حرب "جوتلاند".."سيادة البلطيق".. تشعل الصراع بين روسيا والسويد ومخاوف من مواجهات عسكرية.. وحلف الناتو يهاب "الدب الروسي"

كتب : سها صلاح

بعيدًا عن الحرب الدائرة بين أمريكا وكوريا الشمالية التى تهدد بحرب عالمية ثالثة هناك حرب باردة تدور رحاها بشكل خفى، تهدد بدمار أكبر بين روسيا والسويد.فالأسبوع الماضى خرج المتحدث الرسمى لوزارة الخارجية الروسية مؤكدًا أن بلاده ستستخدم تدابير للرد إذا قررت السويد الانضمام إلى حلف الشمال الأطلسى، وحذرت من أن ذلك قد يؤدى إلى عواقب سياسية وعسكرية خطيرة.روسيا والسويد.. تاريخ من الصراعخاضت روسيا والسويد العديد من الحروب على مدار التاريخ، فقدت السويد بسبب ذلك جزءًا من شمال حدودها، التى تعرف الآن بـ"دولة فنلندا"، وعلى الرغم من أن آخر حروب السويد كانت فى 1814 لكنه بعد أكثر من 200 عام مازال السويديون فى خوف من الاحتكاك بالقوى الروسية، وما ينتج عن ذلك من حرب رُبما تخسر فيها الكثير، علينا أولًا أن نعلم لماذا هذا الصراع المتكرر؟ وفقًا لصحيفة "ذا أتلانتك".تمتلك السويد جزيرة "جوتلاند" الاستراتيجية التى تتوسط "بحر البلطيق" والتى تتشارك والحدود الروسية أيضًا من خلاله، وهو ما يتسبب فى وجود علاقات مضطربة بين الدولتين؛ فالخوف الذى تشعر به روسيا من التقارب الذى يحدث بين الغرب "حلف الناتو" والسويد قائلة: إنه يشكل خطرًا كبيرًا على أمنها القومى، خصوصًا أنها ليست عضوة فيه، يوجد فى مقابله تخوف من السويد التى تشعر بأنها من الممكن أن تكون هدفًا لأى تحركات عسكرية تستهدف روسيا، بالتحديد من الغرب.إذن تشارك روسيا القوات السويدية فى وجودها العسكرى فى بحر البلطيق، وتوجد لدى روسيا أماكن "اصطياف" على ساحل البحر الأسود فى الجنوب وساحل بحر البلطيق فى الشمال، وعلى مدارالسنوات الثلاث الماضية تحدثت السويد بشكلٍ مباشر عن اقتراب بعض الأجسام الغريبة والغواصات من حدودها البحرية وأراضيها، وقال مسؤولو السلطة السويدية إنهم فى حاجة شديدة إلى الجيش "لمواجهة التواجد العسكرى الروسى فى بحر البلطيق".لماذا يحدث كل ذلك؟صرح وزير الدفاع الروسى "سيرجيه شايجو" بأن القوات البحرية لحلف الناتو زادت ثمانية مرات فى دول بحر البلطيق ورومانيا وبولندا، وزادت القوات العاملة أيضًا 13 مرة، وجميعها دول تقع على الحدود الروسية، أيضًا أعلنت بريطانيا عن إرسال 150عسكريًا للتمركز شمالى شرقى بولندا أى على الحدود الروسية؛ وعلقت الحكومة البولندية على ذلك بأنها «تؤمن بلادها»من التوتر الذى يحدث بين روسيا وقوات الناتو.فى المقابل جاء فى تقرير الأمين العام لحلف شمال الأطلسى أن روسيا قامت بما يزيد عن 18 مناورة عسكرية بموجب 100 ألف جندى فى المناورة على حدود بحر البلطيق، وهو ما يثير رعب السويديين وغالبية الدول المجاورة.على ما يبدو تجاهل الجميع أن تكوين حلف الناتو أساسًا جاء ردًا على توحد القوات السوفيتية فى منطقة شرق أوروبا قديمًا، وهو ما جعل الدول الأوروبية الأخرى تشعر دائمًا بقرب وقوع هجوم روسى عليها، حيث يعتبر الأوروبيون أنفسهم فى مواجهة مباشرة مع روسيا، كما أن الوضع فى أوكرانيا يقلقهم خشية تكرار السيناريو نفسه، فيظهر السبب الرئيسى للصراع الذى يتخد الغرب "الناتو" من السويد واجهة له، وتتعامل روسيا على تأجيجه أيضًا.من ينتصر.. الغرب أم روسيا كل من روسيا والناتو أتم أو استنفد أجندته الخاصة بمرحلة ما بعد الحرب الباردة، ولا بد لهما من أن يقررا الهوية الخاصة بكلٍ منهما الآن من جديد، فبحسب الروس أنفسهم يعتبر وجود قوة عسكرية على الحدود مع بعض دول حلف الناتو يجعلهم فى تهديد مباشر من الروس، ولا يريد الغرب إعادة سيناريو جورجيا.لكن خلال الفترة القليلة الماضية قطعت روسيا خطوات تخبرنا عن مدى القوة الفعلية لها، حيث ضمت شبة جزيرة القرم رغمًا عن الغرب وأمريكا، واستطاعت بوضوح أن تنتصر على جميع أطراف الصراع فى سوريا وتصبح الطرف الأقوى والأهم هناك.ربما يمتلك الروس خطة واضحة تساعدهم على بناء تحالفات قوية فى المنطقة العربية، وربما لذلك يعتقدون بأنهم أخطأوا عندما سمحوا للغرب بالتدخل العسكرى فى ليبيا، وأن "الكارثة" فى ليبيا كانت نتيجة غياب التخطيط بحسب دانيال دافشينسكى النائب المحافظ فى مجلس العموم البريطانى.وكان "سيرجى شويغو" وزير الدفاع الروسى قد أوضح أن المعادلة يمكنها أن تتغير إذا كانت الأمور تحت سيطرة الروس، وأن الغرب لا يملك صلاحية أن يقول ماذا تفعل روسيا فى ليبيا أو غيرها.يأخذنا ذلك إلى استعراض الميزانيات العسكرية للطرفين؛ بالنسبة للناتو فالموازنة العسكرية لدول الحلف التى توجد فى عضويتها حتى الآن 28 دولة؛ ولديها 3.9 مليون جندى، وأكثر من 6000 طائرة حربية، وحوالى 3600 مروحية، و17800 دبابة، و62600 بالإضافة إلى 15 ألف مدفع، و16 ألف مدفع هاون، و2600 منصة إطلاق صواريخ، و302 من السفن الحربية الأساسية والغواصات بحسب بيانات المعهد الدولى للدراسات الاستراتيجية ومعهد ستوكهولم الدولى لأبحاث السلام.روسيا تعد أكبر بلد فى العالم من حيث المساحة، والتى تجمع 160 جماعة عرقية وتتحدث نحو 100 لغة، لكن ذلك لا يرجح كفتها، وربما لا يخبرنا بالحقيقة كاملة؛ فالموازنة العسكرية الروسية تمثل حوالى 90 مليار دولار والقوة العسكرية لها تمثل حوالى 776 ألف عسكرى، و15.398 دبابة و31.298 مدرعة و462 مروحية قاتلة و352 سفينة حربية، وهى بذلك خفضت من إنفاقها العسكرى 5%، وهو ما قد يوضح تفوق الغرب أو حلف الناتو على الروس عسكريًا.- لماذا يخاف الغرب من روسيا؟كانت شبه جزيرة القرم انتصارًا واضحًا للروس، لكن الانتصار الأكبر كان «خسارة» السياسات الغربية الدولية فى انتزاع شرعية الدفاع عن أوكرانيا.أيضًا يعتبر صعود اليمين المتطرف الذى استفاد من الإرهاب المستشرى فى العالم فى دول أوروبا سببًا فى تداعى النظام الدولى الحالى نتيجة الأزمة المالية العالمية الذى يقف على قمته حلف الناتو وأمريكا، ويسعى اليمين المتطرف إلى التدخل القسرى واستخدام "العنف" و"القومية"، و"التعصب الدينى" ومعاداة المهاجرين على حد قول هيومن رايتس ووتش، بالتالى يمكن أن يؤدى كل ذلك إلى تفكيك الاتحاد الأوروبى القوى إلى قوى أحادية لا تستطيع بالكاد مواجهة روسيا منفردة.لكن الواضح أن الدب الروسى لا ينام إلا ويذكر سقوطه القديم، يركض يومًا تلو الآخر إلى استعادة مجده، يحقق انتصارات نسبية ومهمة "مثل سوريا وأوكرانيا".نقلا عن العدد الورقي.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
بث مباشر مباراة الزمالك وفيزبريم المجري في كأس العالم للأندية لكرة اليد (لحظة بلحظة)