7 دول أطلقوا شرارة المثلية في العالم.. بدأت من الحضارة الرومانية.. ودمرت ثلاث حضارات أخري

كتب : سها صلاح

بعد تصويت جمهورية مالطة بإجازة زواج المثليين منذ شهرين؛ أصبح هناك أكثر من عشرين دولة أجنبية يمارس مواطنوها المثليين حياتهم الجنسية بحرية تحت رعاية القانون، منهم: البرازيل، والأرجنتين، وألمانيا، وبلجيكا، وكندا، والبرتغال، والسويد، وعلى الجانب الآخر، هناك أكثر من سبعين بلدًا تعامل الممارسة الجنسية بين الجنسين؛ معاملة الجريمة، وفي ثمان من تلك الدول، عقوبة تلك الجريمة هي الإعدام مثل: إيران، السودان، والسعودية.

جمهورية مالطا واحدة من أصغر الدول في العالم، وتحتل المركز السابع بين الدول فيما يخص الكثافة السكانية، وألمانيا من الدول الأكثر كثافة في أوروبا ولكنها تعاني من الشيخوخة بسبب تمثل الفئات السكانية بين الأطفال والشيوخ ولذلك تستقبل ألمانيا الكثير من المهاجرين سنويًا، أما السويد فهي منخفضة الكثافة السكانية، وتلك المعطيات، قد تكون مؤشرًا على عدم وجود رابط بين قرار حكومات تلك الدول في تقنين زواج المثليين أو تقبلهم جزءًا فعالًا ومشاركًا في المجتمع، وبين تأثير هذا النوع من العلاقات على الكثافة السكانية وبالتالي استمرار حضارة البلد.

وأوضحت إن الممارسات الجنسية المثلية موجودة منذ تواجد البشر على الأرض؛ وهذا لم يؤد إلى انقراضهم، ولذلك تقبل المثليين أو رفضهم؛ لن يغير من توجهاتهم المثلية، وبالتالي هذا الرفض لن يكون له تأثير إيجابي فيما يخص استمرار الحضارة، بحسبه.

وقالت عن انهيار الحضارة الرومانية بسبب تقبل الممارسات الجنسية المثلية، وظهرت في المقابل ردود أفعال مصدومة رافضة لتلك النظرية، وبينما اختار بعض المدافعين عن حقوق المثليين الرد على هذه النظرية بشكل دفاعي وعاطفي، كان موقف بول صاحب الدراسة التاريخية مختلفًا، وأجاب عن السؤال خلال دراسته، وسرد الأحداث بالتسلسل التاريخي، موضحًا السبب الحقيقي وراء انهيار الحضارة الرومانية.

صعود الحضارة الرومانية، عام 146 قبل الميلاد، لم يؤثر سلبيًا على التماسك الاجتماعي والثقافي للحضارة الهلنستية، لتركيز الرومان على إنهاء النظام السياسي اليوناني، ولذلك لم يتوقف تقبل العلاقات المثلية بين الرجال في ظل الحضارة الرومانية، وفي عام 27 قبل الميلاد، خلال عهد أغسطس قيصر، كان أول زواج مثلي وثقه التاريخ، واحتفى الرومانيون في ذاك الوقت بالمثلية الجنسية من خلال اللوحات والتماثيل الفنية التي تتغزل في مفاتن جسد الرجل، وتجسد العلاقة الجنسية بين الرجال تجسيدًا إيجابيًا، وعلى خطى اليونانيين؛ اتخذ أكثر من إمبراطور روماني من الرجال أزواجًا وأحباء.

وبحسب الدراسة، فإن انتشار الديانة المسيحية كان له تأثير سلبي على سير الحياة الطبيعية للمثليين، وفي عام 306 ميلاديًا؛ منع مجلس إلفيرا الممثل لكنيسة أوروبا الغربية بذاك الوقت الزواج والمعاشرة المثلية بين الرجال، وفي عام 313 ميلاديًا أعلن الإمبراطور قسطنطين الديانة المسيحية؛ ديانة رسمية للإمبراطورية، وبدأت التحركات تجاه تخليص الإمبراطورية من المثليين عن طريق القبض عليهم وتفريقهم.

والتاريخ الموثق لانهيار الحضارة الرومانية هو عام 476 ميلاديًا، بعد الكثير من المعارك الخاسرة أمام أعدائها، وما حاول الباحث إثباته من خلال السرد التاريخي لتلك الأحداث بالتوثيق التاريخي، هو أن انهيار الحضارة الرومانية، حدث بعد محاربة ورفض المثليين بمائة عام، الأمر الذي يسقط في نظره تهمة انهيار تلك الحضارة بسبب تقبلها للعلاقات المثلية.

اليابان.. مضايقات "وبائية" للمثليين

في استطلاع رأي، نُشر بجريدة "The Japan time" العام الماضي، حول تقبل الآباء المثلية الجنسية بين أبنائهم في اليابان؛ أوضح الاستطلاع إن 90% من الأباء المشاركين في الاستطلاع، على استعداد لدعم أبنائهم في حالة تحديد مثليتهم الجنسية، وعلى الجانب الآخر نشرت نفس الجريدة، تقريرًا صادرًاعن هيومن رايتس واتش الخاص بمضايقات المثليين والمتحولين جنسيًا بالمدارس في اليابان، والذي وصفته المنظمة الحقوقية بالظاهرة الوبائية، مع أن الحكومة اليابانية تقدم على توفير الدعم الأمني للطلاب المثليين ومتعددي الهوية الجنسية، إلا أن المكافحة الوطنية ضد ترهيب المثليين، لم تتخذ –حسب ما ورد في تقرير المنظمة- إجراءات حاسمة للمضايقات التي يتعرض لها الطلبة المثليين في المدارس من زملائهم والمدرسين أحيانًا، ولا يزال الموقف تجاة المثليين في اليابان يتأرجح بين القبول والرفض.

ورصد التقرير الذي حاور ما يزيد عن 100 طالب وأستاذ إن المضايقات التى يتعرض لها المثليون داخل الفصول تتنوع ما بين الكلمات الجارحة والعنف الجسدي والكلمات المؤذية مثل "مقززين" و"تلك النوعية المثليين من البشر لا يستحقون الحياة" ،أكد إن المعلومة الأولى التي حصل عليها من مدرس عن المثليين، كانت عن طريق تحذيره لنا من الجنس بين الرجال، لأنه المسبب الرئيسي للإيدز، والمرة الثانية يضيف طالب الثانوية سمعت ثلاثة مدرسين يتبادلون نكات عن المثليين، والجدير بالذكر، إن ما يقال من المنظمات الحقوقية عن رفض المثليين وحقوقهم في اليابان الآن، يختلف كليًا عن وضع المثليين في الحضارة القديمة لتلك الإمبراطورية.

الاحتفاء بالمثلية في اليابان القديمة

وجد المثليون والمتحولون جنسيًا حرية المعيشة في اليابان من مئات الأعوام، وفي عام 1873 عندما سنت اليابان قوانين تعاقب على ممارسة الجنس بين المثليين، في محاولة لمحاكاة الغرب الذي كان يرفض المثلية آنذاك؛ ولم يصمد هذا القانون أكثر من ثلاثة أعوام، ثم عادت حرية ممارسة الجنس بين المثليين، وإذا عدنا بالزمن أكثر للوراء، سنرى أن اليابانيين في العصور القديمة والوسطى، احتفوا بالمثلية ولم تكن فعلًا مشينًا من وجهة نظرهم، واحتضنت الأديرة القديمة في اليابان العلاقات المثلية وقدرتها، وكان الرهبان يتخذون الغلمان الذين يعلمونهم؛ شركاء جنسيين، حتى يصل الغلام إلى سن الشباب أو يرحل عن الدير، ولم تجد المثلية أي معارضة دينية في التقاليد.

ومن ناحية أخرى، كان للجيش دور في تبني العلاقات المثلية بين محاربي الساموراي، كان مدرب الساموراي عندما يدرب فتى في سن صغيرة، يمكنه أن يمارس معه الجنس ولكن بعد موافقة الصبي، وتلك العلاقة كان يطلق عليها «عقد الأخوة». وهذا التقبل للمثليين في تلك العصور القديمة باليابان، أعطى للفنانين والأدباء المساحة ليجسدوا بشكل إيجابي علاقات مثلية في إبداعاتهم، رواية «حكاية جنجي» من الأمثلة الشهيرة على هذا النوع من الأدب، وفي أحداث تلك الرواية، عندما تتاح الفرصة لبطلها أن يقيم علاقة مع سيدة جميلة، يرفضها من أجل أخيها الأصغر، والذي يراه البطل –وفقًا لأحداث الرواية- أكثر جمالًا وجاذبية من شقيقته.

تقبل المثليين داخل المجتمع الياباني قديمًا لم يؤد إلى انهياراها كما يظهر لنا التاريخ بوضوح أيضًا، وهناك مخاطر أخرى تهدد الحضارة اليابانية الآن في نظر المراقبين بعيدًا تمامًا عن المثلية وهي انتشار الانتحار، والموت من إرهاق العمل، وإدمان الجنس الإلكتروني، الذين أصابوا اليابان بالشيخوخة، وأصبحت حفاضات كبار السن أكثر مبيعًا من حفاضات الأطفال.

المثلية الجنسية والهند

العريضة المعلقة أمام محكمة دلهي العليا، والمتعلقة بتجريم المثلية الجنسية، كانت محط الأنظار ومثارًا للجدل والتساؤل، واستعرضها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في عام 2008 للمرة الأولى، ومن جانبه، المحامي الناطق بالحق العام في تلك الجلسة، أوضح إن المثلية الجنسية في العصور القديمة للهند؛ لم تتعرض لأي رفض أو تربص، وهذا التوجه المعادي للمثليين جنسيًا كان وافدًا غريبًا جاء مع الاحتلال البريطاني للهند، والذي لاحظ وفود الكثير من الأجانب إلى الهند من أجل ممارسة جميع الميول الجنسية بحرية ودون أي عقوبات جنائية، ولذلك كان على الاحتلال البريطاني أن يضع حدًا لتلك المسألة، وفي عام 1860 أصدر الاحتلال قانون تجريم المثلية الجنسية ووضعها في مرتبة "الأفعال الجنسية التي تخل بنظام الطبيعة"، وهو أمر غريب ومناف للمعتقدات الهندية القديمة، كما ورد في حديث الدفاع أثناء الجلسة.

"البعض يحبون جاك، وآخرين يحبون جيل، وأنا سعيد أني أحب كلاهما ولكن، على قائمة التعريف الجنسي، هل أنا مستقيم أم شاذ؟ هل أنا ضال أم جيد؟" جزء من قصيدة Dubious للشاعر الهندي فيكرام سيث.

في عام 2013 أقرت المحكمة العليا في الهند قانون المادة رقم 377 والتي تجرم المثلية الجنسية، وردًا على هذا القرار قال الشاعر الأديب الهندي البالغ من العمر وقتها 61 عامًا أن "المثلية الجنسية ليست جديدة أو وافدة على الهند، إنما رهاب المثلية الجنسية هو الجديد على الهند"، ومؤكدًا على ما تم ذكره أمام مجلس الأمم المتحدة، أكد سيث أن الهند طالما تميزت بالتسامح الجنسي وتقبل الآخر، وقانون تجريم المثلية من صنع الإنجليز، والدليل على احتفاء الهند بالمثلية الجنسية، هي الأعمال الفنية الخالدة والتي تجسد ممارسات مثلية مبهجة دون نقد أو تجريم مثل آثار خاجوراهو الشهيرة.

تعاملت مع المثلية معاملة طبيعية، ورأت في التحول الجنسي؛ المحاولة للوصول للكمال، ولذلك بعض الآلهة في الثقافة الهندية، يولدون رجالًا ويتحولون في ولادة روحية جديدة إلى نساء، والعكس صحيح، إيمانًا بأن الجمع بين القوة النسائية والرجولية في جسد واحد هو أقرب شيء للكمال، ومن أساطير الهند القديمة، أسطورة تحكي عن زوجتان لرجل واحد، جمعتهما علاقة مثلية أثناء غياب الزوج؛ نتج عنها طفل صغير ليس له أب.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً