علي طريقة بيع التروماي في الفيلم العربي القديم، بطولة الفنان الراحل إسماعيل ياسين، استطاع المحتال الأمريكي تشيكي الأصل، فيكتور لوستينج، أن ينصب علي كبار التجار في نيوويورك، وقد باع برج إيفل مرتين!، وهو من أهم النصابين العباقرة، الذين لا ينساهم التاريخ أبدًا.
لقب بـ"النصاب عابر البحار"، لتوزع ضحاياه بين نيويورك وواشنطن، فقد كان أحد اشهر المحتالين الذين عرفهم التاريخ، ولد “لوستيج” فى بوهيميا عام 1890م، وتخصص فى النصب بباريس ونيويورك.
أما أشهر عملياته فكانت بيعه لـ"برج إيفل" في عام 1925م عقب خروج فرنسا من الحرب العالمية الأولى.. فقد جاءته الفرصة العظيمة بعد أن تعرضت باريس للقذف، وتدمير أجزاء كبيرة من هذه المدينة الجميلة في أعقاب الحرب، مما جعل "برج إيفل" أيلًا للسقوط، وكان لا بد من وجود بدائل.
وقتها قرأ "لوستيج" مقالًا نشر بإحدى الصحف، يناقش مشاكل مدينة "باريس"، عقب خروج فرنسا من الحرب العالمية الأولى، ومنها مشلكة "برج إيفل"، والتكاليف الباهظة التى ستتكلفها أعمل الصيانة به، حيث يحتاج إلى ملايين الفرانكات؛ لطلائه وإجراء عمليات إصلاح داخلية له، حتى يستمر قائمًا.
روج لشائعة مفادها أن البرج على وشك الانهيار، مستغلًا ذلك المقال الصحفي، فقام بإنتحال شخصية موظف كبير بالحكومة الفرنسية، ممثل الدولة الفرنسية المكلف بـ”وضع البرج في سلة المهملات” كما كان يحلو له القول، وزور بطاقة أعمال، أدعى فيها أنه نائب مدير عام وزارة البريد والتلغراف.
وقام بدعوة ستة من كبار تجار الخردة والمعادن إلى اجتماع سري في "فندق كريلون"، وهو أحد فنادق "باريس"، العتيقة، رفيعة المستوى، وأخذ يشرح لهم دوافع اختيارهم على أساس سمعتهم الجيدة كرجال أعمال أمناء، وبعدها أسقط القنبلة، وأبلغهم بأن الألواح المعدنية الموضوعة على سقف البرج، وضعت تمهيدًا لهدمه، لذلك هو معروض للبيع.
واصل "لوستيج"، نصب شباكه على التجار الستة، فاستئجر سيارة ليموزين، ورافقهم فى جولة تفقدية للبرج الذي كان يعرف كل شبر به، وخلال هذه الجولة توصل الى التاجر الساذج الذى سيحتال عليه، وهو "أندري بويسون"، أحد أكبر التجار، ولكنه غير معروف فى الأوساط الكبرى، وكان يطمع فى الشهرة، وبالتأكيد شراء برج ايفل سيمنحه الشهرة، وتضعه في دائرة الشهرة.
وعندها سألهم "لوستيج" في أثناء الجولة التفقدية، إذا كانت لدى أحد منهم الحماس لشراء"برج إيفل"، على أن تقدم العطاءات سريعًا وفي سرية كاملة له شخصيًا، وهنا أعرب "بويسون" عن رغبته في أتمام الصفقة لصالحه، فطالبه "لوستيج" بابقاء الأمر طى الكتمان، حتى اتمام الصفقة.
وعندما اكتشف "بويسون" أنه راح ضحية عملية نصب، شعر بالحرج الشديد، وفضل ابتلاع الإهانة، وعدم إبلاغ الشرطة خوفًا من الإذلال والفضيحة، وأن كان عانى بعدها أزمات قلبية متتالية قضت على حياته، لذلك لم يتم توجيه أي اتهام لـ” لوستيج ” بسبب تلك الواقعة.
تمكنت الشرطة وأجهزة الأمن الأمريكية من القبض على "لوستيج" وهو يحتال في أمريكا عام 1943م، الا انه فر من البيت الفيدرالى في نيويورك، ولكن تم القبض عليه مرة اخرى، واعتقاله بعدها ب27 يوما في "بيتسبرج"، وحكم عليه بالسجن 20 عامًا.