في ظل تصاعد التوتر الإقليمي، تتجه الأنظار نحو تل أبيب، حيث صعدت إسرائيل تهديداتها باغتيال قادة حركة حماس المتواجدين في الخارج، وذلك في رد فعل على ما وصفته بعرقلة الحركة لمفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى. تأتي هذه التهديدات في ظل ضغوط دولية متزايدة لوقف الحرب المستمرة في قطاع غزة، والتي تشهد "هبّة واسعة ضد حرب الإبادة والتجويع".
أشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى دراسة "خيارات عديدة" بدلاً من المفاوضات، حيث أكدت مصادر إعلامية مطلعة أن هذه الخيارات قد تتضمن "سلسلة عقوبات ستجعل حماس تندم على إجهاض المفاوضات". ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن مصدر أن هذه العقوبات قد تشمل اغتيالات لقيادات حماس في قطر وغيرها، وتصعيد القتال في غزة إلى حد إعادة احتلالها بالكامل، بالإضافة إلى تشديد القبضة على الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
"حماس" عرقلة المفاوضات: اتهامات متبادلة وتصعيد محتمل
أعرب نتنياهو عن تأييده للاتفاق الذي طرحه الوسطاء الثلاثة، الولايات المتحدة ومصر وقطر، متهماً حماس برفضه عملياً. وصرح أن المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف "أعلن أن حماس هي من أحبطت مفاوضات إطلاق الرهائن"، مؤكداً أن إسرائيل والولايات المتحدة "تدرسان خطوات أخرى". وأضاف نتنياهو: "حماس هي العقبة أمام صفقة الرهائن. ندرس الآن، بالتعاون مع حلفائنا الأميركيين، خيارات بديلة لإعادة رهائننا إلى ديارهم، وإنهاء حكم حماس، وتحقيق سلام دائم لإسرائيل ومنطقتنا."
مخاوف من "جرائم حرب" في غزة: تقارير وتحليلات
على الجانب الآخر، تزايدت المخاوف بشأن الوضع الإنساني في قطاع غزة. وتساءل الكاتب دانييل بيلتمان في صحيفة "هآرتس" حول ما يمكن عمله للانتقام في غزة بعد "القصف المدمر، والقتل الجماعي، وتدمير المدارس والمستشفيات وغيرها"، مشيراً إلى "منحى خطير يتطور في الواقع الإسرائيلي بالنسبة إلى الجرائم الفظيعة في غزة".
في يونيو/حزيران 2024، نشر المؤرخ الدكتور لي مردخاي تقريراً بعنوان "شهادة على حرب السيوف الحديدية"، والذي وثّق بشكل منهجي وموسع عمليات إسرائيل في غزة التي يمكن اعتبارها "جرائم حرب" أو حتى "إبادة جماعية". استند التقرير إلى شهادات وصور أقمار اصطناعية وتوثيق مصور وتقارير منظمات دولية وشهادات لجنود إسرائيليين وشهود عيان. ووثق التقرير قتل المدنيين غير المسلحين، والهجمات المتكررة على مخيمات اللاجئين، وقتل طالبي المساعدات الصحية، وتجويع السكان، وتدمير البنى التحتية، بالإضافة إلى آلاف القتلى الذين معظمهم من الأطفال والنساء. كما شمل التقرير تحليلاً لتصريحات علنية لسياسيين وحاخامات وموظفين عموميين إسرائيليين تدعو إلى "إبادة جماعية في غزة"، وهو ما اعتبره دليلاً على نية تنفيذها.
ويتساءل الكاتب: "ماذا بعد؟ لقد جربتم كل شيء. هل تعودون إلى التهديد بالاغتيالات؟". يُذكر أن إسرائيل كانت قد خرقت اتفاق وقف إطلاق النار في 2 مارس/آذار، وتعمل على إلقاء اللوم على حماس في إفشال الاتفاق.
"حماس" وقراءة المشهد: تحديات أمام المفاوضات
من جانبها، يبدو أن حركة حماس تواجه تحديات في "قراءة الخريطة الإسرائيلية"، مما قد يؤدي إلى وقوعها في "مطبات" تتيح "تجنيد الضغط الأميركي". كما أشار التقرير إلى أن المفاوضين الأميركيين "يصبون الزيت على النار ويُدخلون الحرب مسارات تكتيكية متعددة لا تُسمن ولا تُغني من جوع".
قلق عائلات الرهائن وتصاعد الاحتجاجات
نظمت عائلات الرهائن الإسرائيلية مظاهرة حاشدة في تل أبيب، مساء الخميس، رافضةً موقف الحكومة ومطالبة بإنهاء الحرب في غزة وإبرام صفقة تبادل أسرى. كما احتجت العائلات على إعادة الفريق الإسرائيلي المفاوض من الدوحة والتهديدات بالاغتيالات.
وأعربت عائلات الأسرى عن "قلقها" إزاء عودة الفريق المفاوض، مشيرة إلى أن "المفاوضات قد طالت" وأن "كل يوم يمر يعرّض مصير المختطفين للخطر". وشددت العائلات على أن "ضياع فرصة أخرى لإعادة جميع المختطفين أمر لا يُغتفر"، معتبرةً ذلك "فشلاً أخلاقياً وأمنياً وسياسياً آخر في سلسلة لا تنتهي من الإخفاقات". تتواصل العائلات مع رئيس الحكومة والوزير رون ديرمر للحصول على تحديث فوري بشأن وضع المفاوضات.