ناقش السفير الفرنسي بالقاهرة ستيفان روماتييه، عدد من القضايا المحلية والإقليمية خلال لقاء صحفي عقد بالقاهرة، حيث أشاد بما تشهده مصر من إصلاحات اقتصادية.
وقال السفير الفرنسى فى القاهرة، إن زيادة الإحتياطى النقدى الأجنبى فى مصر إلى 36 مليار دولار هو نتيجة للإصلاحات الإقتصادية، مشيرًا إلى شجاعة هذه الإصلاحات والقرارات الإقتصادية التى أجرتها الحكومة المصرية خلال الفترة الماضية.
وأضاف روماتييه، فى لقاء مع عدد من الصحفيين فى مقر إقامته، أن الإصلاحات الاقتصادية التى نفذتها مصر، على الرغم من صعوبتها على المواطنين إلا أنها كانت شجاعة ومثمرة، وأشار إلى أن مصر تسير على طريق جيد وأنها سوق واعد يتمتع بإمكانيات كبيرة وأيدى عاملة ماهرة، مضيفا "نثق بأن هذه الإصلاحات ستسفر عن نتائج جديدة على صعيد الوظائف والنمو وفرص الاستثمار، ونثق فى مستقبل الاقتصاد المصرى".
السيسى وماكرون
وقال السفير الفرنسى، إن العلاقات بين البلدين استثنائية، وأشار إلى أنه منذ الأيام الأولى للرئيس الفرنسى، إيمانويل ماكرون، فى منصبه الجديد أجرى أول اتصال هاتفى مع نظيره المصرى حيث كان الرئيس السيسى ضمن عدد قليل جدا من قادة ورؤساء الدول الذين أراد ماكرون أن يبادر بالإتصال بهم فى الايام الأولى له فى السلطة، مضيفًا أنه منذ ذلك الحين يتبادل الزعيمان الاتصالات بشكل منتظم.
وأشار إلى أنه كان هناك مؤخرا إتصال بين الرئيسين، فى إطار التنسيق بين البلدين بشأن حل الصراع الليبى حيث تم الإتصال قبل عدة أيام من الاجتماع الذى استضافته بباريس بين الأطراف الليبيبة المتنازعة، وقام ماكرون بدعوة السيسى لزيارة فرنسا، وبدوره دعا الرئيس المصرى نظيره الفرنسى لزيارة مصر، حيث سيتبادل كلاهما الزيارات خلال الأسابيع والأشهر القادمة.
وقال روماتيه، إن موعد الزيارات لم يتقرر بعد لكن من المحتمل أن يجرى الرئيس السيسى زيارته لباريس فى خريف هذا العام.
وفى إطار العلاقات المصرية الفرنسية، تحدث السفير عن ضرورة تشجيع الشباب الفرنسى والمصرى على التعارف والتقارب على نحو أفضل، مشيرا إلى أن هناك 2000 طالب مصرى فقط يدرسون حاليا فى فرنسا، فى حين أن بين 60 إلى 70 ألف طالب مصرى يحصلون على الثانوية العامة من مدارس تدرس بالفرنسية فى مصر، لذا يتعين تطوير التبادل فى هذا السياق.
وفيما يتعلق بالإستثمار، قال السفير الفرنسى، إن عددا كبيرا من الشركات المصرية الناشئة لديها شغف كبير فى التعاون مع فرنسا، والحصول على الخبرة الفرنسية، وفى هذا السياق قال روماتيه "ما أود القيامه به هو مد الجسور بين الشركات الناشئة فى مصر والشركات الفرنسية"، مضيفا أن الأمر نفسه ينطبق على المجال الثقافى، خاصة أن هناك إبداع وحركة ثقافية متميزة فى مصر فى مجالات مختلفة مثل الرسم والتصميم والنحت والغناء والسينما.
وردا على سؤال، إذا ما كانت فرنسا تتشارك مع مصر فى وصف جماعة الإخوان المسلمين، كتنظيم إرهابى؟، قال السفير الفرنسى، إن مصر أعلنت أن جماعة الإخوان إرهابية وهذا قرار سيادى بالنسبة لها، وهناك مقاربة أوروبية فيما يتعلق بهذه الأمور حيث هناك قائمة اوروبية نقوم بمراجعتها بصفة منتظمة تتعلق بالكيانات والجماعات الإرهابية، وأوضح أن عدم تصنيف الإخوان جماعة إرهابية يضع مسئولية على الإتحاد الأوروبى.
وفيما يتعلق بالتحقيقات الجارية فى حادثة سقوط طائرة مصر للطيران، التى كانت متجهة من باريس إلى القاهرة فى 19 مايو 2016، أكد السفير الفرنسى على ضرورة التوصل إلى الأسباب الحقيقة لهذا الحادث، وهو واجب تجاه أهالى الضحايا، مشيرا إلى الإتصالات المتواصلة بين الجانبين المصرى والفرنسى على مستوى السلطات القضائية حيث تم إنشاء لجنة تحقيق من الجانب المصرى، وهناك تعاون قضائى بين الجانبين للتعرف على أسباب هذا الحادث، كما توجد إتصالات على المستوى الفنى وإتصالات على مستوى وزارة الطيران المدنى المصرية والمسئولين الفرنسيين وعلى مستوى شركة مصر للطيران وعدد من الفنيين الفرنسيين أيضا، كما تحدث السفير عن مطالب فرنسا بتسليم رفات الضحايا لعائلاتهم.
قطر
وعلق السفير الفرنسى على الأزمة الناشبة بين قطر وجيرانها، قائلا إنها أزمة جديدة تحل على العالم العربى الذى يعانى من العديد من الإنقسامات والتمزقات، مشيرة إلى أن الأزمة جميع أطرافها من الدول السنية.
وأكد على ضرورة أن يتم تسوية هذه الأزمة فيما بين هذه الدول وبعضها البعض، وأضاف أنه يمكن لفرنسا أن تقدم مقترحات وأن تساعد على تسوية الأمور لكن الأمر يقع فى المقام الأول على الدول الخمسة.
وأشار روماتييه، إلى أن هناك أمر هام فى هذه الأزمة تتقاسمه كل من فرنسا ومصر، وهو أن مكافحة الإرهاب تمثل نفس القدر من الضرورة لجميع الدول سواء تعلق الأمر بتمويل الإرهاب أو فيما يتعلق بالخطاب الذى يؤدى إلى الإرهاب وكل ما يمثله الإرهاب من خطر جسيم على مجتمعاتنا كلها، فهو خطر يهدد أوروبا وكذلك المنطقة العربية.
وأضاف بالقول "فى مواجهة هذا التهديد يتعين علينا جميعا أن نقوم بواجبنا بنفس القدر من التصميم والإصرار دون أى مواربة، ونحن على اتصال وثيق للغاية مع مصر فى هذا الصدد"، مشيرا إلى أن وزير الخارجية سامح شكرى كان فى باريس منذ أيام فى إطار التعاون فى هذا الصدد، كما قام وزير الخارجية الفرنسى بجولة إقليمية منذ أسابيع.
وتابع، أن فرنسا مستعدة للغاية أن تسهل كل الأمور اللازمة لمساعدة كل الدول العربية الخمسة على حل الأزمة.
ليبيا
وقال السفير الفرنسى فى القاهرة، ستيفان روماتييه، إن ليبيا تمثل أزمة جادة وخطيرة، مشيرا إلى أن المسئولين فى مصر وفرنسا يتقاسمون الرؤية بالنسبة للأزمة ، وأن الملف الليبى يمثل أولوية فى السياسة الخارجية الفرنسية التى تريد العمل فيه مع مصر.
وأضاف روماتييه فى لقاء مع عدد من الصحفيين فى مقر إقامته بالقاهرة، اليوم الأربعاء، أن هناك ملاحظات يتشارك فيها الجانبين المصرى والفرنسى حول ليبيا تتعلق بثلاث جوانب، الجانب الأول وهو الشق الأمنى حيث يمثل الفراغ الأمنى فى ليبيا خطر جسيم يهدد أوروبا ومصر ويصل تهديده لدول أخرى مجاورة مثل تونس.
ويتعلق الجانب الثانى بالنواحى الإنسانية العاجلة حيث هناك عشرات الآلاف الذين يريدون العبور لأوروبا عبر ليبيا، ويتم هذا الأمر من خلال عمليات تهريب بالأراضى الليبية، وفى هذا السياق هناك مخاطر جسيمة وتهديدات بالغة ولاسيما لأوروبا ولاسيما لإيطاليا التى لم يعد فى مقدورها إستقبال المزيد من اللاجئين.
وأشار فى هذا الصدد إلى أن أوروبا تواجه صدمة متعلقة بموجات الهجرة الكبيرة وهى صدمة مزدوجة بالنسبة لها، تتعلق بالأزمات المتفاقمة فى الشرق الأوسط ولاسيما سوريا، والتى دفعت بعشرات الآلاف من المهاجرين على السواحل الأوروبية وهناك واجب على عاتق أوروبا لاستقبال ضحايا الحرب وهو تقليد قديم وعريق.
ويتعلق الأمر الثالث بالنواحى السياسية، حيث هناك صفة عاجلة لتشكيل حكومة ليبية فى طرابلس تمثل مجموعة الأطراف السياسية فى ليبيا وأن تكون ممثلة لكافة مكونات الشعب الليبى فى الغرب و الشرق، وأضاف مؤكدا "لذا هناك أهمية أن نجد مكان للمشير حفتر عندما نصوغ مستقبل ليبيا"، وتابع "ونظرا لأننا نتقاسم مع الجانب المصرى نفس الملاحظات يتحتم علينا أن نقوم بتحرك".
وأشار السفير الفرنسى فى هذا السياق إلى قيام الرئيس ماكرون بعد اتصاله بالرئيس السيسى، بدعوة رئيس الحكومة الليبية فايز السراج والمشير خليفة حفتر لعقد الإجتماع فى باريس، وهناك قرارين هامين للغاية اتخذهم القائدين الليبيين عقب الإجتماع، وهما وقف إطلاق النار فى سياق يحتم على الجميع تعقب الإرهابيين، وإستئناف العملية السياسية التى تؤدى لإنتخابات العام المقبل.
وأكد روماتييه أن الجميع عليهم أن يتحلو بالتواضع والفطنة فيما يتعلق بالنتائج لأنه الأزمة الليبية معقدة ومتشابكة، مضيفا "نحن نعلم أنه سيكون هناك الكثير من الصعوبات لتحقيق الأمرين."
وأشار روماتييه إلى أن الدور المتنامى الذى يلعبه الجيش الوطنى الليبى فى مكافحة عناصر داعش وإستعادة السيطرة على بنغازى، مضيفا أن هذه التطورت دفعت لعقد إجتماع باريس حيث فاعلية الأطراف والنجاحات التى حققوها ميدانيا.