من بين أخطر المعضلات التي تقابل القائمين على مواجهة الإرهاب،وفي أوروبا وأمريكا بنوع خاص؛ تأتي إشكالية حديثة العهد نسبياً، تلك التي أطلق عليها لقب "الذئاب المنفردة".
"الذئاب المنفردة" مفهوم غربي
قالت صحيفة النيوزويك الامريكية عن ظاهرة "الذئاب المنفردة" مفاهيم ووقائع مثيرة للغاية، منها أن أصل الظاهرة غربي، وليس عربياً أو إسلامياً، ومنذ عام 1990 ظهرت في الولايات المتحدة هجمات عنصرية تقوم بها هذه المجموعات بصفة منفردة، ومن دون هرم تنظيمي، حيث دعوا إلى القبض على غير البيض بكل الوسائل المتاحة، والترويج للاغتيال.
– "القاعدة" قبل "داعش"
والثابت أن الحديث عن علاقة الولايات المتحدة الأميركية بحركات الإسلام السياسي ثم "القاعدة" في أفغانستان، وقد كانت "داعش" بدورها إفرازاً جديداً ازدهر من حضن "القاعدة"، ولهذا فإن علامة الاستفهام المطروحة هنا هل كانت الذئاب المنفردة نهجاً قاعدياً قبل أن يكون داعشياً؟.
وكما تشير إلى ذلك صحيفة "الديلي تليجراف" البريطانية، أن العمل الفكري هذا صدر عن "القاعدة" أولاً، ثم لاحقاً تبناه "داعش"، ليصل لأتباعه ومريديه حول العالم.
ومن أهم تلك التوجيهات الابتعاد قدر المستطاع عن الأماكن التي كانوا يقطنون بها سابقاً بعد تنفيذ عملياتهم الإرهابية، واجتناب المحادثات الهاتفية قبل وبعد العمل، وعدم استخدام الوثائق الأصلية في الأعمال، والحذر من ترك البصمات، عطفاً على تغطية الوجه ووضع خطة للانسحاب قبل التفكير في بدء العمل.
ومن تعليمات الكتيب عينه أن أي ذئب منفرد يجب أن يحاول الانصهار والاندماج في المجتمع المحلي، بحيث لا يبدو مثل المسلمين، وهذا بارتداء ملابس غربية،وكذلك عدم الصلاة في المساجد بشكل منتظم.
– الطريق إلى التجنيد… كيف ومن؟
وهناك دراسات تشير إلى أن تنظيم داعش يمتلك على شبكة الإنترنت في حاضرات أيامنا ما يزيد على 90 ألف صفحة موزعة بين "فيسبوك" و"تويتر" باللغة العربية، عطفاً على 40 ألف صفحة بلغات أخرى بما يوسع من قدرات "التنظيم" على شن هجمات دون أن تتمكن الأجهزة الغربية من تتبع حركتهم.
وهي تمثل تحدياً للاستخبارات أكثر من شبكات العمل على الأرض، لأن الأخيرة ممكن أن توفر لها بعض المعلومات والحقائق من خلال المراقبة والمتابعة.
لكن الجماعات والأفراد المتطرفين فكرياً ينمون ويزدهرون يوماً تلو الآخر، وراء أفكار وقناعات تتشظى بشكل سريع بما يصعب السيطرة عليها بأدوات الحرب التقليدية.
أما عن المواصفات الشخصية لـ"الذئاب المنفردة"، فهذا حديث قائم بذاته، لكن باختصار غير مخل يمكن القول، إن أفضل عناصر يمكن لـ"داعش" تجنيدها هي تلك المصابة باضطرابات نفسية واجتماعية، ولديهم سجلات إجرامية.
على أن هناك توجهاً فكرياً جديداً يرى أن منظومة "الذئاب المنفردة" لا يمكن بحال من الأحوال فصلها عن سياق التوجهات الأكبر الصادرة عن قيادات "التنظيم".
"الإرهابيون الخطيرون لا يفترقون" هل من صحة لهذه المقولة؟ مؤكد أن حصول "الذئاب المنفردة" على التوجيهات المباشرة بات حقيقة واقعية كشفتها أحد إصدارات "التنظيم المتطرف" الذي حمل عنوان "استراتيجية الذئب المنفرد" لـ"أبو أنس الأندلسي" نشر في أغسطس 2015، وصف فيها الداعشي "محمد مراح" بـ"رائد عمليات الذئب المنفرد ومنفذ غزوة تولوز المجيدة في 11 مارس 2012.
وبعد الهجوم الدامي الذي أوقع 58 قتيلا في لاس فيجاس، باتت التساؤلات تتواتر عن دوافع الرجل الأبيض الستيني الذي اعلنت "داعش" انه أحد جنود خلافتها وتجاهله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في خطابه الذي لم يطرق فيه إلى "داعش" أو اعلن خلاله ان أسوأ حادثة إطلاق نار جماعي في التاريخ الأمريكي المعاصر "إرهابي" .
وأعلنت الشرطة الأمريكية عدم وجود سوابق إجرامية لـ"ستيفن بادوك" مرتكب مجزرة لاس فيجاس، لكن تنظيم "داعش" أعلن مسئوليته، مؤكداً أن هذا الأبيض الستيني اعتنق الإسلام "قبل بضعة أشهر"، فيما انتشر مقطع فيديو للتنظيم يتوعد المدينة.
وبحسب تقرير لصحيفة "التلجراف" البريطانية، يُعتَقد أن الرجل المُسلح، المسئول عن الحادث ، هو جد كان يعيش في بيتٍ صحراوي بعيد.
وخلف الرجل، الذي ينحدر من ولاية نيفادا الأمريكي، أكثر من 50 قتيلاً بعدما فتح النار على مهرجان "روت 91 هارفيست" الموسيقي في مدينة لاس فيجاس.
وإليكم كل ما نعرفه بشأن الرجل المُسلح:
من أين هو؟
أفادت تقارير بأن بادوك يعيش في إحدى قرى التقاعد بمدينة ميسكيتي في ولاية نيفادا الأميركية منذ يونيو 2016، ويُعتَقد أنه وُلد في 9 أبريل 1953.
ويُزعَم أنه عاش من قبلُ في مدينة رينو بنيفادا في الفترة من 2011 إلى 2016، وأنه كان له عنوان في مدينة ملبورن بولاية فلوريدا بين عامي 2013 و2015.
وأُفيد بأنه عاش أيضاً في مدينة هندرسون بولاية نيفادا والعديد من الأماكن في ولاية كاليفورنيا منذ عام 1990.
وتقع مدينة ميسكيتي على بُعد نحو 80 ميلاً أو ساعة و16 دقيقة، من مدينة لاس فيجاس، على طول حدود ولاية نيفادا مع ولاية أريزونا.
وتُعد ميسكيتي، وهي مدينة تقع في مقاطعة كلارك كاونتي، موطناً لنحو 17400 شخص، بما في ذلك العديد من المجتمعات التقاعدية، إلى جانب الكازينوهات وملاعب الغولف.
هل نفَذ بادوك العملية بمفرده؟
على الرغم من التقارير الأولية التي تحدثت عن وجود العديد من المُسلحين، لا تعتقد الشرطة في الوقت الراهن أنه كان هناك أي مُسلَّحين آخرين.
وكان الضباط في البداية يبحثون عن شريكته في السفر والسكن، التي جرى تحديد موقعها الآن، لكن يُعتَقَد أنَّها ليست متورطة.
وحتى هذه المرحلة، لا توجد لبادوك أي صلاتٍ معروفة بتنظيماتٍ إرهابية، ولم تُقدَّم أي دوافع تُفسِّر إقدامه على إطلاق النار.
وأوضح إن بادوك أقرب إلى أن يكون واحداً من "الذئاب المنفردة"، رافضاً الحديث عن مسار إرهابي.