رأى الكاتب البريطاني جدعون راخمان، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هو أكبر من أن يكون مجرد "حدث عابر" في التاريخ، وأنه قد يكون بداية لحركة سياسية مُعمّرة.
وأكد راخمان في مقاله بصحيفة الـفاينانشيال تايمز أن ثمة آمالا كبرى بين ذوي النفوذ التقليديين في المؤسسة الأمريكية من جمهوريين وديمقراطيين بأن يتمخض عهد ترامب عن "لا شيء" وأن يكون مجرد خروج عابر عن السياق التقليدي، وأن يتم احتواء "ظاهرة ترامب" دونما إضرار كبير بالولايات المتحدة، وتستند تلك الآمال إلى تبدُّد المخاوف التي صاحبت مجيء ترامب من أنه سيقوض في وقت وجيز الديمقراطية الأمريكية.
ونوه الكاتب عن نهوض المؤسسات في الولايات المتحدة لمجابهة التحدي المتمثل في ظاهرة ترامب: فتصدت المحاكم منذ البداية لقرارات ترامب المتعارضة مع الدستور أمثال قرار حظر السفر، وطرْد جيمس كومي من إدارة مكتب التحقيقات الفيدرالي، وغيرها؛ كما أن المؤسسة الصحفية الأمريكية تصدت هي الأخرى بلا هوادة وبشكل فعال لكافة صور إساءة استخدام السلطة في إدارة ترامب - ويعتبر توم برايس، وزير الصحة الأمريكي، هو آخر من عيّنهم ترامب وأجبروا على الاستقالة، بعد أن كشفت الصحافة عن إنفاقه (توم برايس) أكثر من مليون دولار من أموال الحكومة على طائرات خاصة له.
ورأى راخمان، أن ذلك إنما يحدث في أمريكا، أما لو حدث مثلا أن رجب طيب اردوغان في تركيا أو "شي جين بينغ" في الصين، واجه تصديًا من جانب صحفيين فإن هؤلاء سيتعرضون للفصل من العمل أو للسجن، لكن الصحفيين في أمريكا أحرار في مواصلة عملهم ومن الصعب أن يتغير هذا الوضع - كل تلك الوقائع تعزز الآمال في قدرة نظام الولايات المتحدة على أن يحتوي ظاهرة ترامب وأن يلفِظها في نهاية الأمر.
وقال الكاتب إن تراجع شعبية الرئيس ترامب وفشله في الوفاء بتعهداته الرئيسية في حملته الانتخابية قد دفعا الكثيرين في واشنطن إلى استنتاج أن ترامب قد لا يُعاد انتخابه، غير أن فوزه في انتخابات 2016 يعكس عدم قدرة المؤسسة الأمريكية على قراءة المزاج الشعبي العام.
ورأى صاحب المقال أن إحدى العقبات التي تعترض طريق ترامب في قلب النظام الأمريكي رأسًا على عقب تتمثل في أنه ببساطة لا يجد هيئة كاملة من المسئولين الأكفاء الموافقين لتوجهاته لشغل الوظائف الرفيعة في واشنطن؛ ونتيجة لذلك فإن معظم صانعي القرار في البيت الأبيض في ظل ترامب لا يزالون يتم انتدابهم من المؤسسة التقليدية ومن ثم فهم يعتنقون وجهات نظر تقليدية.
لكن، إذا ما أثبتت ظاهرة ترامب درجة من القدرة على الاستمرارية كحركة سياسية، فإنها ستوجِد كادرًا من الأيديولوجيين والقادة السياسيين وهذا بدوره قد يكون بداية لشيء ما أكثر تصميما وخطورة.