حذر وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة في خطبة الجمعة اليوم، من تلك الجماعات المتطرفة التي تطلق لأنفسها العنان في تكفير المجتمع، وتنصب من نفسها حكمًا على الناس بدخول هذا الجنة أو حرمان ذلك منها ودخوله النار.
وأضاف مختار جمعة، أن نبينا (صلى الله عليه وسلم) قد حذر من ذلك تحذيرا واضحا فقال: ” كَانَ رَجُلَانِ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ مُتَوَاخِيَيْنِ فَكَانَ أَحَدُهُمَا يُذْنِبُ وَالْآخَرُ مُجْتَهِدٌ فِي الْعِبَادَةِ فَكَانَ لَا يَزَالُ الْمُجْتَهِدُ يَرَى الْآخَرَ عَلَى الذَّنْبِ فَيَقُولُ أَقْصِرْ، فَوَجَدَهُ يَوْمًا عَلَى ذَنْبٍ فَقَالَ لَهُ: أَقْصِرْ، فَقَالَ: خَلِّنِي وَرَبِّي أَبُعِثْتَ عَلَيَّ رَقِيبًا، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ أَوْ لَا يُدْخِلُكَ اللَّهُ الْجَنَّةَ، فَقَبَضَ أَرْوَاحَهُمَا فَاجْتَمَعَا عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَقَالَ لِهَذَا الْمُجْتَهِدِ: أَكُنْتَ بِي عَالِمًا أَوْ كُنْتَ عَلَى مَا فِي يَدِي قَادِرًا، وَقَالَ لِلْمُذْنِبِ: اذْهَبْ فَادْخُلْ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِي، وَقَالَ لِلْآخَرِ: اذْهَبُوا بِهِ إِلَى النَّارِ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَوْبَقَتْ دُنْيَاهُ وَآخِرَتَهُ” (سنن أبي داود)، بل إنه (صلى الله عليه وسلم) كان يسأل الله (عز وجل) حسن الخاتمة فيقول: “يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ” (الترمذي).
وكان الإمام علي (رضي الله عنه) يقول: “لا تُنْزلوا المُطِيعين الجَنَّة ولا المُذْنبين المُوَحدين النار حتى يَقْضيَ الله فيهم بأمره”، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): “إِنَّ أَحَدَكُمْ يَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا غَيْرُ بَاعٍ أَوْ ذِرَاعٍ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا غَيْرُ ذِرَاعٍ أَوْ ذِرَاعَيْنِ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا” (صحيح البخاري).
فالعاقل من ينشغل بحال نفسه عن الحكم على الناس بدخول الجنة أو النار، والجاهل الأحمق هو من ينشغل بتكفير الناس أو الحكم عليهم بما ليس من شأنه أن يدخل فيه، ذلك أن أمر العباد أولًا وأخيرًا إلى الواحد الأحد.