يترقب التونسيون جلسة تصويت مجلس نواب الشعب، صباح يوم الاثنين المقبل، على منح الثقة للوزراء الجدد في حكومة يوسف الشاهد، الذي أجرى تغييرا كبيرا على تشكيل حكومته شمل 13 وزيرا، من بينها وزارات حساسة ومهمة كالدفاع والداخلية والمالية والتجارة، وسط توقعات بحصولها على الثقة بأغلبية مريحة.
وتتمثل أهمية التعديل الوزاري على حكومة الشاهد، في أنه جاء بعد مناقشات وسجالات استمرت لأسابيع بين القوى السياسية المختلفة في المشهد التونسي، وذلك ما بين مطالب بقصر التعديل على سد الشواغر فقط ومطالب بتوسعة حجم التعديل ليطال وزراء لم يحققوا النجاحات المأمولة، بل وامتد لمطالبة حزب "نداء تونس" الحاكم في أكثر من مناسبة بأن يعكس تمثيله بالحكومة وزنه السياسي كحزب فائز بالانتخابات البرلمانية.
وبالرغم من تواتر ردود فعل منتقدة للأسماء الواردة في التعديل الوزاري سواء من بعض المحللين السياسيين وقيادات حزبية تونسية، اعتبرت اختيار وزراء من عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي، خروجا عن مسار وأهداف الثورة وأن تركيبة الحكومة الجديدة جاءت بناء على مبدأ المحاصصة والترضيات، أو كتل سياسية كالجبهة الشعبية التي أعلنت أنها لن تصوت لصالح هذه الحكومة لعدم ثقتها في قدرتها على مكافحة الفساد وتحسين الأوضاع الاقتصادية، إلا أن رأي الأحزاب والكتل السياسية الكبيرة داخل مجلس نواب الشعب جاء داعما بشدة للتعديل الوزاري وترى أنه اعتمد على الكفاءات والخبرات وحافظ على التوازنات التي بنيت عليها حكومة الوحدة الوطنية.
وفي ظل تأييد الكتل السياسية الرئيسة التي تمتلك النصيب الأكبر من مقاعد مجلس نواب الشعب لحكومة يوسف الشاهد، فإن حصول هذه الحكومة على ثقة البرلمان بأغلبية مريحة تتجاوز عدد الأصوات المطلوبة وهي 109 أصوات من أصل 217 صوتا يعتبر أمرا محسوما، لاسيما وأن حكومة الشاهد، حافظت على تمثيل أغلب مكونات الأطراف الموقعة على وثيقة قرطاج المتعلقة بأولويات حكومة الوحدة الوطنية، إذ تضم التركيبة الجديدة أسماء تنتمي أو محسوبة على حركة نداء تونس وحركة النهضة وأحزاب آفاق تونس والجمهوري والمسار، إضافة إلى أسماء معروفة بقربها من المنظمتين الوطنيتين: الاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية.
ومع إعلان حزب "نداء تونس" (69 مقعدا لكتلته وفقا للتوزيع الرسمي للكتل الذي أعلنه رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر في دورة الانعقاد الأخيرة) مساندته التعديل الوزاري ومنحه الحكومة الوقت المطلوب لإثبات جدوى التغيير الذي حصل على تركيبتها، وتأكيد حركة النهضة أن كتلتها (69 مقعدا) ستصوت للحكومة دون استثناء، ومساهمة حزب "مشروع تونس" (25 مقعدا لكتلة الحرة التي يقودها) في التعديل الوزاري الأخير حيث تم اختيار أسماء مقدمة من جانبه في مناصب وكلاء وزارة، وتمثيل حزب "آفاق تونس" (10 مقاعد) في الحكومة، فإن حكومة الشاهد، تكون بذلك قد ضمنت الحصول على ما لا يقل عن 170 صوتا إذا التزم جميع نواب الكتل الرئيسة بالحضور والتصويت لصالحها.
وتتكون حكومة يوسف الشاهد، بعد هذا التعديل من 28 وزيرا و15 وكيل وزارة بعد أن كانت تضم عند انطلاق عملها في شهر أغسطس من العام الماضي 26 وزيرا و14 وكيل وزارة، قبل أن تصبح بعد ذلك مكونة من 25 وزيرا، عقب إلغاء وزارة الوظيفة العمومية والحوكمة.
وتم خلال هذا التعديل استحداث ثلاث وزارات، هي: وزارة التجارة ووزارة الصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة، ووزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية.
وحافظ 15 وزيرا على حقائبهم في هذه الحكومة، كما سبق لثلاثة وزراء جدد أن تقلدوا نفس مناصبهم الجديدة في أوقات سابقة، وهم عبد الكريم الزبيدي وزير الدفاع الوطني، ورضا شلغوم وزير المالية، وحاتم بن سالم وزير التربية، فيما تضم التركيبة الجديدة 6 نساء فقط (3 وزيرات و3 وكلاء وزارة) بعد أن كانت تضم 8 نساء.
وسيطرت كتلة "نداء تونس" على الوزارات السيادية في التشكيل الجديد خاصة الداخلية والدفاع، في حين تم إسناد الوزارات الاقتصادية والتكنولوجية إلى حركة النهضة.