصرى 1947.

"مشهور أحمد مشهور"

تولى المهندس مشهور أحمد مشهور فى شهر أكتوبر عام 1965 حتى ديسمبر 1983، ويعد مشهور واحدًا من ثلاثة عهد إليهم الرئيس جمال عبدالناصر بتنفيذ خطة تأميم هيئة قناة السويس وإدارتها، بعد انسحاب المرشدين الأجانب، حتى لا تتأثر حركة الملاحة فى القناة عقب التأميم وأغلقت قناة السويس عام 1967 نتيجة للعدوان الإسرائيلى واحتلال إسرائيل لسيناء.

عاد المهندس مشهور أحمد مشهور إلى رئاسة هيئة قناة السويس، بعد أن قرر الرئيس محمد أنور السادات إعادة افتتاح قناة السويس أمام الملاحة العالمية فى 5 يونيو 1975، نتيجة لنصر أكتوبر الذى حققته مصر فى أكتوبر عام،1973 وحصل المهندس مشهور على نيشان الجمهورية من الدرجة الأولى عام 1978 ثم وشاح النيل عام 1980 وقلادة الشرف من الرئيس الفرنسى عام 1977م.

دور المخابرات العامة

بعد إعلان تأميم شركة قناة السويس فى 26 يوليو 1956 ظهر جليًا احتمال قيام بعض الدول الغربية بأعمال عدوانية ضد مصر، وكانت المعلومات المتوفرة لدى المخابرات العامة المصرية والمخابرات العسكرية ومصادر مصر المختلفة للحصول على المعلومات، تشير إلى تجمع قوات بريطانية فى قبرص ومالطة وليبيا، علاوة على تجمع قوات أخرى فى العقبة وقوات بحرية من الأسطول السادس الأمريكى فى شرق البحر الأبيض المتوسط.

فيكشف الفريق حافظ إسماعيل على صفحة 52 من كتابه "11" سر ما حدث " فور إعلان عبدالناصر يوم 26 يوليو 1956 تأميم شركة قناة السويس، تم فى الإسكندرية عقد اجتماع عسكرى خلال اليوم التالى للتأميم لهيئة أركان الحرب المصرية وللقيادة العامة القوات المسلحة برئاسة عبدالناصر، وكان التقدير المبدئى أن منطقة القناة والقاعدة البريطانية ستكونان الهدف العسكرى المباشر لأى تعرض تقرره بريطانيا، وبمراجعة موقف قواتها فى القواعد الواقعة فى مدى الضرب من منطقة القناة "قبرص ومالطة وليبيا وميناء العقبة".

قدرت القيادة العسكرية فى اجتماعها، إمكان القيادة البريطانية البريطانية القيام بعملية سريعة ذات هدف محدود، ولما كانت القيادة الشرقية فى الإسماعيلية تتوفر لديها فى منطقة القناة قوة احتياطية مخصصة لجبهة سيناء – وتشمل فرقة من المشاة ومجموعة مدرعة – لهذا تقرر تكليف هذه القوة بتأمين منطقة القناة، ومنع أى محاولة بريطانية لإعادة احتلالها.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً