تعني العناية المُركزة الحياة أو الموت، فهي اللحظات الحاسمة في حياة المريض، ورعاية المريض فيها تُحسب وتُقاس بالثواني وليس الدقائق، فربما ثانية واحدة، تُباعد بين المريض وبين حدوث الوفاة، ولهذا تأتي غرف العناية المركزة في قمة اهتمامات المسئولين عن الصحة، والعاملين في الطب، إلا أن مُحافظة المنوفية نجدها تنهج مبدأ "لا توجد عناية مركزة" وكل مستشفى تلعب على تحويل المريض إلى أُخرى وتكون في انتظار الرد الذي يأتي "لا وجود لأماكن شاغرة"، خاصة "مستشفى الباجور العام" الذي دومًا ما يحدث بها مشاكل للمرضى بسبب نقص أسرة العناية المُركزة، التي يموت بها مئات الأشخاص شهريًا.
"المشهد" الذي انتظم على التزايد بشكل مُبالغ فيه، إنتظار الحالات يوميًا لدخول غرف العناية إلا أن "ملك الموت" يُقابلهم قبل مُقابلتهم لأسرة العناية المُركزة، المنايفة في حال سماعهم أن مريضهم يحتاج إلى عناية مُركزة يخطر ببالهم أن هذا هو "الأمل" في إعادته للحياة وإنقاذه ومن ثم يتفاجئون بصعوبة تحقيق هذا "الأمل" بل أنه يصل إلى مثلث بارمودا ويختفي بعد دخولهم ضمن "قائمة الانتظار" التي لا تنتهي.
يقول إبراهيم جاد الله، أحد سكان مدينة الباجور، إن حل كارثة العنايات المركزة للأغنياء فقط الذي يتحملون أعباء المستشفيات الخاصة التي تهتم بآدمية المريض وترعى حالته وتُلبي احتياجاته ما دام "الفلوس" موجودة، أما الفقراء فلا حول لهم ولا قوة؛ فالموت ينتظرهم في غرف المستشفيات الحكومية ولا مفر منه بسبب إهمال العاملين على المنظومة الصحية بمحافظتنا.
ويُشير مواطن آخر من سكان قرية اسطنها، إلى مرض والدته والتي تُعاني من مرض مزمن في القلب، وعندما وطأت قدمه مستشفى الباجور العام، أكد الأطباء احتياج "والدته" إلى عناية مُركزة في الوقت الحالي، ولم يجدها بتلك المستشفي، فأبلغ طوارئ المديرية لمساعدته في الحصول على "سرير" ولو دون غرفة، فما كان للحالة إلا "قائمة الإنتظار"، ونصحه العديد إلى الذهاب إلى أحد المُستشفيات الخاصة إلا أن التكاليف المالية باهظة وفوق القدرة الاستيعابية له، وما كان للحالة إلا مُفارقة الحياة.
وفي مشهد يُثير الدهشة ويؤكد تردي الخدمة الصحية والتلاعب بأرواح المرضى بمستشفيات المنوفية، تداول عدد من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" صورًا لــ "قطة" تأخذ قسطًا من الراحة على أحد الأسرة.
ودائمًا تؤكد الدكتورة هناء سرور، وكيل وزارة الصحة بالمنوفية؛ أنه هناك نقصًا كبيرًا في أسرة العناية المركزة بالمستشفيات الحكومية وكذلك صعوبة إيجاد أسرة بسهولة، وأن عدد المرضى يزيد وقائمة الإنتظار تتزايد، وما باليد حيلة بسبب التكلفة الكبيرة لتجهيز غرف العناية ما لا تتحمله المديرية وحدها، ولذلك فعلت "سرور" خدمة طوارئ المديرية والتي تخدم المواطنين في البحث عن أسرة شاغرة في غرف العناية بمستشفيات المنوفية وعلى الفور تتم المتابعة مع "المرضى" وإبلاغهم بأماكن الأسرة.
من جانبه قال الدكتور معوض الخولي، رئيس جامعة المنوفية؛ إنه على مدار آخر ثلاث سنوات تمت مُضاعفة الطاقة الاستيعابية للمستشفيات الجامعية وعدد أسرة العناية المركزة ليصبحوا 80 وكذلك غرف العمليات، بالإضافة إلى عدد أماكن الإتاحة التي تضاعفت مرتين، معهد الكبد أصبح 450 سرير بدلًا من 80 ووحدتي زرع بدلًا من واحدة و8 غرف عمليات بدلًا من 3 وأكثر من 40 سرير عناية مركزة ومتوسطة، و40 عيادة خارجية وما يقرُب من 1600 سرير، كما تم بناء 3 طوابق بمستشفى الجامعة، آملًا في تطوير المنظومة الصحية فهي "الأهم" بالنسبة للمواطن.