سعى للحصول على تأييد أوروبي ينقذ قطر من عزلتها، فحصد مواقف مترددة ووعود مؤجلة وتمنيات باردة، ليتذوق أمير قطر تميم بن حمد، مرارة الفشل، وخيبة الأمل، إذ جاءت جولته الأوروبية على غير ما يشتهي لأنها أثبتت بشكل نهائي أن حل الأزمة لا يزال في يد الرياض وبقية عواصم دول المقاطعة.
حاول تميم في أول جولة خارجية له منذ اندلاع الأزمة مع دول المقاطعة (السعودية والإمارات ومصر والبحرين)، مطلع يونيو الماضي، البحث عن حل للأزمة التي أدت إلى عزلة قطر وانكشاف وجهها الداعم للإرهاب، فأبدى استعداده للجلوس على طاولة الحوار، وتراجعه عن لهجته الرافضة لمطالب دول المقاطعة، لكن هذه الحيلة الرخيصة لم تنطل على أحد، فالجميع يعلم أن قطر تنتهج مسارين أولهما رفض التعاطي مع دول المقاطعة، والثاني تبني خطاب إعلامي يدعي المظلومية أمام الرأي العام الغربي.
زار تميم حاميه التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة، بدا أردوغان مرحبا بالانبطاح القطري المجاني، إذ يتملك الرئيس التركي وهم مجنون لاستعادة حقبة الاستعمار العثماني ويريد إرجاع أمجاد الإمبراطورية العثمانية على أطلال البلدان العربية، في المقابل لم يحصل تميم إلا على تأييد تركي هزيل لمواقف بلاده.
من أنقرة توجه تميم إلى برلين، للقاء المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، الأخيرة كانت أذكى من أن تقع في الفخ القطري، فانتزعت اعترافا صريحا من تميم بإلزام قطر بمكافحة الإرهاب، وأجبرته على إعلان استعداده للجلوس على طاولة الحوار مع دول المقاطعة، دون قيد أو شرط، ثم أعلنت وقوف ألمانيا على الحياد في بين أطراف الأزمة القطرية، في صفعة دبلوماسية على الطراز الألماني لأوهام أمير السراب القطري.
جر تميم ذيول الخيبة من برلين إلى باريس، حيث التقى بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأخير أبدى بعض التجاوب مع الأطروحات القطرية، فطالب برفع ما وصفه بـ "الحصار" عن قطر، ليقع في خطأ دبلوماسي غريب، فكيف يصف المقاطعة العربية بـ "الحصار" على الرغم من أن أمير قطر غادر بلاده وقام بجولة خارجية شملت عدة دول؟ أليس معنى الحصار أن لا يتمكن حاكم قطر من مغادرة حدود بلاده؟!
رغم هذا التصريح الغريب إلا أن رئيس فرنسا لم يمض أكثر من هذا في تبني وجهة النظر القطرية، إذ اكتفى بإعلان انشغال بلاده بتداعيات الأزمة، رافضا على أرض الواقع القيام بجهود الوساطة لحل الأزمة القطرية، متفقا في ذلك مع ميركل وأردوغان، ليسقط في يد تميم الذي خرج من أوروبا خاوي الوفاض.
فشل تميم في تسول الحل أوروبيا أثبت أن الحل لا يزال عربيا، فأمير قطر لم ينجح في إقناع أي من الدول الأوروبية التي زارها بالتوسط لإنهاء الأزمة، إذ وصلت العواصم الأوروبية إلى قناعة نهائية بأن حل الأزمة يمر عبر السعودية وبقية دول المقاطعة، فمتى يزور بن حمد الرياض ويطلب الصفح من الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، إذ كان جادا في إتمام المصالحة والتخلي عن ملف دعم الإرهاب كما يزعم؟