حروب لا تعرف عنها شيئا.. حرب الأفيون الأولى.. الفضة وقلة الموارد والتحدي ضمن أسبابها

حرب الأفيون الأولى ما هي إلا واحدة ضمن حربين قامتا بسبب محاولة الصين القوية للحد من زراعة الأفيون واستيراده، مما حدا ببريطانيا ان تقف في وجهها بسبب الأرباح الكبيرة التي كانت تجنيها بريطانيا من تجارة الأفيون في الصين.وتعرف أيضا حرب الأفيون الأولى باسم الحرب الأنجلوصينية، لأنها دارت بين المملكة المتحدة وأسرة تشينج، بسبب تضارب المصالح التجارية ورغبة بريطانيا في تقويض قوة الصين عبر نشر إدمان الأفيون فيها، والحرب دامت فيما بين 1839م حتى 1842م.بداية الاحداثقامت بريطانيا في نهاية القرن الثامن عشر الميلادي بفتح أبواب الصين امام تجارتها العالمية ‏فطلب الملك جورج الثالث من الامبراطور الصيني شيان لونج توسيع العلاقات التجارية بين البلدين، إلا أن الامبراطور أجابه: ان امبراطورية الصين السماوية لديها ماتحتاجه من السلع وليست في حاجة لاستيراد سلع أخرى من البرابرة‏.‏ ‏ فلم تستطع بريطانيا في ظل هذه الظروف‏ تصدير الا القليل جدا من سلعها إلى الصين، وفي المقابل كان علي التجار البريطانيين دفع قيمة مشترياتهم من الصين من الشاي والحرير والبورسلين نقدا بالفضة‏، مما تسبب في استنزاف مواردهم منها، لذلك لجأت بريطانيا إلى دفع إحدى شركاته وهي شركة الهند الشرقية البريطانية (East India Company) التي كانت تحتكر التجارة مع الصين الي زرع الافيون في المناطق الوسطي والشمالية من الهند‏ وتصديره الي الصين كوسيلة لدفع قيمة واردتها للصين‏.‏انطلاق الشرارة الأولىتم تصدير أول شحنة كبيرة من الافيون الي الصين في عام‏ 1781، وهي الشحنة التي لاقت بسببها تجارة الافيون رواجا كبيرا في الصين‏ وازداد حجم التبادل التجاري بين البلدين، وبدأت بشائر نجاح الخطة البريطانية في الظهور، إذ بدأ الشعب الصيني في ادمان الافيون، وبدأ نزوح الفضة من الصين لدفع قيمة ذلك الافيون‏.‏ وبدأت مشاكل الإدمان تظهر على الشعب الصيني مما دفع بالإمبراطور يونج تشينج (Yong Tcheng) في عام 1829 م بأصدار أول مرسوم بتحريم استيراد المخدرات، غير أن شركة الهند الشرقية البريطانية لم تلتفت لهذا المنع واستمرت في تهريب الأفيون إلى الصين.وتصاعدت حركة التهريب للأفيون إلى الصين بصورة تدريجية حيث لم يُهرَّب إليها في عام 1829 م سوى 200 صندوق تحوي 608 كيلوجراما من الأفيون قدرت تكلفتها بخمسة عشر مليون دولارا، ثم في عام 1892 م وصلت المهربات إلى 4000 صندوق حوت 272 طناً.انزعجت الصين لهذه الظاهرة‏ وللخطر الذي يمثله تعاطي الافيون الواسع‏ والذي يسبب تدمير المجتمع الصيني إذ كان الصيني يبيع كل ما يملك للحصول على الافيون، لذلك اصدر الامبراطور الصيني قرارا آخر بحظر استيراد الافيون إلى الامبراطورية الصينية، بل وذهبت الامبراطورية إلى ابعد من ذلك عندما ذهب ممثل الامبراطور الي‏ مركز تجارة الافيون واجبر التجار البريطانيين والأمريكيين علي تسليم مخدراتهم من الافيون الذي بلغ الف طن وقام باحراقه في احتفالية كبيرة شهدها المناهضين لوجود هذا المخدر.استخدام القوةعندها قررت بريطانيا التي كانت في اوج قوتها العسكرية في ذلك الوقت اعلان الحرب على الصين لفتح الأبواب من جديد امام تجارة الافيون للعودة من جديد. وبحث البريطانيون عن ذريعة لهذه الحرب فاستخدموا مبدأ "تطبيق مبدأ حرية التجارة" وفي ذلك الوقت كانت بريطانيا قد خرجت منتصرة علي منافسيها من الدول البحرية في حروب نابليون وقامت الثورة الصناعية فيها‏،‏ وأصبحت الدولة الرأسمالية الاقوي في العالم فلجأت الي فتح اسواق لتصريف منتجاتها الصناعية‏ والبحث عن مصادر رخيصة للمواد الأولية التي تحتاجها لصناعاتها‏. وكان النظام العالمي في ذلك الوقت يقوم علي مبدئين هما حرية التجارة ودبلوماسية السفن المسلحة‏.‏ و‏ارسلت بريطانيا في عام‏1840‏م سفنها وجنودها الي الصين لاجبارها علي فتح أبوابها للتجارة بالقوة.الحرب ونتائجهااستمرت حرب الافيون الأولى عامين من عام‏1840‏ الي عام‏1842‏ واستطاعت بريطانيا بعد مقاومة عنيفة من الصينيين احتلال مدينة "دينج هاي" في مقاطعة شين جيانج‏ واقترب الاسطول البريطاني من البوابة البحرية لبكين‏.‏ دفع ذلك الأمر الامبراطور الصيني للتفاوض مع بريطانيا وتوقيع اتفاقية "نان جنج" في أغسطس 1842، والتي اعتبرتها بريطانيا مكسبا كبيرا لها ضد الصين.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً