قال الشيخ اسماعيل الراوى وكيل وزارة الأوقاف بجنوب سيناء أن خطبة الجمعة بمساجد جنوب سيناء بعنوان "فضل الحج ومكانتة في الإسلام" وأن الله عز وجل أمر الخليل إبراهيم عليه السلام ببناء البيت ورفع قواعده ودعوة الناس للحج إليه قال تعالى" وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ"
ويقول الإمام ابن كثير: " قوله وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ " أي ناد في الناس داعياً لهم إلى الحج إلى هذا البيت الذي أمرناك ببنائه. فَذُكر أنه قال: يا رب وكيف أبلغ الناس وصوتي لا ينفذهم؟
فقيل: ناد وعلينا البلاغ. فقام على مقامه وقيلعلى الحجر، وقيل: على الصفا وقيل: على أبي قُبَيس وقال: يا أيها الناس إن ربكم قد اتخذ بيتا فحجوه فيقال: إن الجبال تواضعت حتى بلغ الصوت أرجاء الأرض وأسمَعَ مَن في الأرحام والأصلاب وأجابه كل شيء سمعه من حَجَر ومَدَر وشجر ومن كتب الله أنه يحج إلى يوم القيامة: "لبيك اللهم لبيك".
وأوضح الراوى أن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال " مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُلَبِّي إِلَّا لَبَّى مَنْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ مِنْ حَجَرٍ أَوْ شَجَرٍ أَوْ مَدَرٍ حَتَّى تَنْقَطِعَ الْأَرْضُ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا فانجذاب القلوب والأفئدة إلى هذا البيت كان ببركة دعوة الخليل إبراهيم عليه السلام فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ "
وأكد الراوى إن الحج من أفضل العبادات على الإطلاق فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قال : إيمانٌ باللهِ ورسولِه قِيلَ: ثم ماذا ؟ قال جهادٌ في سبيلِ اللهِ. قِيلَ: ثم ماذا؟ قال: حجٌّ مَبرورٌ ."
ويكفي الحج فضلاً أن الحاج يولد من جديد؛ فكما أن المولود يولد على الفطرة لم يرتكب ذنباً أو خطيئةً ؛ فكذلك الحاج !! فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ "
فالذي أكرمه بحج بيت الله الحرام قد جمع بين ثوابي الدنيا والآخرة؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ"
فالحج بذلك يهدم ما كان قبله من المعاصي والذنوب فَعَن عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ قَالَ: لَمَّا جعل اللهُ الإسلامَ في قلبي أتيْتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقلتُ: يا رسولَ اللهِ ابسُطْ يمينَك لأبايعَك؛ فبسط يدَه فقبضْتُ يدي. فقال: مالك يا عَمرو؟ ! . قال: أردتُ أن أشترطَ .
قال : تشترطُ ماذا ؟ قال: أن يُغفَرَ لي . قال : أما علمتَ يا عَمرو ! أنَّ الإسلامَ يهدِمُ ما كان قبلَه ، وأنَّ الهجرةَ تهدِمُ ما كان قبلَها ، وأنَّ الحجّ يهدِمُ ما كان قبلَه ؟
وقد عد الرسول صلى الله عليه وسلم الحج لوناً من ألوان الجهاد في سبيل الله؛ فعَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَرَى الْجِهَادَ أَفْضَلَ الْعَمَلِ أَفَلَا نُجَاهِدُ؟ قَالَ: لَا لَكِنَّ أَفْضَلَ الْجِهَادِ حَجٌّ مَبْرُورٌ" لذلك كانت عائشة رضي الله عنها لا تتركه منذ أن علمت أنه جهاد؛ فَعَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَلَا نَغْزُو وَنُجَاهِدُ مَعَكُمْ؟ فَقَالَ:" لَكِنَّ أَحْسَنَ الْجِهَادِ وَأَجْمَلَهُ الْحَجُّ حَجٌّ مَبْرُورٌ" فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَلَا أَدَعُ الْحَجَّ بَعْدَ إِذْ سَمِعْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"
وأوضح الراوى إن للحج فضائل كثيرة؛ وأن من لم يحج بيت الله الحرام مع القدرة عليه فقد حرم خيراً كثيراً ؛ فَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أنَّ الرَّسولَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: " قال اللهُ: إنَّ عبدًا صحَّحْتُ له جسمَه ووسَّعْتُ عليه في المعيشةِ يمضي عليه خمسةُ أعوامٍ لا يفِدُ إليَّ لَمحرومٌ "