كثيرًا ما يتساءل المواطن العربي بشكل عام والمصري بشكل خاص، عندما يرى مشاهد المعارك والاشتباكات الدائرة في سوريا، وحجم الدمار التي تخلفه هناك، عن الكيفية التي يعيش فيها السوريين في ظل أجواء الحرب، وما إذا كانوا يذهبون إلى مدارسهم وجامعاتهم ووظائفهم بشكل طبيعي، وما تفاصيل الحياة هناك.
"أهل مصر" قامت بمعايشة من داخل سوريا تصف الحياة الطبيعية للشعب السوري.
-معرض دمشق
على مقربة من مركز العاصمة دمشق يقع شارع المطار، المنطقة التي ستحتضن معرض دمشق الدولي بنسخته الـ59 بمشاركة أكثر من 30 دولة عربية وأجنبية، بعد انقطاع دام خمس سنوات بسبب الحرب.
وتقوم ورشات الصيانة بإصلاحات كبيرة للشوارع والساحات العامة في العاصمة، في مشهد لم يعتد الدمشقيون أن يشاهدوه منذ مدة طويلة.
ويقول "باسل" (22عام) أحد الشبان الجامعيين الذين مازالوا يعيشون في المدينة لـ أهل مصر: "أشعر وكأن الحرب قد انتهت، فلم نعد نسمع أصوات الطائرات ولا القذائق أو حتى الرشاشات، وكأننا عدنا إلى عام 2010".
وعن استقبال المدينة للمعرض الدولي، يقول "باسل" : "لا شيء أجمل من أن يعاد افتتاح معرض دمشق الدولي الذي لطالما تحدث لنا آباؤنا عن ذكرياتهم التي تربطهم به.
ويقول: فرحنا كثيرًا عندما سمعنا أن السيدة فيروز ستحيي حفلة ضمن فعالياته، ولكن بعدها علمنا أنها اعتذرت، نتمنى أن يقام في السنة القادمة المعرض بنسخته الـ60، وتكون فيروز متواجدة فيه ونشاهدها في دمشق للمرة الأولى على أرض الواقع.
عودة الحياة الطبيعية
"لم أعتد طوال عمري وأنا في الـ45 منه أن أشاهد مدينة دمشق بهذا الازدحام الشديد، وأن أشاهد هذا العدد الكبير من الناس في المقاهي والمطاعم والأسواق، أينما تذهب ترى زحمة الناس في كل مكان وكأن الوقت وقت تحضير للأعياد" يتحدث "أبو محمد" سائق سيارة أجرة لـ أهل مصر.
ويسرد في الحديث: "صحيح أن بعض الشوارع تشهد عمليات صيانة، ما يسبب ازدحام مروري، يزيد من تعبنا في العمل كـسائقي تكسي" ولكنني عن نفسي سعيد بعودة الإصلاحات والصيانة للشوارع، حتى وإن كانت على مصلحة عملي، فهذا يشعرنا حقيقة، بأن الحرب قد انتهت فعلا، وبأن مشاهد القتل والدمار إلى زوال، وبأن الحياة الطبيعية عادت إلى المدينة بعد سنوات من الحرب التي نتمنى أن لا تعود أبدًا".
يذكر أن مدينة دمشق تعتبر أقل المدن تعرضًا للدمار مقارنة بالمدن الأخرى، فالمدينة طوال سنوات الحرب بقيت تحت سيطرة الحكومة السورية، وظلت الاشتباكات تجري في محيطها وعند بعض أحيائها الجنوبية القريبة من الريف.
واستمرت الدوائر الحكومية والمدارس والجامعات والمستشفيات في ممارسة عملها حتى في أكثر فترات الحرب اشتدادًا وسخونًة.
وتتحدث "ريما" طالبة صيدلة في جامعة دمشق، لنا عن هذا الموضوع فتقول: "باعتباري إحدى سكان مدينة دمشق وطالبة في جامعتها في نفس الوقت، فقد واجهت صعوبة في الذهاب إلى الجامعة في السنتين الأوليتين منها، فكانت الاشتبكات تدور بالقرب من بيتي، وكانت القذائف تتساقط كل فترة على المنازل والمحال التجارية القريبة منا".
وتضيف: "اليوم باتت الحياة أفضل بكثير، فالسنة الماضية وبعد أن تم الاتفاق على هدنة في المنطقة القريبة منا، استطعت أن أذهب إلى الجامعة دون أن يخافا والدي علي، وهذه السنة الحال أفضل من السنة الماضية، ويفكر أبي أن يأخذنا إلى مدينة اللاذقية في عطلة العيد، لنستمتع بأجواء البحر الذي لم نشاهده منذ خمس سنوات".
-غلاء في المعيشة
كان من الطبيعي مع توقف عجلة انتاج الكثيرمن المعامل، وعدم تمكن المزارعين في مناطق الاشتباكات من الزراعة، أن يزداد التضخم، وترتفع أسعار المنتجات معه وتهبط قيمة العملة المحلية، فقد وصل سعر الدولار الواحد اليوم إلى أكثر من 550 ليرة بعد أن كان يساوي 50 ليرة قبل الحرب، أي أنه ارتفع حوالي أحد عشر ضعفًا.
وعن صعوبات الحياة في العاصمة السورية، التي يعيش فيها حاليًا نصف سكان سوريا، بعد أن نزح الكثير من سكان المحافظات الأخرى إليها، تقول "أم محمود" : الوضع الاقتصادي بات صعبًا للغاية حتى إننا نحتار في بعض الأحيان، ماذا نأكل لشدة غلاء المعيشة، فكل شيء تضاعف سعره عشرة أضعاف، إلا الراتب تضاعف مرة واحدة أو اثنتين.
وتضيف: لقد استغنينا عن الكثير من الأمور الثانوية وحتى بعض الأساسيات في سبيل أن نستمر في الحياة، ونأمل بأن تكون نهاية الحرب قريبة، لكي تعود الحياة كما كانت سابقًا، وأن نشعر بالأمان والرخاء في المعيشة.
ويتراوح متوسط دخل الفرد في سوريا حاليًا بين75_100 دولار في الشهر، بعد أن كان يتراوح في عام 2010 أي قبل الحرب بين 300_400 دولارفي الشهر.