مرصد الأزهر: "داعش" يناقض نفسه ويعيش حالة "شيزوفرينيا"

أصدرت وحدة اللغة الإنجليزية بمرصد الأزهر لمواجهة الأفكار التكفيرية، تقرير حول سعى داعش إلى تحجيم دور المرأة، وأبرزت خلاله: "كيفية التنظيمات المتشددة، سعى تنظيم "داعش" إلى تحجيم دور المرأة؛ بحيث لا يتجاوز دورها أعمال البيت وخدمة الزوج، متمسّكًا برأيٍ يريد فرضَه، باعتباره رأيَ الإسلام القاطع. فالمرأة بحسَب "داعش" ينبغي أن تلزم البيت.

وأضاف المرصد: "ولأن الجماعات الإرهابية المتشددة تعيش حالةً من "الشيزوفرانيا" في الأعوام الأخيرة، فها هو "داعش" اليوم يُغيّر المسار الذي رسمه للمرأة، ويجعل وجودها بالغَ الأهمية خارج البيت، وبالتحديد في مَهامَّ معيّنةٍ؛ مثل: العمليات الانتحارية. فهل غيّر "داعش" فكره وأيديولوجيته؟ أم أنه رأى المرأة عنصرًا قويًّا يمكنه الاعتماد عليه في القتال والعمليات الانتحارية؟ ما الذي جعل "داعش" يُغيّر أيدولوجيته؟! وما الظرف الذي دفعه إلى ذلك؟"

وتابع المرصد: اعتبرت "إليزابيث بيرسون"، الباحثة في شئون الحركات الراديكالية والكاتبة الصحفية في مجلة " نيوزويك" الأمريكية، أن انضمام الفتيات لصفوف الانتحاريين في تنظيم الدولة "داعش" يُمثّل نهايةً لحلم الخلافة التي يسعى التنظيم لفرضها كنظامٍ للحكم في العالم الإسلامي. جاء هذا في مقالِ الرأي الذي نشرته مجلة "نيوزويك" الأمريكية، تحت عنوان: "لماذا تُمثّل انتحاريات داعش نهايةَ حلم الخلافة"؟ وفي حالِ صحّت التقارير التي تقول: إن هناك 32 انتحاريّةً على الأقل في شوارع "الموصل"، فهذه نقطةُ تحوّلٍ في التزام "داعش" بمشروع الخلافة. لم يستخدم "تنظيم الدولة" الانتحاريّاتِ من قبلُ، بينما عدد الانتحاريات الآنَ في تزايُدٍ في بعض "الولايات" خارج العراق، وقد ذَكرت "بيرسون" أن عددهن في غرب إفريقيا وحده بلغ 300، بينما كانت هناك عمليات اعتقال في إندونيسيا وبنجلاديش لأخريات.

واستكمل: لقد كان التنظيم يرى أن مشاركة النساء في أعمال العنف ممتنعة في سوريا والعراق، وبالتالي لم يسمح لهم بالمشاركة في القتال. لكن مع الخسائر التي تعرض لها التنظيم اضطُرّ التنظيم لاستخدام الانتحاريات بعد يأسه من تحقيق أي مكاسب بطرقٍ أخرى، فضلًا عن أن النساء يَستطعن الوصول لأهداف لا يمكن للرجال الوصول إليها.

وربما يفتح هذا الباب لفكرة "ثُنائيّة الجنس"، التي تُمثّل العمودَ الفَقَريَّ في مشروع الخلافة، التي كان يُروّج فيها لأدوار النساء والرجال كأقطابٍ متعارضة. هذه الثنائية هي التي أَصّلت لفكرة العنف الذكوري، واستبعدت العنف النّسْويّ الذي كان يُنظر إليه كتجاوزٍ بالغ. وبالتالي فمشاركة النساء في أعمال القتال يشير إلى تآكل "الثنائية الجنسية" التي تدعم مبادئ "مشروع الدولة". وبالتالي تقويض مبادئ التنظيم كلها، وهذه إشارةٌ إلى أن القيادة في التنظيم ترى أن هذا المشروع لم يَعُد قابلًا للتطبيق.

واستطرد: تناولت مؤسسة "توني بلير" الموضوع نفسه؛ حيث أوردت مقالًا بشأن تجنيد تنظيم "داعش" مؤخرًا لانتحاريات، ورأى المقال أيضًا أن استخدام تنظيم "داعش" للنساء في تنفيذ العمليات الانتحارية بمنزلةِ تغييرٍ في أيدولوجية التنظيم، الذي لطالما دعا النساء إلى التزام بيوتهن وتربية جيلٍ من الأطفال الانتحاريين ومساعدة زوجها المجاهد في صفوف التنظيم. فبعد أن كانت دعاية التنظيم الإلكترونية تزعم أن النساء جزءٌ مهمٌّ من التنظيم، إلّا أن مكانهن الوحيد هو المنزل "زوجات للجهاديين"، أصبحت الآنَ تَستغلّ دورهن في القتال، خاصّةً أن فرصة عدم انكشافهن لرجال الأمن أكبرُ من الرجال، فضلًا عن قدرتهن على إخفاء الأسلحة.

وتابع: لقد بدأ تنظيم "داعش" في استخدام النساء، منذ أن أَرسل سيدةً انتحارية إلى إيران لاستهداف مبنى البرلمان هناك. الشيء نفسه يمكن أن يقال عن "أبي بكر شيكاو"، القائد السابق لجماعة "بوكو حرام"، في نيجيريا، والآنَ يَرأس واحدةً من الفصائل الرئيسة، وقد كان العقل المدبر لعددٍ غيرِ مسبوق من العمليات الانتحارية التي قامت بها الانتحاريات والعديد من الأطفال؛ لمهاجمة المدنيين والأسواق في أنحاء غرب أفريقيا.

وأضاف: أن استخدام التنظيم للنساء الانتحاريات مؤخرًا، خاصّةً بعد فقدان التنظيم مساحاتٍ واسعةً من الأراضي، بالإضافة إلى الخسائر المادية والعسكرية التي تَكَبّدها مؤخرًا جَرّاءَ الضغط الواقع عليه من الدول التي تحاول القضاء عليه، يؤكّد اهتزاز صورة المدينة الفاضلة والحصن المنيع التي حاول التنظيم أن يوصلها للعالم.

وأكد على أن في ضوء هذه التغيرات في استرايجية "داعش"، أمكننا أن نرى أيضًا تَغيُّرًا أكبرَ من هذا؛ وهو أن نرى "داعش" يُنَصِّبُ امرأةً أميرةً على جنودها، وهذا ما حدث في مدينة "تلعفر" في العراق، حيث أَعلن الذراع الإعلامية لـ "تنظيم الدولة" عن انتخاب "أميرة النساء" في "تلعفر". وفي حديثٍ إلى "السومرية نيوز"، قال أحد المصادر: "إن الذراع الإعلامية للجماعة أعلن انتخابَ أميرةِ نساءِ "الدولة"، المعروفة باسم أمِّ حجر، وهي روسية اشتَهرت بأنها قنّاصة".

وأشار إلى أن هذا صحيحًا بالفعل؛ فإنه يدل على اتّجاهٍ جديدٍ في "العنف الإرهابي"، أو يؤكّد على تغييرٍ وانحرافٍ واضحين في فكر التنظيم، كما يعكس الضعف الذي طاله واضطراره إلى استخدام النساء في الفترة القادمة، بغضّ النظر عمّا يَدّعونه دائمًا حول دور المرأة، الذي يَقتصر على التزام البيت لرعاية الأولاد والزوج، كما أن الأمر لم يَعُدْ احتمالًا بعيدًا، بل بات ضرورةً مؤكَّدةً في وجهة نظر التنظيم الإرهابي.

وأوضح: أنه قديمًا، استخدم "داعش" النساء بضاعةً للجنس، والآنَ أَعلن النفير العامّ، وانتقل استخدامُ النساء إلى مستوى أعلى. بات من المؤكد أن التنظيم لا يحترم النساء؛ فإمّا أن يَستخدم أجسادهن لأعمالٍ شهوانيّة، أو يوظفهن في تنفيذ أعمالٍ إرهابية قذرة. إنّ التنظيم ماضٍ في طريقه؛ من أجل تنفيذ حلم الخلافة، وأصبحت الغاية تُبرّر الوسيلة.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً