اعلان

"أحمد الجربا" ثعلب المعارضة السورية.. دعم بعض الفصائل العسكرية ليكون له الذراع الأقوي.. تغير ولائه من قطر إلي السعودية.. وروسيا نصبته رئيساً للـ"غد السوري" لدحر التنظيمات الإرهابية

كتب : سها صلاح

بعد دخول حمص في اتفاقية وقف إطلاق النار في سوريا بعد الوساطة المصرية برز علي المشهد المعارض السوري رئيس تيار الغد أحمد الجربا، وكأنه قادم لحضن المعارضة ومن ثم قيادتها بمحض الصدفة أو محض الاختيار من جهة أو جهات ما "أبو صفوك" كما يحب أن يُطلق عليه هو ثاني اثنين كان لهما الدور الأكبر في تقويض مؤسسات المعارضة الرسمية، إذا ما اعتبرنا أن رجل الأعمال "مصطفى الصباغ هو الأول.

الجربا الذي ينتمي لإحدى أعرق العشائر العربية وهي عشيرة "شمر" لم يكن له صيت لدى أوساط المعارضة السياسية على الرغم من تقاربه معهم في السن وهو الذي ولد عام 1969، ولم يكن معروفاً من قبلهم حتى، وهذا ما أكده سياسيين كانوا قد اعتقلوا سابقاً على خلفية "ربيع دمشق" و "إعلان دمشق"، كاشفين ان الجربا له ملفين جنائيين، أولهما كان على خلفية تجارة المخدرات وهذا ما يفسر خضوعه لعمليّات تفتيش دقيق في أيّ مطار يسافر من أو يصل إليه، وأما الملف الثاني فهو سرقة أموال من أحد الوزراء الكويتيين أثناء تعرض الكويت لغزو من قبل نظام صدام حسين عام 1990، إلا أن وجوده في المعارضة وتقربه من بعض الشخصيات الدوليّة، وتقديم نفسه كشيخ عشيرة دفع ببعض الدول لدعمه سياسياً ومالياً ليكون لها رجل داخل مؤسسات المعارضة، فكان هو المكلّف بالتوقيع على أوامر الصرف في المجلس الوطني بالتشارك مع رئيس المجلس.

ولا نذيع سرّا إن قلنا أنّ الدولة الداعمة له في بداية عمله في المجلس الوطني لم تكن السعودية بل كانت دولة قطر، إلا أن ظهور مصطفى الصباغ وتقاربه الشديد مع دولة قطر دفعت بالجربا لتغيير ولاءاته ليدخل بعلاقة وطيدة مع جهة السعودية جعلته المنافس الأشد لغريمه "الصباغ".

وعندما كان "أحمد الجربا" يحاول جلب التمويل ودعم بعض الفصائل العسكرية ليكون له ذراع قوي بالداخل السوري استولى على المكوّنات العسكريّة وتابع العمل منفرداً في هذا الملف، إلا أن قرار تشكيل الحكومة السورية المؤقّتة جاء خارج حسابات "الجربا" فعلّق عضويته في الائتلاف مع حلفاء آخرين في مارس 2013، احتجاجا على انتخاب "غسان هيتو" حينها رئيسا للحكومة السورية المؤقتة، بيد أن الجربا ما لبث أن عاد إلى الائتلاف بعد فشل هيتو في تشكيل الحكومة، لينضم إلى كتلة المعارض ميشيل كيلو والتي أطلق عليها "الكتلة الديمقراطية" في نهاية مايو، ودافع بشدّة على قرار توسعة الائتلاف.

في 6 يوليو 2013 انتخب أحمد الجربا رئيساً للائتلاف بعد جولات ماراثونيّة بينه وبين منافسه "الصباغ" حصل فيها الجربا 55 صوتاً في الجولة الثانية، لينال بذلك ثقة أغلبيّة أعضاء الائتلاف الوطني، ليقوم بعدها بتوسعة الائتلاف بكتلتي الحراك الثوري والأركان معزّزاً بذلك موقفه في الائتلاف من خلال أغلب أعضاء التوسعة الذين أدانوا بالولاء له.

تمويل مهدور

وكان من المقرر أن يتم دعم الائتلاف عن طريق السعودية بمبلغ 100 مليون دولار، إلا أن تأخر التحويل دفع بالجربا للبحث عن مصدر لسدّ احتياجات الائتلاف وقد حصل على بضع ملايين، قبل أن يتمّ تحويل المبلغ الأساسي ليقنع السعودية بعدها بأن يكون المبلغ ذو شقين، نصف سياسي ونصف عسكري، لم يدخل النصف العسكري ولا الدعم السابق بموازنة الائتلاف لكن الشق السياسي من المال صرف في غالبيته على شراء الولاءات دون أي وثيقة ماليّة لذلك فيما عدا بعض قصاصات الأوراق كتب عليها "ادفعوا لأمر فلان المبلغ الفلاني" ومنها كان مبلغ مليون ومائتين ألف دولار لصالح جمال معروف لإصدار بيان كيدي بحق سليم ادريس عندما أزعجه الأخير بمحاولة إبعاد هيئة الأركان عن الصراعات السياسيّة من خلال كتلتهم في الائتلاف.

تحولات سياسيّة

أدرك "هادي البحرة" مبكّراً بعد تولّيه رئاسة الائتلاف أن تركيا بدأت تضيق ذرعاً بتصرفات الجربا وهو الأكثر قرباً منه، إلا أن البحرة فضل أن تكون القضية السياسية السورية فوق كل صداقة، وهذا ما أثار غضب الجربا فعمل جاهداً لخلق مشكلات داخل الائتلاف الوطني إلا أنه لم ينجح بذلك ممّا دفع الائتلاف بالتصويت سرّاً على فصله وإزالة اسمه من أعضاء الائتلاف حتّى على الموقع الرسمي للائتلاف.

بالمقابل قامت السعوديّة ودول أخرى بوقف التعامل معه سياسيّاً مما دفعه لاستخدام علاقاته بالتقرّب من الإمارات ومصر وروسيا، خاصة علاقته مع نائب وزير الخارجية الروسي "ميخائيل بوغدانوف" الذي استقبله الجربا في أحد قصوره وهذا ما مهّد له بإنشاء وتزعم "تيار الغد السوري"، حيث كان المؤتمر التأسيسي في جمهورية مصر وبحضور ممثّلين عن السيسي ومحمّد دحلان.

عقب إنشاء تيّاره سعى ليكون له ذراع عسكري فحوّل اسم اللواء 56 الذي كان يدعمه في مناطق سيطرة الفصائل الكرديّة إلى "قوّات النخبة" واستأجر أرضاً في مناطق سيطرة PYD بهدف تدريب القوّات.

لينتهي الأمر مؤخّراً أن يعلن أنّ "جبهة فتح الشام" و "الإخوان المسلمون" هم من يسيطرون على مدينة إدلب، مضيفاً "مصير السيّد بشار الأسد تحدّده المفاوضات بين السّوريين" في خطاب متقارب مع خطاب نظام الأسد واشبه بما قاله نوّاف البشير بعد عودته

فرص ضائعة

لعلّ من أهم الفرص هي زيارة وفد الائتلاف لأمريكا ولقائهم مستشارة السياسة الخارجية سوزان إليزابيث رايس، إذ كانت المطالبة حينها لدعم المعارضة السوريّة بالسلاح، فبادرتهم بسؤال عن الضمانات التي سيقدّموها لعدم وقوع السلاح بايدي المتطرفين، فما كان من الجربا غلّا أن وضع يده على صدره وقال لها بلهجته المحليّة "عندي" حينها خرجت رايس وهي تقول "المعارضة السورية لايعتمد عليها في بناء دولة".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً