الجزائر علي طريق "الإفلاس".. الحكومة تلجأ لطباعة العملة لسد عجز الميزانية.. ومواجهة أزمة النفط تزيد من التضخم.. أويحيي "رجل المهام القذرة" يلجأ لتمويل "غير تقليدي"

كتب : سها صلاح

أطلقت الحكومة الجزائرية آخر رصاصة لديها من أجل مواجهة أزمة النفط منذ 3 سنوات بطبع العملة من أجل تمويل الإنفاق العام وسد العجز في الميزانية، لكنه تدبير سيزيد التضخم.

وتواجه الجزائر برئاسة عبدالعزيز بوتفليقة أكبر أزمة اقتصادية منذ وصول الرئيس إلى السلطة في 1999، فعندما اشتعلت الثورات في العديد من الدول العربية في 2011، كان سعر برميل النفط أكثر من 110 دولارات.

وبالنسبة إلى الجزائر التي يعتمد اقتصادها بنسبة شبه كاملة على المحروقات، بدأت المشاكل مع انهيار الأسعار في صيف 2014.

محاكاة النموذج الفنزويلي

ويتحسب الجزائريون لارتفاع كبير في أسعار المواد والسلع الاستهلاكية، بفعل اعتزام الحكومة اعتماد خيار الإصدار النقدي، أي طبع العملة الورقية دون مقابل في الإنتاج.

وبدأت تبعات هذا القرار حتى قبل اتخاذه، تظهر في انهيار العملة الوطنية التي وصل سعرها في السوق السوداء إلى 200 دينار مقابل يورو واحد، وهو مؤشر ينذر بمستويات قياسية للتضخم في سنة 2018، لدرجة اعتبار كثير من السياسيين والاقتصاديين أنّ الجزائر تسير نحو النموذج الفنزويلي.

وقال تجار ومتعاملون إن الدولار الواحد بلغ في السوق السوداء 170 دينارا بعدما كان في حدود 160 دينارا.

وتزايد القلق مع تدهور قيمة الدينار في القنوات الرسمية حيـث بلـغ اليـورو في البنوك 140 دينارا بعـدما كـان في حـدود 120 دينارا، في حين لم يتأثر سعر صرف الدولار كثيرا.

وأفادت صحيفة "لي أوكي ديلا غويرا" الإيطالية في تقرير لها بأن مظاهر هشاشة الاقتصاد الجزائري واضحة جدا، فقد أصبح الاستثمار في البنية التحتية غير كاف، وخلق انهيار أسعار النفط عجزا كبيرا في الميزان التجاري، كما كشف أيضا عن غياب التنويع في مصادر الدخل، وهو ما يلقي بظلاله على مستقبل البلاد.

أشارت الصحيفة إلى أن الكثيرين يعتقدون أن الجزائر لم تشملها رياح الربيع العربي، التي أطاحت بزين العابدين بن علي وحسني مبارك، لأن الجزائريين لا يزالون يتذكرون العشرية السوداء وما سببته الحرب الأهلية في بلادهم، لذلك فضلوا الاستقرار على التغيير.

استدعاء أويحيى

وأعاد بوتفليقة استدعاء أحمد أويحيى لرئاسة الحكومة الشهر الماضي، وهو الذي تم تكليفه قبل 20 عاماً لتنفيذ خطة إعادة الهيكلة التي فرضها صندوق النقد الدولي، حتى وصفته الصحافة بـ"رجل المهمات القذرة".

وتقضي المهمة الجديدة لأحمد أويحيى بتطبيق خطة عمل الحكومة التي صادق عليها مجلس النواب الخميس، باللجوء إلى تمويل "غير تقليدي" لسد العجز في الميزانية.

وأوضح أويحيى أن هذه السياسة النقدية الجديدة التي ستستمر خمس سنوات فقط، ستسمح لبنك الجزائر المركزي "بشراء سندات من الخزينة مباشرة"، ما يعني "طبع الأوراق النقدية" لتمويل عجز في الميزانية بلغ 15,4% من الناتج المحلي الخام في 2015 و1,6 في 2016.

وكانت الحكومة توقعت في ميزانية 2017 أن تقلص العجز إلى8%، لكن الخبراء يشككون في إمكانية بلوغ هذا الهدف.

ويأتي البرنامج الجديد للحكومة بعد سنتين من تخلي الحكومة عن مشاريع عديدة وإقدامها على تقليص الواردات إضافة إلى تخفيض قيمة الدينار الجزائري بنسبة 30%.

وكانت الجزائر تعتمد في إعداد ميزانيتها سعراً مرجعياً لبرميل النفط ب37 دولاراً حتى عندما فاق سعره 100 دولار لتقوم بتحويل الفارق إلى صندوق ضبط الإيرادات (بلغ حجمه 51 مليار دولار عام 2015) الذي كان يمول العجز في الموازنة.

تضخم بأربعة أرقام؟

وحذرت الصحيفة من أن يتحول هذا الخيار إلى "استراتيجية بعيدة المدى"، خصوصاً أن رئيس الوزراء يتحدث عن خمس سنوات.

وتقول في كل الدول التي اختارت هذا الطريق، كان القرار استثنائياً وظرفياً على مدى ثلاث سنوات ونحن ذهبنا إلى خمس سنوات وهذه مدة طويلة نوعاً ما.

ويشكك الخبير المالي فرحات آيت علي في قدرة الحكومة على الوفاء بعهودها، ويقول "نحن متأكدون أن طبع العملة سيوجه لتمويل الاستثمارات العمومية".

وحذر أحمد بن بيتور، أول رئيس وزراء في عهد بوتفليقية، "الجزائريين من أن التضخم سيبلغ أربعة أرقام"، ومن أن "احتياط العملات الأجنبية سيذوب مثل الثلج تحت أشعة الشمس".

وتوقع البنك الدولي أن "يتأثر سلبياً مستوى عيش الأسر" في الفترة بين 2017 و2019 بسبب تراجع النمو بالنسبة لكل فرد جراء الإصلاحات المالية.

ويرى رزيق أن خطر زيادة التضخم حقيقي بما أننا "في اقتصاد بإنتاج محلي ضعيف، إذ أن الكتلة النقدية ستزيد دون أن يكون لها مقابل من الناتج الداخلي".

وطمأن رئيس الوزراء بأنه " لن يتم الإفراط في استخدام هذه الأموال ولن يتم توجيهها لميزانية التسيير"، أي دفع أجور الموظفين وتسيير الهيئات الحكومية، وإنما "لتمويل الاستثمارات العمومية، ما يحد من التضخم".

وفي سياق متصل، رفعت "شركة الطاقة الوطنية الجزائرية" سوناتراك سعر البيع الرسمي لمزيج الخام الصحراوي في تحميلات أكتوبر ليصبح فوق مستوى خام "برنت" المؤرخ بواقع 60 سنتاً للبرميل.

ويزيد ذلك مقارنة مع سعر البيع الرسمي لتحميلات سبتمبر البالغة 25 سنتاً للبرميل فوق مستوى خام "برنت" المؤرخ.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
«خربشة في الوجه وكدمات على الساقين».. الأمن يبحث ملابسات وفاة الملحن محمد رحيم