تزامنا مع شهر الانتصارت تهل علينا غدًا السبت، "ذكرى انتصار القوات الجوية في حرب أكتوبر"؛ تلك الملحمة البطولية التي سطرتها قواتنا المسلحة وشهد لها العالم، وقامت بالعديد من البطولات منها الضربة الجوية التى أفقدت العدو توازنه فى بداية الحرب واستمرت فى تنفيذ المهام خلال مراحل الحرب المختلفة حتى جاء يوم 14 أكتوبر 1973م.
ومنذ 44 سنة شهدت سماء المنصورة فى الرابع عشر من شهر أكتوبر حرب شرسه بين "مصر واسرائيل"، أقوى معركة جوية فى الشرق الأوسط؛ أبلت فيها قواتنا الجوية بلاءً حسنا، وتمكنت من إسقاط 120 طائرة للعدو الصهيونى.
بداية الأحداث:
يوم 14كتوبر 1973، توجهت 120 طائرة مقاتلة إسرائيلية في وقت واحد لضرب المطارات المصرية بدلتا النيل في المنصورة، وطنطا، والصالحية، فتصدت لها 62 طائرة مقاتلة مصرية فقط.
ودارت بينهم إشتباكات متواصلة طوال 53 دقيقة، كان لقاعدة المنصورة الجوية النصيب الأكبر، ورغم أن العدد في تلك المعركة يشير إلي التفوق الكاسح من حيث العدد لسلاح الجو الإسرائيلي، إلا أنه تلقي درسا لن ينساه وانتهت المعركة بهزيمته وفرار طياريه بعد سقوط18 طائرة لهم.
ففي الساعة (3:15) من مساء نفس اليوم أنذرت مواقع المراقبة المصرية علي ساحل دلتا النيل قيادة القوات الجوية المصرية بان هناك (20) طائرة فانتوم قادمة من اتجاه البحر وهي تطير باتجاه ( بور سعيد والدلتا) فأمر قائد اللواء الجوي (104) بانطلاق (16 طائرةMIG_21) لحماية القاعدة كما أمر طياري هذه المقاتلات بالا تبحث عن الطائرات المهاجمة أو حتي تلتحم معها، لأن قيادة القوات الجوية المصرية قد تعلمت الكثير عن الأسلوب الإسرائيلي في الهجوم وذلك من خلال التجارب التي مرت بها في حرب الاستنزاف أثناء أواخر الستينيات.
وأصبحت معركة المنصورة الجوية أقوى معركة بالشرق الأوسط، وتعتبر بأنها أطول المعارك الجوية في التاريخ وذلك بقدرات الطيارين المصريين بطائرات الميج 21 والتي تفوق إسرائيل عليها بطائرات الفانتوم الحديثة حيث كان هدفها تدمير القواعد الجوية المصرية والصواريخ المضاده للطائرات لكي تهيمن على سماء مصر وتقضي على القوات البرية ولكن لم تستطيع إسرائيل تحقيق الهدف وانتهت المعركة بانتصار مصر ومهيمنه على مجالها الجوي وذلك بفضل وبراعة الطيارين المصريين والذي أصبح يوم 14 أكتوبر عيد سنوي للقوات الجوية تفتخر بما انجزته في الحرب.
شهادات المعركة:
يقول مقاتل طيار أحمد يوسف الوكيل في شهادة للمجموعة 73 مؤرخين "لقد قمنا بالترتيب مع المجموعات الجوية في قاعدة (المنصورة) التي كان يوجد بها سربين يتم استخدامهما في مهام الدفاع الجوي والاعتراض والسرب الثالث كان موجود في قاعدة ( طنطا) الجوية وكان يستخدم في حماية كلتا القاعدتين وكانت لا توجد أي خسائر في يوم (14) أكتوبر وعندما كنت أطير مع ثلاثة طائرة أخرى اعترضتنا (6) طائرات فانتوم إسرائيلية لذلك انقسمنا إلى قسمين من ثلاثة طائرات وقمنا باعتراض تلك الطائرات واضطرت تلك الطائرات الفانتوم أن تسقط جميع أحمالها من القنابل لكي تكون قادرة على الاشتباك معنا وبالفعل اشتبكت مع إحدى تلك الطائرات وقمت بإطلاق مدفع طائرتي ولم أكن أستطيع أن أستخدم الصواريخ لأن هذه الطائرة كانت قريبة جدًا مني وبالفعل أسقطت تلك الطائرة وشاهدت مظلتان للطيارين اللذان كانا بها، وأنا في ذلك الوقت لم أستطع أن أحدد كم طائرة اشتركت في هذا القتال ولقد فوجئت عندما سمعت عن عدد الطائرات التي اشتركت في القتال من كلا الجانبين وقلت ” يا الهي بالفعل لقد كان هناك حالات ازدحام مروري على الأرض في مصر والآن في السماء أيضًا".
المعركة بعيون إسرائيلية:
قال إيتان بن إلياهو طيار إسرائيلي في حرب أكتوبر 1973 أننا حاولنا القيام بعبور مضاد حيث أمدتنا الولايات المتحده بكل العتاد اللازم خلال ساعات محدوده وتمت تعبئة الطيارين، كنت أول من وصل إلى القناة لكني وجدت الأمر مختلفًا جدًا هذه المرة، وهربت بطائرتي وطلبت منهم في القيادة ألا يرسلوا أي طائرات أخرى لأن الطائرة التي ستذهب..لن تعود!
عبقرية نسور مصر:
ورغم التفوق العددى للطائرات الصهيونية، فإن نسور الجو، خاصة قاعدة مطارات المنصورة واجهوا العدو بحوالى 62 طائرة مقاتلة مصرية فقط، واستطاعوا ببسالة وشجاعة فائقة ومنقطعة النظير هزيمة العدو، وإسقاط 18 طائرة له، مما اضطر باقى طائراته للفرار.
خاضت اسرائيل هذه المعركة بطائرات حديثة، ومن طرازات مختلفة، مثل الفانتوم، والميراج، والسكاى هوك، وكنا نقاتل بطائرات الميج، لكن الفارق كان فى عبقرية الطيار المصرى وبسالته وصموده، واستطاعت 7 طائرات ميج مصرية أن تسقط للعدو 17 طائرة حديثة.. هذه المعركة الأسطورية مازالت تدرس فى أكبر المعاهد العسكرية فى العالم، وأصبح 14 أكتوبر عيدًا لمصر وللقوات الجوية.
التطور التكنولوجى:
وأكد الفريق يونس المصري قائد القوات الجوبة فى تصريح له اليوم الجمعة، إن القيادة العامة للقوات المسلحة تسعى في المرحلة الحالية إلى تطوير المعدات والأسلحة لمواكبة التطور التكنولوجي لمعدات القتال بالعالم، مشيرا إلى حرص القوات الجوية على امتلاك أحدث نظم التسليح بالعالم، وذلك فى ضوء ضرورة إحلال الطائرات المتقادمة بالقوات الجوية (ميج21، ميراج5) التى تعمل بالخدمة منذ أكثر من أربعون عاما.
وأضاف أن مصر انتهجت – منذ حرب أكتوبر وحتى وقتنا هذا – سياسة تنويع مصادر السلاح بما يتناسب مع متطلباتنا العملياتية ليصبح لدينا منظومة متكاملة من أحدث الطائرات (متعددة المهام، النقل، الإنذار المبكر، الاستطلاع ) والهليكوبتر (الهجومى، المسلح، المضاد للغواصات، الخدمة العامة) من مختلف دول العالم، مع الاهتمام بالمحافظة على الكفاءة الفنية للأسلحة والمعدات الموجودة بالخدمة، ومنها التى اشتركت فى حرب أكتوبر بل وتطويرها بعقول وأياد مصرية بما يمكن القوات الجوية من تنفيذ جميع المهام التى توكل إليها فى كافة الظروف والأوقات بدقة وكفاءة عالية، على جميع الاتجاهات الاستراتيجية وإيمانا منا بأنه لا بد للسلام من قوة رادعة تحميه وتحافظ على مكتسباته.