قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يغامر بتقليص الدعم الحكومي على الغذاء والوقود ورفع الأسعار وزيادة معدلات التضخم، ويأمل أن تقود تلك الخطوات لانتعاش اقتصادي وتوفير مزيد من فرص العمل وجذب الاستثمارات الأجنبية.
العلاج الاقتصادي بالصدمة، جنباً إلى جنب مع الانخفاض الحاد لقيمة العملة، تلك هي خطة الرئيس لإنكماش القوة الشرائية على أن تظهر الثمار المرجوة، لتوفير أماكن عمل جديدة، واستثمارات أجنبية ونمو.
وقالت الصحيفة أن الاصلاحات الاقتصادية أشبه بالمضادات الحيوية “يجب تناول الجرعة كاملة".
تقليص الدعم أحد الشروط التي حددها صندوق النقد الدولي في اتفاق منح مصر قرض بقيمة 12 مليار دولار لمساعدتها في إحلال الاستقرار الاقتصادي بعد سنوات من انعدام الاستقرار.
تصل كلفة دعم الوقود والغذاء إلى أكثر من 11 مليار دولار سنوياً، أي 18% من ميزانية مصر الحالية، حتى بعد التقليصات الأخيرة.
صحيح أن تقليص الدعم يضع مصر على طريق حل التشوهات الاقتصادية، لكنه في نفس الوقت يخلق المخاطر.
الاستثمار في البنى التحتية
تقوم الحكومة أيضاً بالاستثمار في بنية الكهرباء والمواصلات، وتتبنى خططًا لتسهيل افتتاح الشركات والمصانع، وحصول رجال الأعمال على الأراضي، وكذلك يزيد السيسي، الدور الضخم للجيش في الاقتصاد.
دول الشرق الأوسط، ومن بينها حتى الأنظمة الملكية الثرية كالكويت، تخطط أيضاً لإصلاحات اقتصادية لخلق فرص عمل كافية لخدمة السكان الذين تتزايد أعدادهم.
على الجانب الآخر من البحر الأحمر، يحاول ولي العهد السعودي الجديد محمد بن سلمان، تطبيق برنامج طموح، وإن كان أقل ألما، لتقليل اعتماد المملكة على النفط. في أبريل ألغى تدابير تقشفية على خلفية الصراع على السلطة في القصر الملكي وتصاعد الاضطرابات العامة.
5 أرغفة خبز
يقف ملايين المصريين يوميا على أبواب المخابز الحكومية لشراء خمسة أرغفة خبز بأقل من 2 سنت أمريكي، وهو جزء صغير من تكلفة الدقيق، ويشمل دعم الغذاء نحو 80% من الأسر المصرية، وتعوذ جذور الدعم للحصص الغذائية التي كانت توزع في الحرب العالمية الثانية.
يسقي الفلاحون محاصيلهم بواسطة مضخات تعمل بالسولار الذي بات يباع أيضا بعد زيادة سعره بـ 77 سنت للجالون، أقل من ثلث سعره للمستهلك في الولايات المتحدة.
في 1977 حاول الرئيس أنور السادات وقتها التغلب على مشكلة الدعم عندما شرع في الانفتاح الاقتصادي والتخلي عن ذلك الموروث الاشتراكي- القومي لسابقه، جمال عبد الناصر. وأمر السادات في إطار اتفاق للحصول على قرض من صندوق النقد بتقليص دعم الخبز والسكر وزيت الطهي.
أشعل البيان تظاهرات حاشدة وتسبب في شل الدولة، قتل العشرات، وسارع السادات لإلغاء القرار،ولم يكن لديه القدرة للإصلاح.
تعلم خليفته حسني مبارك الدرس في 30 عام من حكمه، لم يمس الدعم، حتى عندما تبنى إصلاحات كالخصخصة واتفاقات التجارة الحرة.
ومع صعود الاخوان إلس سدة الحكم و تريبهم الاموال إلي الخارج و نجاح الرئيس السيسي في تخليص المصريين منهم ومع العجز المتضخم وتراجع الاحتياط الأجنبي، لم يكن لدى مصر خيار سوى بلع الدواء المر لصندوق النقد.
عوم السيسي الجنيه المصري، الذي فقد على الفور نحو نصف قيمته أمام الدولار،بعدها وقعت حكومته على اتفاق تحصل بموجبه على 12 مليار دولار من الصندوق في نوفمبر، تضمن تعهدات بتقليص دعم الغذاء والوقود.
وقالت الصحيفة باختصار "السيسي" فعل مالم يستطع رئيس فعله تحلي بالشجاعة لإصلاح تركة منهوبة خلال 40 عاماً.
بدلاً من توريد الطعام والوقود المدعم لغالبية المصريين، تعمل الحكومة على تقديم المساعدات النقدية للأفراد على أساس الاحتياجات، وبشكل أعم، ورفع الحد الأدنى للأجور والمعاشات.
الفوضى التي اجتاحت مصر والدول العربية الأخرى بعد الربيع العربي تجعل جهود السيسي للإصلاح أقل خطرا، الكثير من المصريين الذين رأوا الانهيار الاقتصادي وانهيار القانون والنظام بعد ثورتهم عام 2011، يخشون الآن- رغم التقشف الحاد- من الخروج للشوارع مجددا.