"مستني إيه، تخلص إعدادية، وتخلص ثانوية، ومستني الامتحان، ونتيجة الامتحان، مستني صلاح سالم يقف، مستني تروح مشوارك مستني ترجع من مشوارك، مستني ترجع من طابور الحكومة!" كلمات مؤلمة كانت آخر ما كتبه شاب في مقتبل عمره عرف بالوجه الملائكي البشوش دائما، يدعى شريف قمر، طالب بكلية أسنان عين شمس، عمل كاتبًا ومدقق لغوي في كثير من المواقع الإلكترونية.
قرر "شريف" الموت مبكرًا، ليكون نقلة جديدة لمرضي الاكتئاب، ويكون خبر وفاته صدمة لكل المقربين منه ورواد "تويتر" بعد تدوينة نشرها، يسأل أصدقاءه عن الطريقة الأسهل للانتحار ويقوم أصدقاؤه بالرد واختيار "النط" غير مدركين أن سؤاله ربما يأتى بفكرة سيقوم بتنفيذها خلال أيام قليلة، ومن فترة قليلة دون الشاب التدوينه الأخيرة له: "الدنيا مش هتقف عليا" ليعلن بها عن غيابه إلى الأبد وتتحول صفحته إلي سرادق عزاء، تاركًا خلفه الكثير من الأسرار حول موته.
ففي الرابع من سبتمبر الجاري جاء النبأ "شريف عملها وانتحر"، فقد عاني الشاب العشريني لفترة ليست بالقليلة من الحزن الدفين، لم يتوقف عن التفكير في إنهاء حياته، وكان أصدقاؤه المقربون على علم بذلك، وكثيرًا ما حاولوا تقديم الدعم، ولكن دون جدوي، ففي فترة ليست بالقليلة من حالة الانتحار نشر الشاب البشوش ذو الضحكة الهادئة، مقطع فيديو يجمعه بأحد أصدقائه، يسأله فيه عن أفكار انتحارية، معللًا رغبته بأنه: "مستني إيه؟ هو أنا أذيتك في حاجة؟ أنا لما انتحر يبقى أذيتك في آيه؟، الحياة مش بتقف عليا"، ودخل في حالة من النقاش معه في الفيديو من خلال استعطافه بأن والده ووالدته سيحزنون عليه كثيرًا ولكنه استكفى بقول: "عادي اعتبرني حمل كاذب".
وقبل يومين نشر علي مواقع التواصل الاجتماعي أنباء عن وفاة "ذو الوجه البشوش"، دون معرفة الأسباب، فأعلنوا عن انتحاره بمسدس، وخرج بعض الأصدقاء والأقارب ليؤكدوا أن الوفاة ليست نتيجة الانتحار، "إزاي انتحر، في منتحر بيصلي العشاء فى الجامع"، وتكون وفاته بداية لجمعية جديدة للتوعية بمرض الاكتئاب تحت اسم "شريف قمر" فلم يكد يمر يوم على فراق صديقه حتى راود أحد أصدقائه التفكير في عمل شيء يخلد ذكراه، ويكون للآخرين وسيلة تمنع عنهم المصير الذي لقيه رفيقه؛ فبادر محمد ممدوح بالدعوة إلى إنشاء تلك المؤسسة بالمشاركة مع 7 من أصدقائه وكثير من المتطوعين.