اعلان

القطن.. "طويل التيلة" يفقد عرشه.. تقلص المساحة إلى 200 ألف فدان.. والمزارعون: واقع علينا بخسارة

كتب :

كتب: مدحت عرابي ـ فريدة كساب ـ أحمد عبدالراضي ـ شريف شوبك ـ محمد وجيه ـ أسماء ناصر

فى الماضى القريب كان العالم يعرف مصر من خلال أشياء ثلاثة هى الأهرامات وعبدالناصر والقطن المصرى طويل التيلة، إذ صار الأخير رمزًا لجودة الزراعة وازدهارها، وكان جنيه من كل عام موسمًا للخير وجنى الأرباح وتزويج الأبناء وبناء الدور الجديدة و"تحويش" ثمن رحلات الحج، قبل أن يلحقه الإهمال كما لحق بكل شىء فى عصور مظلمة على الزراعة المصرية، أفقدت "طويل التيلة" عرشه وبريقه، وتوقفت ماكينات الغزل والنسيج، وبات المستورد الردىء أقرب للمستهلك.. وتحاول الدولة فى السنوات الأخيرة وضع استراتيجية لإعادة الحياة للقطن المصرى من خلال تشجيع المزارعين وتحفيزهم، إلا أن خطوات الحكومة لم تكن كافية، من وجهة نظر الفلاحين، وتواجه الدولة صعوبة فى التنفيذ، خاصة مع تناقص المساحة المنزرعة من مليونى فدان إلى 200 ألف فقط

ـــ قطن أسيوط يفقد بريقه.. انحسار المساحة المنزرعة إلى 3370 فدانًاالقطن سيد الحاصلات المصرية، ورغم شهرة "طويل التيلة" بأنه أجود أنواع القطن على مستوى العالم، إلا أن الذهب الأبيض يعيش أسوأ حالاته.ومع عودة الدولة من جديد لتسلم المحصول وعدم ترك الفلاحين عرضه لتقلبات السوق فإنه من المتوقع ارتفاع المساحة المنزرعة العام المقبل بعد الزيادة التى خصصتها الزراعة فى معظم المحافظات التى توسعت فى زراعة القطن من جديد. 

يقول عبدالغنى أبوالدهب، من مزارعى القطن بمنفلوط، إنهم كمزارعين يتعرضون لظلم فادح من قبل الحكومة التى حددت سعر قنطار القطن هذا العام بـ 2300 جنيه، لافتًا أن هذا السعر يظلم الفلاح ويعرضه للخسارة، خاصة أن الفدان تصل تكلفته من 5 إلى4 آلاف جنيه ما بين تقاوى القطن وتجهيز الأرض للزراعة ورى المحصول والأيدى العاملة للزراعة وإزالة الحشائش ومقاومة الدودة والرى وغيرها من المصروفات الأخرى، مثل رش الفدان أكثر من 6 مرات، وتستمر زراعة القطن فى الأرض الزراعية أكثر من 7 أشهر متواصلة، وذلك بخلاف أجرة جنى المحصول، حيث تصل أجرة العامل الواحد خلال الجنى إلى 120 جنيهًا، ويتم جنى القنطار الواحد بمعدل 10 عمال، ما يعنى أن القنطار الواحد يتكلف للجنى فقط 2000 جنيه، متسائلًا ماذا يتبقى للمزارع؟وأضاف عاطف عامر، من مزارعى القوصية، أن سوء نوع التقاوى هذا العام أدى إلى انخفاض إنتاجية الفدان الواحد لتصل إلى 5 قناطير بعد أن كانت 7 خلال الأعوام السابقة.من جهته يؤكد المهندس إبراهيم سرور، وكيل وزارة الزراعة بأسيوط، أنه تمت زراعة 3370 فدانًا بالقطن هذا العام بزيادة قدرها 30% عن العام الماضى بتقاوى منتقاة من صنف جيزة 94، والذى تتم زراعته بالمحافظة ويتميز بغزارة ثماره وزيادة عدد (اللوزات) وكبر حجمها ما يبشر بإنتاجية جيدة.

وأضاف سرور أن المحافظة تشهد إقبالًا كبيرًا من الفلاحين على زراعة القطن، وذلك لارتفاع أسعاره واختفاء مشاكل تسويقه.وأشار إلى أنه توجد 6 حلقات بأسيوط لبيع القطن، ففى مركز منفلوط (حلقة بنى سند تخدم منفلوط والقوصية)،وبمركز أسيوط(3 حلقات هى درنكة –المطيعة – العدر)، مركز أبوتيج 2 حلقة (النخيلة–بنى سميع)، مركز صدفا (حلقة الدوير)، مركز أبنوب (حلقة الحمام)، مركزالفتح (حلقة الأطاولة) وأكبر مركزين لإنتاج القطن هما مركز أسيوط بـ1636 فدانًا، مركز أبوتيج 958 فدانًا.ويبدأ موسم جنى القطن بأسيوط فى شهرى سبتمبر وأكتوبر من كل عام، إذ يعد موسم خير للأسر لجلب المال من أجل توفير الاحتياجات المنزلية بعد غلاء المعيشة، فيجتمع الرجال والبنات والأطفال منذ الصباح الباكر للتوجه للأرض الزراعية للعمل فى جنى القطن، فالفدان الواحد يحتاج من 25 إلى 40 عاملًا لجمعه مقابل أجرة يومية.

ـــ المنيا.. 300 فدان فقط تنعى زمن القطن الجميلفى محافظة المنيا حققت زراعة القطن بمختلف مراكز وقرى المحافظة زيادة فى نسبة الإنتاج.ولفت المهندس عبدالمعطى صديق، وكيل وزارة الزراعة بمحافظة المنيا أن إجمالى المساحات المنزرعة من القطن بالمحافظة بلغت نحو 306 أفدنة بعدد من مراكز المحافظة، موضحًا أن من بين تلك المساحات أراض تابعة للإصلاح والائتمان الزراعى وأخرى تابعة لمواطنين". واستكمل وكيل وزارة الزراعة أن نسبة إنتاج القطن هذا العام بمحافظة المنيا وصلت نحو 7 قناطير بمتوسط 06.9% بزيادة عن العام الماضى بنحو نصف قنطار للفدان، موضحًا أن المساحة التى تم جنيها حتى الآن 245 فدانًا بواقع 1715 قنطارًا وجارٍ جنى المتبقى من المساحات ".وأوضح المهندس صديق أن المساحات المنزرعة تقع بزمام مركز بنى مزار بواقع 69 فدانًا، ومركز مطاى بواقع 60 فدانًا، إجمالى المساحات المنزرعة التابعة للائتمان 129 فدانًا، و175 فدانًا تابعة للإصلاح الزراعى، وفدانين فقط تابعين للهيئات بإجمالى 306 أفدنة". 

وأردف أن مزارعى القطن المصرى بمحافظة المنيا الآن فى انتظار التسويق عقب عمليات الجنى، لافتًا إلى أنه يتم إرسال الإنتاج للشركات والجمعية العامة للقطن وجمعية تسويق المحاصيل الحقلية، وهى المسؤول عن التنسيق بين الشركات للبيع بأعلى سعر".وأكد، أحمد إبراهيم، مزارع، أنه توقف عن زراعة القطن بسبب غلاء الأسمدة وتوحش تجار التقاوى والقطن بعد تخلى الدولة عن المزارعين.ـــ مساحة القطن تفقد 1500 فدان فى سوهاجبدأت محافظة سوهاج موسم جنى القطن أحد أهم المحاصيل الاستراتيجية، التى كانت المحافظة تشتهر به فى الماضى قبل أن يتسبب إهمال الدولة فى عزوف المزراعين عن زراعته بسبب تدنى الأسعار وعدم اهتمام الدولة بالمحصول.وكانت محافظة سوهاج تزرع فى الماضى أكثر من آلفى فدان وتقلصت المساحة الكلية للمحصول بالمحافظة لـ 429 فدانًا، ومع استمرار الإهمال أصبح المحصول فى الفترات الأخيرة مهددًا بالانقراض .

وفى الفترة الأخيرة بدأت الدولة فى الاهتمام بمحصول القطن بالمحافظات حتى أصبح سعرالقنطار 2400 جنيه بمحافظة سوهاج وقابل للزيادة ليتجه المزارعين مرة أخرى لزراعة الذهب الأبيض حتى وصلت المساحة المنزرعة فى سوهاج هذا العام 429 فدانًا على مستوى المحافظة بزيادة 116 فدانًا عن العام الماضى ومن المراكز المشهورة بزراعة القطن "طما وطهطا والمراغة وجهينة وإخميم والمنشأة".ويقول حاتم محمود سليمان، مزارع من مركز طهطا شمال سوهاج: إنه بدأ موسم محصول جنى القطن بسوهاج فى الأول من شهر أغسطس.ويضيف على محمد أبوطالب، موظف حكومى وصاحب أرض، أن المشكلة التى يعانى منها المزراع فى زراعة القطن تتلخص فى نوعية التقاوى الفاسدة التى قضت نهائيًا على الذهب الأبيض، بالإضافة إلى ضعف جودة الأراضى التى تسقى بمياه الصرف الصحى.ومن جانبه طالب المهندس مراد محمد حسين، وكيل مديرية الزراعة بسوهاج المزارعين بالمحافظة بالعودة مرة أخرى لزارعة محصول القطن بعد أن وصل سعر القنطار 2400 وقابل للزيادة وأكد وكيل الزراعة على توافر جميع الأسمدة والتقاوى اللازمة لزراعة المحصول. ـــ "طويل التيلة" ينتحر فى البحيرةتعد محافظة البحيرة من أكبر محافظات مصر من حيث مساحة الأراضى المزروعة، وتشتهر بزراعة العديد من المحاصيل الزراعية وأهمها "القطن والأرز"، وذلك لاتساع الرقعة الزراعية بها ولموقعها الاستراتيجى على مصادر الرى "نهر النيل".

إلا أن كثيرًا من الفلاحين بمحافظة البحيرة عزفوا عن زراعة القطن لعدد من السنوات وقاموا بزراعات أخرى بديلة، وذلك لعدم جدوى زراعة محصول القطن التى تتكلف مصاريف باهظة، ولا تجنى أرباحًا، وعدم قيام الدولة بمسؤوليتها تجاه المزارع.ويقول سيد جنيدى، مزارع: "كنا نزرع القطن وكنا ملتزمون بالدورة الثلاثية، وكانت الدولة مهتمة بمحصول القطن، وننتظر موسم الجنى لكسب الأرباح، إلا أن الدولة أهملت زراعة المحصول وأصبحت زراعته لا تفى باحتياجاتنا".وأضاف جنيدى أن "الجمعية الزراعية كانت تصرف 2 شيكارة يوريا، وهذا لا يكفى لزراعة فدان قطن، وكنا نشترى من السوق السوداء بأسعار عالية، وعند تسويق المحصول تركتنا الدولة فريسة لتجار القطن يتلاعبون بنا ويشترون القطن بأبخس الأسعار".وأضاف محمد السيد الشلوى، مزارع، أنه امتنع عن زراعة محصول القطن هذا العام لعدم اهتمام الدولة ولتدنى أسعار شراء قنطار القطن .وأشار الشلوى إلى أن زيادة تكلفة خدمة الفدان الواحد تتعدى 10 آلاف جنيه وأن إنتاج المحصول يتراوح من 4 إلى 5 قناطير، بينما سعر شراء القطن التى حددته الحكومة 2500 جنيه للقنطار، وهذا غير مناسب ولا يغطى تكاليف إنتاجه، حسب قوله.من جهته أشاد النائب محمد عبدالله زين الدين، عضو مجلس النواب عن دائرة أبو حمص وإدكو بالبحيرة، بتكليفات الرئيس عبدالفتاح السيسى للحكومة بإعادة إحياء زراعة القطن فى مصر، مؤكدًا أن هذه التكليفات إذا نجحت الحكومة فى تنفيذها فإن ذلك الأمر سوف يقضى على جميع مشكلات صناعات الغزل والنسيج فى مصر، خاصة داخل شركات الغزل والنسيج بمدينة المحلة الكبرى ومدينة كفر الدوار بمحافظة البحيرة.فيما أكد محمود فت، نقيب الفلاحين بالبحيرة، أن وزير الزراعة لم يقدم أى جديد للفلاح لزراعة القطن، مشيرا إلى عدم اهتمام ودعم الدولة لزراع القطن أدى إلى العزوف عن زراعته لعدم جدواه الاقتصادية.ولفت النقيب إلى أن مصر كانت تزرع مليونى فدان، وكانت تتبع الدورة الثلاثية الزراعية، ومن يخالفها كانت توقع عليه محاضر مخالفات زراعية حتى تقلصت مساحة القطن المنزرعة إلى 200 ألف فدان.ــــ خسائر بالجملة فى الفيومتتميز محافظة الفيوم بزراعة القطن لمناخها المعتدل عن المحافظات الأخرى، وكانت المساحة المنزرعة بمحصول القطن هذا العام بالفيوم من صنفى جيزة 90 وجيزة 95 تبلغ 13092 فدانًا، ومتوسط إنتاج الفدان بلغ من 8 إلى 11 قنطارًا للفدان مشيرًا إلى أنه تم تجهيز 6 مراكز لتجميع الأقطان بمركزى سنورس وطامية، وهى سنورس ثان، ومطرطارس، والسعيدية، وأبوطالب، ومعصرة صاوى، والروضة، وذلك بهدف التيسير على الفلاحين فى عمليات التسويق.من جانبه، أكد على عبدالكريم ، مزارع، أنه قرر وقف زراعة القطن منذ أكثر من أربع سنوات؛ جراء الخسائر التى ابتلى بها نتيجة زراعة القطن طويل التيلة.وأشار فى حديثه إلى أن بذرة زراعة القطن هذا العام "ليست بجوده عالية، وأن محصول القطن هذا العام لم تتفتح زهرته، فاضطر عدد من الفلاحين إلى بيعه أخضر كطعام للمواشى.وأوضح عبدالكريم أن ارتفاع تكلفة زراعة القطن، وعدم توفر الأسمدة بالجمعيات الزراعية التى تبيعه بسعر مدعم طوال العام، زاد من أعباء تكلفة زراعة القطن على الفلاح.وأضاف: "نضطر إلى شراء الأسمدة من منافذ البيع الخارجية والتى قد يصل سعرها إلى ضعف التسعيرة الخاصة بالجمعية الزراعية".وبيّن أن زراعة القطن تحتاج إلى أكثر من ستة أشهر فى الأرض، ما يؤدى إلى إجهادها، وقد يضطر الفلاح إلى زراعة محاصيل خفيفة لا تدر الكثير من المال مكان القطن حتى لا يُجهد الأرض.وأوضح رمضان على، مزارع أن جمع القطن يُكلف الفلاح، لا سيما أن جمعه يتم بطريقة بدائية ويحتاج إلى عدد كبير من الأفراد، وقد تصل يومية الفرد منهم إلى سبعين جنيهًا.وأكد أنه نتيجة تحرير سعر القطن، وعدم شراء الحكومة المحصول من الفلاحين كما هو معتاد، وقع الفلاحون العام الماضى فريسة للتجار، الذين عرضوا أسعارًا زهيدة لقنطار القطن، ولم يتمكن الفلاح من جمع مصاريف زراعته.وأوضح أن القطن محصول مجهد للأرض، وتكلفة زراعته عالية ويستغرق وقتًا طويلًا حتى يتم جمعه، كما أنه من الصعب زراعة محاصيل أخرى بعده لإجهاد الأرض بعد زراعته.وأكد مسؤول فى المحافظة أن الزراعة لمساحات صغيرة على عدة أفراد أدى إلى تدهور زراعة القطن.وتابع: "تكلفة زراعة القطن تتسبب للفلاح فى خسارة، كما أن قرار تحرير سعر القطن، وعدم وجود إلزام للحكومة لشرائه أو تحديد مساحة معينة لزراعته، دفعا الفلاح إلى عدم زراعه القطن.كما لفت إلى أن الشركات التى تشترى القطن منهكة، غير قادرة على شراء القطن، لا سيما بعد تحولها من القطاع العام للخاص، وعدم تطويرها واستحداث آليات جديدة فى الصناعة.كما أكد مسؤول فى المجلس التصديرى للغزل أن صناعة المنسوجات لو تم إصلاحها فستساعد فى حل مشكلة البطالة فى مصر، إذ يقدر عدد العاملين بالقطاع بشكل مباشر وغير مباشر بأكثر من ثلاثة ملايين عامل.وأضاف: "العاملون بقطاع المنسوجات يمثلون 30% من إجمالى قوة العمل، ولا بد من إعادة التفكير فى إدارتها".وأوضح أن تطوير زراعة القطن يقع على عاتق عدة وزارات على رأسها وزارة الزراعة، لافتًا إلى أن الحكومة الجديدة لم تطرح خطتها حول أزمة القطن طويل التيلة بعد.نقلا عن العدد الورقي.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
التنظيم والإدارة: رئيس الوزراء يوافق على دمج مراحل مسابقة البريد لشغل 2700 وظيفة بدلاً من 900