شاب يتلوى من الألم، أب لطفل صغير لم يتخط عامه الثاني بعد، والجميع وقوف حوله يضربون كفًا بكف، ساخطين على مصيره المتوقع، بعدما علموا جميعًا بأمر إصابته بالتهاب الكبد الوبائي "فيروس سي"، والذي تسبب في وفاة الآلاف قبله في مراحل متقدمة من المرض، إلًا أن الأمل يعود إليهم مرة أخرى بمجرد الإعلان عن حملة قومية للقضاء على الفيروس، وطرده نهائيًا من مصر، بالتعاون بين وزارة الصحة والأجهزة الحكومية ومنظمات المجتمع المدني المختلفة.
بدأت الحملة ببناء قاعدة بيانات لمرضى الفيروس ساعدت في تمكين الدولة والمريض من اتخاذ القرار المناسب للعلاج، ومن خلالها، استطاعت الجهات المسئولة معرفة عدد المصابين بالمرض بشكل حقيقى، ومكنت كل مريض من معرفة مكان علاجه، بمجرد دخولة بالاسم والرقم القومى على الموقع المخصص لها.
واستهدفت الحملة خلال الأشهر الماضية، 9 محافظات في الوجه القبلي والقاهرة، تركزت بهم الحالات، وتم عمل مسح شامل، للكشف عن الفيروس، انتهت بإعلان وزير الصحة الدكتور أحمد عماد الدين علاج مليون و130 ألف مواطن حتى الآن، بعد الانتهاء من إجراء مسح الفيروس لحوالى 3 ملايين و600 ألف مواطن، خلال الأشهر الماضية، ومن المستهدف الانتهاء من مسح حوالي 30 مليون مواطن فى نهاية يونيو 2018.
القصة الكاملة
حددت الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة، 30 يونيو 2014، موعدًا لبدء علاج مرضى فيروس "سي" بقيادة اللواء إبراهيم عبد العاطي، صاحب اختراع الجهاز المعروف شعبيًا باسم "جهاز الكفتة"، وسط جدل ساد شبكات التواصل الاجتماعية والبرامج تليفزيونية حول مدى قدرة الجهاز على العلاج من عدمه.
بدأ المرضى في التسجيل، ليتقدم آلاف المرضى لجهاز القوات المسلحة، ويبدأون في تلقي العلاج.
وفي 2014، أطلقت اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية، موقعها الإلكترونى الخاص بتسجيل بيانات مرضى فيروس سى، وخصصته لحجز مواعيد الفحوصات والكشف الطبي بمراكز المعهد القومي للكبد والأمراض المتوطنة، لحجز العقار "سوفالدي".
فشل في البداية
ومع تقدم أعداد كبيرة لنيل العلاج، والمعروف تجاريا باسم "سوفالدي"، والذي طرح بمبلغ 2200 جنيه في 2014، ظهرت آثار سلبية كثيرة له، ليذكر الدكتور جمال عصمت، عضو اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية، في تصريح له وقتها، أن العلاج بالعقار الأمريكي الجديد "سوفالدى" غير مُجد مع مرضى الفشل الكبدي، وأن نسبة 15% من المتقدمين للعلاج، هم من يصلح استخدام العقار معهم، مؤكدًا طرح أكثر من نوع من الأدوية لعلاج الفيروس، لاحقًا.
وفي 2015، ندر ايجاد "سوفالدي" في السوق، وارتفع سعره إلى15 ألف جنيهًا، وظهر في آواخر عام 2016 مضاعفات للمرضى الذي تناولوه وعاد لهم المرض من جديد.
وخلال رحلة العلاج، أعلنت اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية اعتماد الهيئة الأوروبية للأدوية، لعلاج جديد لفيروس "سى" يدعى "هارفونى"، وهو عبارة عن عقار مدمج من دوائين فى حبة واحدة، أحدهما "سوفالدي" الذي يتم تداوله في مصر مع عقار آخر يدعى "ليديباسفير"، وأن العقار الجديد لعلاج فيروس سى يتميز بأنه يمكنه القضاء على الفيروس خلال 3 أشهر فقط بنسبة تصل إلى 100٪ وبدون استخدام الأنتروفيرون، وتوالى على السوق أدوية أخرى اعتمدتها الصحة لعلاج الفيروس مثل: "كيوريفو، الدكلانزا، الأوليسيو"، وآخرها العقار "فوسيفي" ويحتوي على 3عقاقير،هم:"فوكسيلابريفير، فيلباتاسفير، سوفوسبوفير"، ويرى الخبراء أن العقار فعال وقوي ويقلل فترة العلاج إلى 8 أسابيع فقط.
خطة الوزارة
ظهرت الخطة القومية للمسح الطبي، وانقسمت لجزئين، الأول خاص بالفئات، وهم مرضى الأقسام الداخلية بجميع المستشفيات التابعة لوزارة الصحة والسكان، والعاملون بالقطاع الحكومى، وطلبة العام الجامعى الأول، والمترددين على بنوك الدم، والعاملين بالخارج، والمساجين، ويبلغ عدد الـ6 فئات 6 ملايين، والجزء الثاني شمل 9 محافظات هي: أسوان - الأقصر - قنا - أسيوط - سوهاج - المنيا - الفيوم - الجيزة - بنى سويف، واستهدف المحور الثانى 4 ملايين مواطن.
وحققت الخطة نجاحًا كبيرًا، لتصبح مصر الأولى على مستوى العالم فى علاجه، وتحوز التجربة المصرية إشادة دولية، من دول عدة، ومن منظمة الصحة العالمية، ويعلن وزير الصحة اليوم علاج مليون و300 ألف مواطن.
ويعلن الدكتور أحمد عماد وزير الصحة، عن خطة معدة لانتهاء المسح الشامل للفيروس في عام 2018، لتصبح مصر خالية من الفيروس نهائيًا، وفقا للمعدلات المُرضية التي تتحدث عنها وزارة الصحة، وتنجح مصر في علاج الفيروس.