ما لا تعرفه عن "تشرشل".. عاشق السيجار الذي رفض هزيمة بريطانيا أمام المانيا ومبتكر وصف "الستار الحديدي"

بالوعة كحول متنقلة ومدخنة تنفث السيجار الفخم، هكذا وصف بعض المؤرخين شخصية "ونستون تشرشل" الذي امتد عمره إلى 90 عاما وتم تصنيفه من اخطر الشخصيات الاكثر دهاءا في التاريخ السياسي على التحديد.ولد ونستون تشرشل Winston Churchill لأب بريطاني وأم كانت ابنة لمليونير أميركي في 30 نوفمبر 1874 قبل شهرين من ميعاده الطبيعي، بغرفة في قصر عائلته بمقاطعة "أكسفوردشاير" في جنوب إنجلترا، وكانت اسرته العريقة تحمل لقب "مارلبورو"، وحين كان في التاسعة عشر من عمره قرر أن يبدأ حياته العسكرية، فكان ضمن القوات الموجودة في الهند ثم كوريا ثم السودان، ولكن تم أسره في حرب "البوير" ىبجنوب افريقيا التي انتهت في 1902 بمعاهدة "فيرين جينج".حياتهبعد زواجه في عام 1908 رزق بأربعة أبناء هم ديانا بعد عام من الزواج، وراندولف بعدها بعامين، ثم سارة في 1918 وبعدها بأربعة أعوام ولدت ماري، التي قضت نحبها بالانفلونزا وهي رضيعة، ثم ولدت له طفلة في 1922 سماها ماري أيضا تيمنا بالاسم الذي نسب إلى طفلته المتوفاة.ولم يكن السيجار يفارق تشرشل منذ قام بتدخينه لأول مرة وهو بعمر 22 سنة حين كان في كوبا ضمن فرقة عسكرية بريطانية، لذلك كان في حياته ماركة مسجلة تم وصفه بها من كثير من المؤرخين، حيث كان يدخن 10 سيجار متنوع الأحجام يوميا، أي 3650 سيجارا سنويا، لذلك أكد معظم من كتبوا عنه أنه دخن 250 ألفا على الأقل حتى وفاته في 24 يناير 1965 بسكتة دماغية.الحياة السياسيةكان "تشرشل" عاشقا للسياسة والاعمال العسكرية منذ كان مراهقا، ولذلك نجده في أولى سنوات انخراطه في الحياة السياسية، تقلد كثير من المناصب السياسية والحكومية ايضا، وضمن هذه المراكز التي تقلدها رئاسة وزارة الصناعة والتجارة، ووزارة الداخلية، كما أصبح أميرًا للبحرية البريطانية عن حزب الأحرار الأسكويثي، وذلك بفضل تأييد فريق له سانده من كبار رجال الدولة والاموال، وفي 10 مايو 1940 شكل "تشرشل" وزارة برئاسته حملت إسم "وزارة النصر".احتفظ تشرشل بمنصب أمير البحرية البريطانية حتى اطاحت به المعركة الشهيرة التي تحمل إسم "هربرت هنري أسكويث جاليبولي" والتي راح ضحيتها الآلاف من قوات التحالف والقوات العثمانية، مما أدت لرحيله عن الحكومة، إلا أنه استأنف خدمته العسكرية بنشاط كقائد الكتيبة السادسة من الفوج الملكي الاسكتلندي، ثم عاد لعمله الحكومي كوزيرًا للذخائر، حيث تولى مراقبة وتنسيق عملية توزيع الذخائر للمجهود الحربي؛ ووزير الدولة لشئون الحرب ووزير الطيران. وبعد الحرب عمل تشرشل وزيرًا للخزانة البريطانية في ظل فترة حكم حكومة المحافظين التي رأسها السياسي ستانلي بلدوين من عام 1924 حتى 1929، وحاول جاهدا في هذه الفترة أن يربط سعر الجنيه الإسترليني عام 1925 بالغطاء الذهبي، كما كان الحال قبل الحرب رغبة في استقرار اقتصادي من نوع آخر، ولكن تسبب الأمر في إثارة الجدل حوله، وتم اتهامه بأنه يساعد في رفع نسبة التضخم مما يضر باقتصاد البلاد.تشرشل وهتلروجدت بريطانيا نفسها وحيدة في مواجهة هتلر الذي كان يثير رعب العالم كله بقوته وخطاباته الحماسية التي رصدتها وسائل الإعلام في كل العالم، وسار "تشرشلل" على نفس الخطى حيث بدأ في إثارة حماس الشعب البريطاني من خلال خطاباته الحماسية والبرامج الإذاعية التي طل من خلالها بصوته المميز.وبعد هزيمة حزب المحافظين أصبح "تشرشل" زعيمًا للمعارضة بعد فوز حزب العمل البريطاني بالحكومة برئاسة كليمنت أتلي، ولكن تسببت الحروب المتتالية في اصابته بالحزن لما فقده من جنود وعتاد، لدرجة أن وصف "بيتان" الحقيقة لتشرشل وقال بأن صوته كان يقطر دما ولا يقوى على رفع عينيه عن يديه الممتدتان على الطاولة امامه وهو يقول أن عجلة الحظ انقلبت وباتت فرنسا نهبا للدمار على يد القوات الألمانية العنيفة.وكان العداء بين تشرشل والزعيم الالماني "ادولف هتلر" لا ينتهي ، حيث اتهم "تشرشل" الأخير بأنه يسعىلتحطيم سلاحه الجوي بعد تحطيم جيش بريطانيا البري تقريبا، وأنه لابد من توفير سلاح الجو الملكي استعدادا لضربات جديدة من "هتلر"، وهي الضربات التي ستقرر مصير العالم، فإن انتهت بفوز بريطانيا تم انقاذ كل شئ وان فازت المانيا ضاع كل شئ، ولكن تسببت هذه الكلمات في قطع العلاقات مع فرنسا وكل سبل الحوار ايضا.وسجل "تشرشل" في مذكراته عن هذا الأمر بأنه كان دائم التفكير في عجز بريطانيا عن تأمين إسهام حربي ذي شأن، وأنها ألقت على كاهل فرنسا معظم المجهود ولكنه كان يهتم بسلامة بلاده في المقام الأول رغم كل شئ، وبرغم عودة "تشرشل" إلى بريطانيا لاحقا بعد فشل التواصل مع فرنسا لصد الالمان إلا أن طيرانه المسلح تابع الطيران فوق المانش ليفلت من مطاردة الاعداء في حين قضي على فرنسا على يد الألمان بالفعل.وبعدها وجه "هتلر" خطابا إلى بريطانيا يعرض فيه في قوة السلام بين البلدين وقال أنه يتكلم من موقع المنتصر حيث لا يجد اي سببا للاستمرار في الحرب، وهو صوت العقل كما وصفه، كل هذا في الوقت الذي اجتاح فيه "هتلر" اوروبا وأسقط فرنسا بعد هزيمة الانجليز الساحقة ولم يعد له منافسا في هذا الجانب إلا بريطانيا بعد عقد تحالف مع السوفييت بينما كانت امريكا خارج الأمر برمته، ولكن "تشرشل" أعلن الرد المفاجئ بأن بريطانيا ستظل تحارب مهما كانت التضحيات للتخلص من الكابوس الألماني.بالفعل حشد "تشرشل" القوات من جديد واستطاع أن يحقق بعض الهزائم في حق الألمان، وبرغم عشرات القتلى في المدن البريطانية على يد الألمان، إلا أن "تشرشل" ظل على عناده ومقاومته المستميتة، فلم يكن يخشى الموت قدر خوفه من الهزيمة، وقال أنه على استعداد للتحالف مع الشيطان من اجل مصلحة بريطاينا.حاول تشرشل أن يضم الولايات المتحدة لصفه وكان الرفض هو الرد دائما حتى وقعت كارثة "بيرل هاربر" فانضمت امريكا لصف بريطانيا، وبدأت سلسلة من الحروب لصد الغزو الألماني، خاصة بعد فشل هذا الوحش في دخول موسكو، ورفض "تشرشل" تغيير محل إقامته كما نصحه المقربون خوفا من اغتياله، حتى وصفه رئيس الولايات المتحدة ايزنهاور بأ،ه من قاد جيوش الحلفاء إلى النصر في اوروبا.وفي عام 1932، قبل تشرشل رئاسة منظمة الكومنولث الجديدة وان كان موقفه من الحكام الفاشيين غامض في هذه الفترة فبعد هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى، ظهر خطر جديد يهدد الوعي السياسي كتب عنه تشرشل مقالًا صحفيًا حذر فيه من خطر البلاشفة على السلام العالمي وهم الجناح اليساري لأنصار لينين. النهايةكان تشرشل عانى من إصابة بسكتة دماغية عابرة أثناء تواجده بجنوب فرنسا، وفي يونيو 1953 عندما كان عمره 78 أصيب بآلام سكتة دماغية أكثر شدة من السابقة، ولكنه أخفى الأمر تماما عن أعين وسائل الإعلام والحكومة وحتى الاصدقاء، وتم تشخيص الأمر على أنه ارهاق.ولكن غادر تشرشل إلى منزله بغرض التعافي من آثار تلك السكتات، التي أثرت كثيرًا على حديثه وقدرته على السير، وبعدما أدرك أنه مريض لا محالة اعتزل تشرشل عمله كرئيس للوزراء عام 1955، ليخلفه أنطوني إيدن، ليعاني في ديسمبر 1956 من سكتة جديدة، وكانت تنوي الملكة إليزابيث الثانية جعل تشرشل دوق لندن، لكن ابنها راندولف عارضها بشدة؛ لأنه اللقب الذي ورثه عن والده.تراجعت شعبية تشرشل تراجعًا كبيرا بسبب تراجع الشباب عن دعمهم له في دائرته، حيث وجدوا أنه لا يقدر على دخول مجلس العموم إلا على كرسي متحرك، وايضا غياب بعض من قدراته الذهنية والعضلية، ومن هنا خسر معركته، وانتشرت احاديث أخرى عن اصابته بالزهايمر في سنواته الأخيرة، غير أن آخرون أكدوا أن انخفاض قدراته العقلية كانت بسبب سلسلة من السكتات الدماغية التي تعرض لها.وحارب تشرشل حالته السيئة، محاولًا دائمًا الانخراط في الحياة العامة، ولكنه اصيب بـسكتة دماغية شديدة تسببت في عجزه بالكامل فلم يستطع أن يغادر فراشه، وبعد تسعة أيام اي في الرابع والعشرين من شهر يناير 1965، رحل عنا عن عمر يناهز90 عاما.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
مصطفى بكري: القوات المسلحة المصرية أقوى من جيش الاحتلال