على بعد عدة كيلو مترات من مدينة بني مزار بالمنيا وبالتحديد بقرية البهنسا البيق الأثري، يقع مقام السبع بنات، والذي ذاعت شهرته عنان السماء للمعتقد السائد بين أبناء المحافظة بأنها قبلة السيدات للإنجاب وتحقيق حلم الأمومة والشفاء العليل، من الأمراض خاصة المستعصية والخبيثة التي عجز الطب عن معالجتها.
ويوجد ضريح السبع بنات والذي يعود لسبع راهبات واللواتي كن يقمن بتقديم المساعدة الطبية للجرحى بجيش الفتح الإسلامي آنذاك، وحين علم جيش الرومان بالواقعة، قام بذبحهن، لتصبح قبورهن مزارا للتبرك يقصده في المقام الأول النساء، وهناك اعتقاد سائد أن ذلك يؤدي إلى سرعة إنجابهن.
وتواصل السيدات وطالبي الشفاء من المرض زيارتهم المتلاحقة بكل يوم جمعة والإقامة بين رحاب مقام السبع بنات، ومنهم من يقرر الجلوس حتى المساء برحاب المقامات، حتى تأتيه البركة لتحقيق المراد، وما قطع بشأنه الآف الأميال لتحقيقه.
ويوم الجمعة، تتوحد الصفوف بين الزائرين والقاصدين نساء كانوا أو رجال وصبية فلا فرق بين غني ولا فقير لطلب الإنجاب وتحقيق حلم الأمومة ومعالجة العليل من مختلف الأمراض، ومن ثم يقوم الزائرين بالتدرجح على أرض مائلة بعض الشيء مليئة بالأتربة والرمال بجوار مقام السبع بنات، والتي من بين طقوس زائري المقام، ومن يتحقق مراده ويتحقق ما سعى إليه فعليه بالعودة مرة أخرى إلى مقام السبع بنات وإحضار النذور لتقديمه للحاضر برحاب المقام من زواره القادمين من مختلف مراكز المحافظة أو من المحافظات المجاورة أو الحارسين له من الأهالي.
وتعج قرية البهنسا بالآثار الإسلامية الشاهدة على تاريخ الفتح الإسلامي لمصر والتي يُطلق عليها مدينة الشهداء لكثرة من اسُتشهد فيها خلال الفتح الإسلامي ففي عام "22 هجرية" أرسل "عمرو بن العاص" جيشا لفتح الصعيد بقيادة "قيس بن الحارث" وعندما وصل إلي البهنسا، كانت ذات أسوار منيعة وأبواب حصينة، كما أن حاميتها الرومانية قاومت جيش المسلمين بشدة، مما أدي إلي سقوط عدد كبير من الشهداء المسلمين، وهو ما كان سببا في قدسية المدينة داخل نفوس أهلها الذين أطلقوا عليها "مدينة الشهداء" تبركًا والتماسًا للكرامات، وفي البهنسا غربا بجوار مسجد "علي الجمام" تقع جبانة المسلمين التي يوجد فيها وحولها عدد كبير من القباب والأضرحة التي تنسب للصحابة والتابعين والعلماء الذين زاروا المدينة ومقابر (مقامات) لشهداء الجيش الإسلامي الذين شاركوا في فتح مصر واستشهدوا على هذه الأرض خلال حملتهم في فتح الصعيد المصري، ويفخر أهلها اليوم بهذه القرية لاحتواء ترابها على أجساد هؤلاء الشهداء من الصحابة، بل والبدريين منهم (أي من حضروا بدر مع الرسول صلى الله عليه وسلم).
وتضم قائمة الشهداء "أمير السرية الصحابي الشهيد، وحفيد الحارث عم الرسول زياد بن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي القرشي، سليمان بن خالد بن الوليد المخزومي القرشي، محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق التيمي القرشي، الحسن الصالح بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي، محمد بن أبي ذر الغفاري الكناني، محمد بن عقبة بن نافع الفهري القرشي، هاشم بن نوفل القرشي، عمارة بن عبد الدار الزهري القرشي، عبيدة بن عبادة بن الصامت، جعفر بن عقيل بن أبي طالب الهاشمي القرشي، علي بن عقيل بن أبي طالب الهاشمي القرشي، خولة بنت الأزور، السبع تابعيات الشهيدات (السبع بنات)، والقاضي الكبير علي الجمام قاضي قضاة البهنسا وإمام المالكية في عصره".
ومن أبرز مزارات القرية مقام سيدى على الجمام قاضى قضاة البهنسا، الذى يقع حوله عشرات من الأضرحة، التى تعود لشهداء معارك الفتح الإسلامى، كما يوجد الجامع القديم الملحق بضريح الجمام، علقت لوحة قديمة، لشيخ بلحية بيضاء، تظهر عليه ملامح الوقار، يمسك بالمصحف بين يديه، وفى ساحة الضريح، شجرة قديمة، علقت عليها لافتة كتب عليها "شجرة مريم" والشجرة تعود لزمن رحلة العائلة المقدسة، حيث استظلت السيدة العذراء بظلها، هى والطفل يسوع، وتتبرك نساء القرى القريبة بتلك الشجرة، وينتشر اعتقاد بأن بركتها تساعد فى حل أزمة تأخر الإنجاب لديهن.