مع اقتراب بداية العام الدراسى الجديد، المقرر فى الثالث والعشرين من شهر سبتمر الجاري، سيطرت حالة من الدهشة، على العديد من الأسر، بسبب ارتفاع أسعار المستلزمات المدرسية، من كتب خارجية، وأدوات مكتبية، بالإضافة إلى الزي المدرسي.
"لو أنا هاكل عيش بملح مش مشكلة، بس عيالى متحسش إنهم أقل من حد"؛ بهذه الكلمات بدأ "أبو سعيد" البالغ من العمر 52 عام حديثه، وسط حالة من الحيرة سائلًا، هل أستطيع أن أواجه إرتفاع أسعار الأدوات المدرسية، ومطالب أبنائي هذا العام أم لا؟
اعتادت أسرة "أبو سعيد"، خلال السنوات الماضية، على العيش بالدخل الشهري الذى يتقاضاه الأب، نظير عمله طباخ بجامعة القاهرة، والذي لم يتجاوز 1400 جنيه، إلا أنه فى بعض الأحيان كان بحصل على دخل من جهة أخرى على حد قوله، فيعمل في فترة بعد الظهيرة كسباك أحيانا، وأحيان أخرى كهربائى.
يقول أبو سيعد: "كنت ألبى احتياجات بيتي وأولادي بهذا المبلغ لسنوات، فكنت أدفع المصاريف المدرسية لثلاثة أبناء، إثنين منهم فى المرحلة الثانوية، الأكبر بالصف الثالث والوسطى بالأول، أما الثالثة فهى بالمرحلة الإعدادية، بالإضافة إلى شراء كافة المستلزمات المدرسية من كتب خارجية وأدوات مكتبية.ورغم هذه المعاناة التى يحملها الأب على كاهله لتوفير سبل معيشة كريمة لأبنائه، إلا أنه لم يستطع العام الماضي شراء الزي المدرسي، "يقول البنتين كانوا بيلبسوا لبس بعض" فكانت الإبنة الكبرى تعطى ملابسها للصغرى لتذهب به إلى المدرسة بدلًا من شراء زي آخر لها، ومع بداية العام الدراسى الجديد يقول "أنا عاجز عن شراء الزي المدرسي" فى ظل ارتفاع الأسعار الغير مسبوق.
لكن الأم التى ظلت طوال ثمانية عشرة عام كربة منزل، ولم تقم بأية عمل سوى مراعاة أبنائها، ومتابعتهم، إضطرت هى الأخرى للبحث عن عمل تساعد به الأب، الذي ظل سنوات طويلة يسعى ويكد بمفرده، وعملت "أم سعيد" كعاملة نظافة باليومية فى مدرسة خاصة، هكذا يقول الأب، وتتقاضى راتب 900 جنية نظير عملها."كله بيشتكي"، قاطعت الأم "أبو سعيد" خلال حديثه، بهذه الكلمة، وأكملت: "أنا لحد دلوقت لم اشتري شنط المدرسة لأولادى، لأن أقل شنطة بـ 250 جنية، ولا حتى كشكشول، ولادى بيكتبو فى "كشاكيل السنه إلا فاتت".
تستيقظ "أم سعيد"، الساعة الرابعة والنصف صباح كل يوم عدا الجمعة لتذهب إلى عملها، لكى لا تصل متأخرة فيتم الإستغناء عنها، إلا أنها تحمل هم أبنائها الثلاثة هى الأخرى. تقول: "هشترى الزى المدرسي بكام، وهدفع مصاريف المدرسه كام، وهناكل ونشرب بكام، إلا أنها قالت: "بستغل فترة الإجازة واعمل وجبات أكل للجيران، وأى حاجة تساعد مع الدخل".تشهد أسرة "أبوسعيد"، استنزافًا ماديًا من نوع آخر، وهو الدروس الخصوصية، التي تستهلك النصيب الأكبر من الراتب، ويواصل الأب قائلا "أنا بدفع لإبنى في الحصة الواحدة 50 جنية"، موضحًا أن المادة الواحده تتكلف فى الشهر 200 جنية، قاطعت "أم سعيد" الحديث قائله "لو الحكومة اهتمت بالتعليم لا هندفع فلوس، ولا هنشترى ملخصات، ونوفر الفلوس ناكل ونشرب بيها"
أصابت أسرة "أم رحمة" أيضًا هذا الارتباك بعد ماعلمت بإرتفاع أسعار المستلزمات المدرسية فقط، وهى أم لأربعة أبناء تتراوح أعمارهم مابين خمسة عشر عامًا، وثمانية أعوام، تنفق على أولادها من معاش والدهم المتوفي من ثلاث سنوات، "لا اشتريت لبس عيد ولا مدارس، وولادي بيلبسو مع بعض واللي بتصغر عليه الهدوم بيلبسها الأخ الأصغر منه" على حد قولها.كانت أم رحمة لأكثر من خمس سنوات تذهب إلى الفجالة لتشتري لأولادها الكشاكيل، والأقلام، بالإضافة إلى حقيبة المدرسة، تقول:"لما ذهبت هذا العام تفاجأت بأن الكشكول 80 ورقة يبدأ سعره من 16 جنية، والشنطة من 400 جنية إلى 700 جنيه، رجعت إلى البيت فى هذا اليوم على حد قولها- لتعيد حسابتها، كي تدبر المبلغ المطلوب لشراء المستلزمات المدرسية، قالت: "أنا كنت بشترى بـ 800 جنية للأربع أولاد كل سنة، لكن السنادي محتاجة ثلاثة آلاف جنيه".
"إلا يتعلم يتعلم وإلا مش عايز هو حر؛ أنا تعبت" بهذه الكلمات أنهت أم رحمة كلامها، إلا أنها عاودت مرة أخرى، وقالت لى كلمة أخيرة يا أستاذ بالله عليك، وصل كلامى للمسؤول عن التعليم، وقوله هو أنا علشان فقيرة معلمش ولادى زي ولاد الناس الأغنياء".وعلى الجانب الآخر كان لنا لقاء بأسرة "محمد علي"، الذى يعمل مهندسًا بوزارة البترول، فهو أب لاثنيين من الأبناء، فى المرحلة الإبتداية، وثالث بالحضانة، ألحق أولاده بالمدارس الدولية الخاصة، نظرا لعدم الإهتمام بنظيرتها الحكومية، وعن المصروفات التىي ينفقها الأب على ابنيه قال: "أنا مصاريف ولادى فى السنة 90 ألف جنية"، موكدًا أنه لايعاني من ارتفاع أسعار المستلزمات المدرسية، ولا يوجد عنده أى مشاكل بالنسبة لمصاريف المدرسة.ويؤكد كلامه بهذه الكلمات "أنا إلى حد ما ظروفي المادية كويسة"، إلا أنه يعلن تضامنه مع الأسر الفقيرة، "أنا أستطيع أن أنفق على أولادي وألبي كافة احتياجتهم، لكن هناك غيري ليست لديه القدرة على تعليم أولاده فى ظل ارتفاع الأسعار هذه الأيام".بالمثل لا تعاني أسرة "عائشة متولى"، من ارتفاع أسعار الكتب الدراسية وغيرها من مصروفات فمثلها مثل أسرة "محمد على"، لديها ابنين فى المدارس الدولية الخاصة، تنفق عليهما دون أى معاناة، إلا أنها قالت "كنت أتمنى أن أعلم أولادي كبقية الناس فى المدارس الحكومية، ولكن للأسف التعليم الحكومى لا يغني ولا يسمن من جوع".