اعلان

بالصور| حرق قش الأرز يسلب الحياة من سكان "كفر صقر" بالشرقية.. الأطفال يعانون من ضيق فى التنفس.. وطبيب: الأعداد تتزايد.. ومسئولون: لا يوجد حرائق ولجان تفتيش يوميًا

يتحرك بخفة بين الأراضي الزراعية، حاملًا في يده "كومة" كبيرة من قش الأرز، ليستقر في مكان آمن لا يلاحظه أحد من سكان البيوت التي تحاوط تلك الأراضي، يخرج من جيب جلبابه علبة "كبريت"، وفي لحظة يشعلها ليتحول قش الأرز إلى نيران مشتعلة، ويعود سريعًا ذلك المزارع الخفي الذي لم ينجح سكان "كفر صقر" بالشرقية، من اكتشاف شخصيته، لمحاسبته، إلى بيته ليتخفى مرة أخرى.

- القدرة على التنفس:

في تلك اللحظة كان "سيد" الطفل الذي أتم عامه الثاني منذ أيام، نائمًا في هدوء، ليأتي ذلك الدخان الذي تصاعد من حرائق قش الأرز، ويشكل حائطًا سدًا بينه وبين استنشاق أكسجين الحياة، لتتصاعد نوبات بكاء "سيد"، ويستيقظ كل من في المنزل، ويسرعوا لأخذه إلى الطبيب؛ لعدم قدرته على التنفس، فيقول والده، الذي يبلغ من العمر 34 عامًا: "سيد مش قادر يجيب نفسه من دخان حرق قش الأرز، وجرينا بيه على الدكتور، وكتبله شنطة علاج وحقن وقال ميتعرضش لدخان تاني.. طيب أعمل أيه عشان أحمي أبني ومفيش مسئول بيحرك!".

- حساسية في الصدر:

لم يكن سيد، الطفل الذي لم يعد قادرًا على التنفس بدون عقاقير، هو الوحيد الذي يعاني من ضيق التنفس، فـ"فهد"، ابن عمه الذي يقاربه في العمر، يعاني من حساسية في الصدر وضيق التنفس، بعد استنشاق الدخان المتصاعد من الحرق اليومي لقش الأرز.

- إغلاق كافة منافذ المنزل:

وفي منزل أخر بمنطقة "كفر صقر" بالشرقية، أغلقت عائلة محمد المكونة من 8 أفراد، كافة النوافذ والأبواب، وظلت حبيسة 4 جدران، بعد حالات صعوبة التنفس التي ظهرت على طفلين من العائلة، بعد تصاعد الأدخنة الناتجة عن حرق قش الأرز، فيقول محمد علي: " أحنا عندنا أطفال صغار في البيت مش قادرين يتنفسوا وأهالينا كبار في السن وفي ناس مريضة في البيت مش قادرة نتنفس.. وقافلين كل أبواب البيت طول اليوم".

- عدم التعرض للدخان مرة أخرى:

يعاني أحد أطفال عائلة محمد، الأخ الأكبر الذي لقب البعض العائلة تيمنًا باسمه، من ضيق في التنفس، فيقول محمد: " ابن أخويا في البيت راح للدكتور من كام يوم وكان عنده حساسية على صدره وضيق في التنفس.. والدكتور قال ميشمش دخان تاني نهائي".

- أشعة مقطعية على الصدر:

وفي إحدى غرف منزلها تجلس مني، غير قادرة على التنفس من الدخان المتصاعد أمامها من خلف زجاج نافذتها، بالرغم من أن النافذة مغلقة والأبواب أيضًا إلا أن رائحة الدخان كانت كطلقات الرصاص التي ضربت صدر مني فلم تعد قادرة على التنفس، وتقول: " والله أنا مش قادرة أجيب النفس، ورحت للدكتور قالي عايز أشعة مقطعية على الصدر".

- جلسات تنفس صناعي يوميًا:

لم تكن مني التي كانت سمر هي ثمرة زواجها الذي تم منذ 3 أعوام، هي الوحيدة التي تعاني من ضيق التنفس، وتقول: " والله العظيم بنت سلفي تعبانه وراحت هي كمان للدكتور زيي، من يومين، والنهارده بنتي سمر وبنت سلفي الصغيره راحوا للدكتور، ومكتومين مش قادرين يتنفسوا خالص"، مضيفة: "ده كمان بنت جارتي عندها سنتين وبتركب أكسجين مرتين في اليوم عشان مش عارفة تتنفس من الدخان".

- بلاغات بدون فائدة:

وفي منزل مكون من أربعة طوابق، يستقر سيد أحمد، الذي يعمل مدرسًا بإحدى مدارس "كفر صقر"، غير قادر على التنفس، ويقول: "مش قادر اتنفس ولا أخرج من البيت، والإصابة بالاختناق بتصيب الناس الكبيرة في كفر صقر أسرع من الصغيرين، ولما بنقدم بلاغ محدش بيسأل فينا، ومفيش غرامات بتتاخد على أصحاب الأراضي اللي بتحرق القش وسط البيوت".

- عدم القدرة على ضبط الجاني:

وتابع: "والله حمايا جاله حساسية في الصدر، وكل يوم عند دكتور من الدخان ده"، مضيفًا: " المشكلة إن اللي بيحرق ديمًا بيحرق بالليل ولما النهار يطلع يبقي خلاص اللي عنده حاجه يعمله".

- عيادة أطفال مليئة بحالات عدم القدرة على التنفس:

وتتلقى عيادة دكتور الأطفال وائل أحمد، المتواجدة في "كفر صقر" بالشرقية، عدة حالات لأطفال تعاني من ضيق في التنفس، فيقول دكتور وائل، في تصريح خاص لـ"أهل مصر": "فيه أطفال جاية بتكشف وبيكون عندهم صعوبة في التنفس، لكن أنا مقدرش أعرف من حرق قش الأرز وإلا من حاجة تانية".

- العلاج طبقًا لدرجة الشعور بضيق التنفس:

مهمة الطبيب تتلخص في مساعدة المريض على الشفاء، تلك هي المقولة التي يتبعها الدكتور وائل عند استقبال الأطفال المريضة، فيقول: "مش بسأل هو ضيق التنفس من إيه؛ لإن مهمتي أحاول أخفف عن الطفل تعبنه وأوصفله الأدوية المناسبة، وفيه حالات بتحتاج جلسات تنفس صناعي وفي حالات تانية بتتماثل الشفاء بالأدوية".

- غلق الشعب الهوائية:

في الوقت ذاته أكد الدكتور محمود السعداوي، أستاذ الصدر بجامعة الزقازيق، أن استنشاق الدخان يتسبب في غلق الشعب الهوائية، التي تعمل بدورها على دفع المريض للشعور بضيق في التنفس، يصاحبه سرعة ضربات القلب، موضحًا أن دخان قش الأرز له نفس التأثير على الجهاز التنفسي مهما اختلفت الفئة العمرية.

- الابتعاد عن الدخان شرط من شروط العلاج المفقودة:

وأشار أستاذ الصدر بجامعة الزقازيق، في تصريح خاص لـ"أهل مصر"، إلى أن عيادته تلقت العديد من الحالات التي تعاني من صعوبة في التنفس، مشيرًا إلى أن تلك الحالات تتماثل للشفاء من خلال الأدوية التي ينتظم على تناولها المريض لمدة أسبوع كامل، بجانب الابتعاد عن أماكن تصاعد الدخان.

- لجان تفتيش يوميًا:

وبالرغم من كل تلك الحالات التي تصاب بين دقيقة وأخرى بعدم القدرة على التنفس، يوكد الدكتور أحمد رخا، رئيس الأدارة المركزية للتفتيش بوزارة البيئة، أن هناك لجان تفتيش تمر مرتين يوميًا منذ منتصف أغسطس الماضي، تزامنًا مع موسم الحصاد، على الأراضي الزراعية، لضبط أي مزارع يحاول حرق القش الخاص بالأرز، وتحرير مخالفة لمن يتم ضبطه، وفي حالة وجود حرائق كبيرة، يتم استدعاء المطافئ على الفور، ونقل المصابين أن وجدوا إلى المستشفيات الحكومية لتلقي العلاج.

- عقوبة حرق قش الأرز:

وعن عقوبة حارق قش الأرز، يقول رئيس الأدارة المركزية للتفتيش بوزارة البيئة، في تصريح خاص لـ"أهل مصر": "المحاسبة بتتم من خلال التأكد من وقوع حالات اختناق من حرق قش الأرز، ومن ثم يمكن إعداد تقرير يوضح ما حدث، ويتم محاسبة المزارع الذي قام بحرق قش الأرز تبعًا للمادة 37 من قانون البيئة".

- التعرف على حارق القش تبعًا لخريطة الأراضي الزراعية:

ويوضح الدكتور أحمد أن المادة "37" من قانون البيئة تنص على حظر الحرق المكشوف للمخلفات الزراعية، وتقدر الغرامة المالية لمن يخالف ما تنص عليه المادة من 5 الآف جنيه إلى 100 ألف جنيه، والسجن عام كامل، مشيرًا إلى أن لجنة التفتيش التي تمر يوميًا على الأراضي الزراعية، يكون أحد أفرادها تابع لجهاز شئون البيئة وأخر تابع لشرطة البيئة والمسطحات، بجانب المشرف الزراعي المسئول عن المنطقة الزراعية، ويتولي المشرف الزراعي معرفة المتسبب في حرق قش الأرز، تبعًا لخريطة الأراضي الزراعية والملاك والمركز التابعة لها.

- ضبط ومحاسبة فلاحين بتهمة حرق القش:

وأكد رئيس الأدارة المركزية للتفتيش بوزارة البيئة، أن هناك عدة أشخاص تم ضبطهم أثناء حرق قش الأرز، وتم التعامل معهم تبعًا للقانون ومعاقبتهم.

- إبلاغ المسئولين عن حالات حرق قش الأرز:

وعن المهمة التي يتولاها نقيب الفلاحين في حالة وجود جرائم حرق قش الأرز، وسط المساكن المتراصة بالقرب من الأراضي الزراعية، يوضح أسامة الجحش، نقيب الفلاحين، أن دوره يدور حول إبلاغ المحافظة ومدير الأمن التابعين للمنطقة الزراعية التي يتعرض قاطنيها إلى حالات اختناق وصعوبة في التنفس؛ نتيجة حرق الفلاحين لقش الأرز، بجانب إبلاغ وزارة البيئة، لاتخاذ الإجراءات القانونية ضد الفلاحين.

- العقوبات:

وأكد نقيب الفلاحين، في تصريح خاص لـ"أهل مصر" أن هناك دوريات تفتيش يوميًا على الأراضي الزراعية لمنع وقوع أي حالة حرق للقش، مشيرًا إلى أن عقوبة حارق قش الأرز، تكون السجن 3 أعوام وغرامة 10 الآف جنيه.

- استخدام قش الأرز وجبة للحيوانات:

وأكد أسامة الجحش أن قش الأرز يتم استخدامه كـ"علف" للحيوانات، موضحًا أن عملية نقل قش الأرز إلى المكابس تتم على نفقة الحكومة، وأكمل قائلًا: "مفيش فلاح بيحرق قش الأرز.. بيبعوه عشان يستفادوا من فلوسه".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
الأنباء الفرنسية: إسرائيل تقصف منطقتين طالبت بإخلائهما في رفح الفلسطينية