في ذكرى إعدام "أسد الصحراء".. حكاية "عمر المختار" الذي انتصر على جيوش إيطاليا بألف مقاتل ( بروفايل)

كتب : عبده عطا

"عليه ثياب لو تقاس جميعها.. بفلس لكان الفلس منهن أكثر.. وفيهن نفس لو تقاس ببعضها.. نفوس الورى كانت أجل وأكبر".. بهذه الأبيات وصف الشاعر الليبي "الشارف الغريانى" حالة ثياب عمر المختار أثناء زيارته له بالسجن.

سيد الشهداء، وشيخ المجاهدين، وأسد الصحراء، لم تأتى هذه الألقاب التى حصل عليها عمر المختار من الفراغ، بل لكثرة المعارك التى خاضها ضد المستعمرين لبلاده فى ذلك الحين.

وُلد عمر المختار فى 20 أغسطس عام 1862، فى قرية ببرقة بلبيا، وكفله أبوه وعني بتربيته تربيةً إسلاميَّة، إلا أن عمر المختار لم يعايش والده طويلا، ثم انتقل عمر وهومازال طفلا صغيرا إلى شريف الغريانى الذى كلفه الأب وهو على فراش المرض أن يرعى هذا الابن حتى يشتد ساعده.

أثار عمر المختار انتباه شيوخة فى صباة، فهو اليتيم اليافع، الذى شجع الناس على التعاطف معه من خلال تشجيعهم على حفظ القرآن، تعلم عمر المختار فى ثمانية أعوام على يدى أبرزالشيوخ منها السيّد الزروالي المغربي، والسيّد الجوّاني، وغيرهم كثير، إلا أن هذه الشيوخ شهدوا له بالنباهة ورجاحة العقل، ومتانة الخلق، وحب الدعوة."لو كان عندنا عشرة مثل عمر المختار لاكتفينا بهم".. قال هذه الكلمات المهدى السنوسى ملك السودان، والذى عين عمر المختار نائب له لإدارة شئون بلاده فى ذلك التوقيت.خاض عمر المختار الكثير من المعارك من أجل تحرير لبيا، والتى كان بدايتها عام 1911 عندما أعلنت إيطاليا الحرب على الدولة العثمانية، علم المختار وهو فى الصحراء بأن الإيطالين قادمون لغزو بنغازى فقام بتجنيد أهله من قبيلة العبيد لمقاومة الاحتلال، ونجح بجمع 1،000 مقاتل معه.

وواوصل عمر المختار هجماته الشرسه على منطقة درنة عام 1913 الذى انتهت بمقتل مئات الجنود الإيطالين، ثم قام بعدها بالتخطيط للحروب التى سيخوضها فى الأيام المقبلة والتى بدأها بتسليح الجيش بالبنادق الخفيفة ليكمل المعركة التى بدأها.وأرادت إيطاليا أن تمنع طريق الإمداد على المجاهدين فاحتلت الجغبوب لكن توالت انتصارات المجاهدين، مما دفع موسولينى لتعيين بادوليو حاكمًا عسكريًا لليبيا في يناير 1929، وتظاهر بادوليو برغبته في التفاوض مع المختار واستجاب الشيخ، لكنه اكتشف أن الإيطاليين يريدون كسب الوقت فواصل الجهاد ودفعت انتصاراته إيطاليا لدراسة الموقف من جديد وعين موسولينى جراتسيانى أكثر جنرالات الجيش دموية.فى شهر أكتوبر عام 1930 استطاع الطليان الاشتباك مع المختار وإسقاط فرسه قتيلا، وظنوا أن المختار قتل، إلا أنهم تيقنو بعدها أن المختار لازال حيا، فقال غراتسياني فى منشور له: "اليوم أخذنا بنظارة المختار وغدا نأخذ برأسه".وفى العام التالى كان الشيخ عمر المختار يستطلع منطقة سلنطة في الجبل الأخضر مع بعض رجاله، وانتهت هذه المعركة وقع المختار فى الأسر، ودفعو به فى سجن سيدى أخريبيش ببنغازى، وقطع جراتسيانى عطلته وعاد على طائرة إلى بنغازى، وطلب رؤيته بعينه.خيم على لبيا الظلام بعد وقوعه فى يد الإيطالين، وما لبس عمر المختار فى السجن إلا بضعة أشهر، وسرعان ما أصدرت المحكمة حكما بإعدامه شنقا، ونفذ هذا الحكم وسط حضور أنصار عمار المختار، والطائرات تحلق فى سماء لبيا، والمختار مكبل اليدين والقدمين يصعد إلى حبل المشنقه مرفوع الرأس فى صمت شديد، فى تمام الساعة التاسعة من صباح يوم السادس عشر من سبتمر عام 1931 " زى النهارده"، فارق عمر المختار الحياة معلقا على مشنقة الإيطالين فى ليبيا.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً