أحد أبطال "الثغرة" يروى ذكرياته عن نصر أكتوبر: رغيف واحد في الأسبوع لكل جندي.. وأهلي فوجئوا أنني على قيد الحياة بعد 3 أشهر من نهاية الحرب (فيديو وصور)

بوجه تغلب عليه ملامح الطيبة وخطوط وتجاعيد رجال جيل أكتوبر 1973، جلس البطل "صلاح الجابري" على مكتبه، يتذكر تاريخه البطولي في انتصارات حرب السادس من أكتوبر، مرددا ذكرياته مع زملائه خلال فترة الحصار بمنطقة "الدفرسوار" المعروفة بـ"الثغرة" التى تقع بين محافظتي القاهرة والسويس، والتى غيرت مسار الأحداث خلال حرب أكتوبر.

فى البداية قال: "اسمي صلاح صادق محمد الجابري، 68 سنة، بدأت فترة تجنيدي فى 9 ديسمبر 1967 بسلاح المدفعية، ضمن قيادة الجيش الثالث بالسويس، كانت خدمتي بمنطقة "الجنادي" بالسويس، وشاركت فى الاستعداد السري للحرب، فقبل انطلاق الحرب بـ48 ساعة فقط، تم إبلاغ الفوج بوجود مشروع حرب لمدة 15 يومًا بالقرب من قناة السويس تحت اسم احتلال كامل، ومن الطبيعى أنه فى أجواء مشاريع الحرب نعيش إحساس الحرب الحقيقية، وبالفعل قمنا وتوكلنا على الله وحضرنا الشنط، وأخذنا معنا المدافع، وأجهزة الحاسب والرادار، وكان المسموح لكل مجند أن يأخذ معه السلاح والذخيرة وزمزمية المياه، وشنطة صغيرة، وبعدها توجهنا إلى القناة، وتسلل إلينا إحساس بأن هناك مشروع حرب".

وتابع: "فوجئنا فى تمام الساعة الثانية ظهرًا إلا عشر دقائق بأننا سوف نقوم بعبور القناة، لدخول سيناء، ما بعث فرحة كبيرة بين الجنود والضباط أثناء الصيام والروحانيات العالية والحماسة التى كانت موجودة بين الجميع، وبالفعل مع إكتمال الساعة الثانية ظهرا "ساعة الصفر" وجدنا سلاح الطيران المصرى قد انطلق إلى أراضى العدو، ونجح فى تحقيق ضربات عدة، وعادوا بسرعة ليوجهوا علينا التحية عن طريق "غطس الطيارة" أى هبوطها وارتفاعها لأعلى، كدلالة على النصر وضرب مواقع العدو بنجاحن كأول خطوة لإستعادة الكرامة واسترداد الأرض".

وواصل: "منذ اللحظات الأولى اندلاع الحرب أحسسنا أن الله سيكتب لنا النصر والثأر من هذا العدو المتغطرس، كنا نأخذ جميع احتياطتنا، وكنا متمركزين بمواقعنا لأن اليهود معروف عنهم الخيانة، وهذا ما حدث بالفعل، وقاموا بتوجيه عدة ضربات بالغدر رغم اتفاقية وقف إطلاق النيران، ولكن كان النصر من عند ربنا حليفنا ونحن صائمون، وقضينا على أكبر أكذوبة أعلنتها الدولة الصهيونية لإرهاب الفسلطينيين، وفى وقت الحرب بإقتحامنا لخط بارليف بإستخدام خراطيم المياه فى الساتر الترابى وحطمته بالرغم من أنه لم يكن ترابًا فقط حيث كان يحتوى على قطع حديد سميكة وسيارات، وذكاء الرئيس جعلنا نتعامل بالماء حتى عملنا ثغرات فى الساتر".

وأضاف "الجابري": في الرابع والعشرون من أكتوبر، وقعت الثغرة أبلغنا قائدنا بعدم الانسحاب من مواقعنا قبل تلقي الأوامر ثم دخلت المعدات الإسرائيلية وظلت تضرب النيران علينا ونحن نرد من داخل الدشمة لمدة أربعة أيام حتى انتهى ما بحوزتنا من ذخيرة، وبدأت فترة حصارنا بمنطقة "الدفرسوار" حيث كان طعامنا رغيف واحد يوميًا طوال فترة الحصار، التى تسببت فى خلاف بين القادة المصريين خلال الحرب خاصة بين الرئيس أنور السادات والفريق سعد الدين الشاذلى، رئيس الاركان حينا ذاك.

وتابع "الجابري": "قمنا بالتوجه لطرد الإسرائيليين من الثغرة بمنطقة نفيشة والدفرسوار والحمد لله وقمنا بأول دورية خلف خطوط العدو بالتبة، ليلة العيد الصغير ودمرنا دبابة بقيادة اللواء فليفل، وهناك أمور أخرى لا أتكلم عنها لأنها أسرار عسكرية" إلى أن كتب لنا الله النصر بمعاونة أهالى السويس الأبطال، بعد فترة حصار أستمرت ما يقارب من شهرين.

وأضاف: كنا ننتظر فيها الموت كل لحظة، ونكتب أسمائنا على أذرعنا وأغطية الزى العسكري، وخلال فترة الحصار استشهد وأصيب عدد كبير من الضباط والجنود أتذكر منهم الشهيد ممدوح مصطفي، أبن مركز إهناسيا والنقيب محمد عبدالتواب وأصيب والملازم فكرى والنقيب سمير الحاتي، وغيرهم من الأبطال لم تسعفني الذاكرة الآن لأسمائهم.

وقال بطل أكتوبر إن ثغرة الدفرسوار هى صناعة أمريكية، لأن الجيش المصري كان قد قضي نهائيًا على الجيش الإسرائيلي، فى الأيام الأولى للاشتباك، نتيجة ارتباك القيادات الإسرائيلية لنجاح القوات المصرية من العبور واقتحام خط بارليف فى أقل من 6 ساعات.

وتابع: بعد فك الحصار صُرح لنا بإجازة لطمأنة أسرنا، لم يكن أهلى يعلمون بأننى على قيد الحياة حتى 3 شهور بعد انتهاء الحرب، لعدم وجود وسائل اتصالات حديثة حينها، وعند عودتى لم أنس ذلك المنظر، عندما قام مئات الأهالى من منطقتى التى كنت أعيش فيها بالسبعينيات، بالجرى نحوى واحتضانى ورفعى على الأعناق حتى منزلى، وتقبيل أمى وأبى لرأسى ويدى، والذين كانوا فى حالة اندهاش بأننى حي ولم أمت، أدعو الله أن يتقبلني ويدخلني الجنة بهذا العمل.

واختتم بطل "الثغرة" حديثه معنا، مناشدًا الشباب بالوقوف بجانب الجيش، الذى يحمل على عاتقه أمن هذا البلد وهو حائط الصد الحقيقي لأى مؤامرت أودسائس أوفتن تُدبر للوطن، مؤكدًا على دعمه الكامل للقوات المسلحة والرئيس عبدالفتاح السيسي، فى كافة المواقف الأخيرة التى أعقبت ثورتي 25 يناير و30 يونيو.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً