مدير عام اليونسكو الجديد عضوة سرية في "جمعية صهيونية" تدعم القضاء علي فلسطين.. فوز "أودري أزولاي" مهين للدول العربية.. بالأرقام.. 700 يهودي فرنسي يسيطرون علي السياسة والتعليم والصحة

كتب : سها صلاح

برز النفوذ اليهودي في فرنسا خلال انتخابات اليونكسو من خلال التأييد التي لقيته مرشحة فرنسا التي لديها أصول فرنسية،ولهذا يتوقع حدوث تغيير في الموقف الفرنسي من القضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية بسبب الدور الذي من الممكن أن يلعبه اللوبي اليهودي الفرنسي في السياسة الخارجية الفرنسية، علماً بأن عددهم لا يتجاوز حاليا 700 ألف يهودي، بالمقارنة مع عدد العرب والمسلمين الذين يتجاوزون ستة ملايين من أصل ستين مليون فرنسي، ولكن اليهود هم الأكثر تنظيما ونفوذا بين الطوائف والأقليات في فرنسا.

وعلى الرغم من أن المرشحة الفرنسية دخلت السباق في اليوم الأخير من إيداع ملفات الترشح، أي بتاريخ 15 مارس الماضي إلى جانب ستة مرشحين آخرين من أذربيجان والصين ومصر ولبنان وقطر وفيتنام، إلا أن أودري أزولاي تمكنت من فرض نفسها والصراع على الفوز حتى النهاية.

أودري أزولاي من مواليد أغسطس 1972 في باريس، وهي من عائلة ترسخت جذورها بين ضفتي المتوسط، وبالضبط بين عاصمتي فرنسا والمغرب.

فهي ابنة مستشار الملك محمد السادس وقبله والده الحسن الثاني، أندريه أزولاي، وأمها كاتبة وعمتها صحافية في مجلة "تيليراما" الفرنسية.

فوز مهين للدول العربية

وتخرجت أزولاي في العام 2000 من المدرسة الوطنية للإدارة، وهي إحدى أعرق المدارس الفرنسية والتي تخرج منها عدد كبير من كبار المسؤولين بينهم الرئيس السابق فرانسوا هولاند.

وفي سبتمبر 2014، انضمت إلى طاقم الرئيس هولاند في ثوب مستشارة للثقافة والاتصال. وكانت قبل ذلك مسؤولة بارزة في المركز الفرنسي للسينما حيث بقيت لغاية تعيينها وزيرة قاضية في محكمة المحاسبة.

كان لهولاند دورا بارزا في ترشح أودري أزولاي لرئاسة اليونسكو، فقد دفعها إلى ذلك مخالفا قاعدة أخلاقية راسخة غير رسمية تمنع أي دولة تحتضن مقر منظمة دولية أن تقدم مرشحا لإدارتها. وأثار القرار انتقادات سياسية وثقافية لاذعة، واتهم البعض فرنسا بأنها أهانت "الدول العربية" التي تلقت ضمانات بإحراز المنصب.

انتقادات معادة للسامية

ونشرت مجموعة من خمسين مثقفا عربيا عريضة وجهتها لوزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان احتجاجا على خوض أزولاي السباق لرئاسة اليونسكو، أما في مواقع التواصل الاجتماعي، فكثرت التعليقات المهينة لشخصية أزولاي، وبعضها معادية للسامية لأن الوزيرة السابقة يهودية.

وردت أزولاي على الانتقادات في حوار لمجلة "جون أفريك"، قائلة: "لم يأت دور الدول العربية ولا دور فرنسا ،ولكن دور اليونسكو التي بحاجة لدخول الألفية الثالثة"، وتابعت "اليونسكو هي معرفة الآخر، وأنا مستعدة لتولي المنصب لأنه رمز للقيم العالمية والإنسانية".

اليهود في فرنسا

وعند استعراض تطور وجود اليهود في فرنسا، نجد أن عددهم لم يتجاوز عند قيام الثورة الفرنسية في عام 1789 أربعين ألف يهودي، من أصل 26 مليون فرنسي، وفي عام 1810، أي بعد الثورة الفرنسية التي منحتهم حقوقاً متساوية مع بقية الفرنسيين ارتفع عددهم إلى 46583 يهوديا.

وحسب إحصائية صدرت من الجالية اليهودية، فإن 115 ألف يهودي قد جاؤوا إلى فرنسا، بين عام 1880 و1939، إذ وصل 30 ألف يهودي بين 1881-1914، و85 ألفا خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية، فأصبح عددهم في عام 1939 270 ألف يهودي.

وبالتالي فإن هذا سيؤثر علي عمل مدير عام اليونسكو الجديد الفرنسية من أصل يهودي علي القضية الفلسطينية، حيث أنها متأثرة بالعقيدة الصهيونية و الحلم الإسرائيلي في الحصول علي فلسطين.

"نابليون كان أول من فكر عمليا في إنشاء دولة يهودية تابعة للإمبراطورية الفرنسية في فلسطين، طمعا في مساعدة اليهود له في حملته لغزو الشرق".

ويوجد نصف اليهود الفرنسيين في العاصمة الفرنسية، إذ يعيش فيها من اليهود أكثر مما يعيش في القدس.

النفوذ اليهودي في فرنسا

يعود بداية ظهور النفوذ اليهودي في فرنسا إلى الثورة الفرنسية، إذ أصدرت الجمعية الوطنية الفرنسية عام 1791، قانوناً لتحرير اليهود الفرنسيين ومنحهم حقوقاً مساوية لغيرهم كمواطنين، وألغيت القوانين المقيدة لحرياتهم ونشاطاتهم.

وكان نابليون أول من فكر عملياً في إنشاء دولة يهودية تابعة للإمبراطورية الفرنسية في فلسطين، طمعاً في مساعدتهم له في حملته لغزو الشرق.

كما طلب من اليهود الفرنسيين أن يعقدوا أول مجمع لحكمائهم في "سان هدريان" لكي يقرروا إنشاء دولة يهودية تصبح تابعة للنفوذ الفرنسي، حتى يسيطر على الطريق الإستراتيجي لتجارة الشرق مع الغرب، وطمعاً في تحطيم النفوذ البريطاني في الشرق.

إلا أن هذه الفكرة لم تنجح، بسبب فشل نابليون في حملته على سوريا وفلسطين،وظهر النفوذ اليهودي في قضية الضابط اليهودي دريفوس الذي اتهم بنقل أسرار عسكرية إلى السفارة الألمانية في باريس. وصدر الحكم على هذا الضابط في 22 ديسمبر من عام 1894، بتجريده من رتبته العسكرية، وطرده من الخدمة، وسجنه مدى الحياة في جزيرة الشيطان.

وأثار أمر هذا الضابط الرأي العام الفرنسي الذي اعتبره خائناً في حق الوطن، وشغل الصحافة والمسؤولين، وسقطت وزارات عدة بسببه، كما انتحر العديد من المسؤولين حينها.

ولعب اليهود الفرنسيون دوراً كبيراً في تصعيد الأزمات التي أثارتها القضية في الحياة السياسية في فرنسا، كما استغلها زعيم الحركة الصهيونية تيودور هرتزل الذي كان مقيماً في باريس في ذلك الوقت، لإثارة المشاعر في فرنسا وأوروبا لدى اليهود لأنهم عللوا أسباب القضية بمعاداة السامية عند بعض المسؤولين.

وخضعت الحكومة الفرنسية للضجة التي أثارها اليهود وأصدقاؤهم، وجيء بالضابط من منفاه، وأعيدت محاكمته، وصدر قرار ببراءته من التهم الموجهة إليه، ومنح وسام الشرف، كما أعيد للخدمة في الجيش من جديد.

واعتبرت قضية دريفوس مثالاً على النفوذ اليهودي في فرنسا الذي بدأ يقوى ويشتد، والذي استطاع تحويل قضية ضابط اتهم بالخيانة إلى ضابط حكم عليه بالبراءة ومنح وسام الشرف.

واستغل اليهود الفرنسيون القضية بعد ذلك بسنوات، من أجل أن توافق الحكومة الفرنسية على خططها في إقامة "الوطن القومي اليهودي" في فلسطين، واستطاعوا إقناعها بإصدار وعد كامبو، الذي اعتبر اعترافاً رسمياً من قبل فرنسا بالحركة الصهيونية يشبه وعد بلفور.

وصدر الوعد بعد لقاءات عدة تمت بين سوكولوف -وهو أحد زعماء الحركة الصهيونية وممثلها في باريس- ورئيس الوزراء الفرنسي ريبو والسكرتير العام لوزارة الخارجية جول كامبو.

وطالب سوكولوف أن تصدر الحكومة الفرنسية بياناً كتابياً تعبر فيه عن عطفها على أهداف الحركة الصهيونية فيما يختص بقيام دولة يهودية في فلسطين، واستجابت الحكومة الفرنسية ونشرت في الرابع من يونيو1917، إعلانا صريحا عبرت فيه عن عطفها على المخطط الصهيوني بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين التي نفي منها "شعب إسرائيل".

وخضعت منذ ذلك الوقت معظم الحكومات الفرنسية للابتزاز اليهودي، خوفا من اتهامها باللاسامية.

تنظيم اليهود الفرنسيين

تمتاز الطائفة اليهودية في فرنسا عن الجالية العربية والإسلامية بأنها الأكثر تنظيماً وتجاوباً مع التنظيمات المتعددة التي ترتبط بعضها مع البعض الآخر.

والتنظيمات اليهودية موجودة على جميع الأصعدة، الثقافية والسياسية والاقتصادية والدينية والقانونية والطلابية، وحيثما يوجد تجمع يهودي فهناك تنظيم أو اتحاد يربط بعضهم ببعض.

-مدير عام اليونسكو عضوة بجمعية صهيونية سرية

توجد مائة جمعية واتحاد وتنظيم يهودي وصهيوني في باريس وحدها إلى جانب وجود مكاتب لمختلف الأحزاب السياسية الموجودة في إسرائيل.

ومن أشهر هذه المنظمات "الحركة الصهيونية في فرنسا" وتعتبر الفائزة بمدير عام اليونسكو عضوة بشكل سري في تلك الجمعية التي تدعم كثيراً فكرة إقامة مستوطنات في غزة و طرد الشعب أو ترحيله.

وبالنسبة للقضية الفلسطينية فإن النفوذ اليهودي الموجود في الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى، أمر واضح في فرنسا.

واعترف الجنرال ديغول بعد حرب 1967 بهذا النفوذ المسيطر على وسائل الإعلام الفرنسية، مما جعل اليهود يتهمونه بمعاداة السامية.

كما أن نفوذهم يبدو واضحاً أيضاً عند السياسيين الفرنسيين ذوي المصالح الاقتصادية المرتبطة بمصالح اليهود، وكذلك داخل المؤسسات الاقتصادية والبنوك.

كل ذلك يعطي اليهود الفرنسيين القوة في انتقاد مواقف حكومتهم من الصراع العربي الإسرائيلي. حيث أن المنظمات اليهودية تنتقد وتحتج باستمرار على السياسة الخارجية لفرنسا منذ عام 1967 إلى هذا الوقت.

ولكن هذا لا يعني أن غالبية اليهود الفرنسيين يقفون مع إسرائيل ضد مواقف حكومتهم من القضية الفلسطينية. فهناك نسبة لا يستهان بها من اليهود الفرنسيين الملتزمين بمواقف أحزابهم السياسية المنتقدة لإسرائيل.

علاقة يهود فرنسا بإسرائيل

لم تكن هجرة يهود فرنسا إلى إسرائيل منظمة قبل قيامها، ولكن خلال الحرب العالمية الثانية بدأت بعض العائلات اليهودية تهاجر إلى فلسطين هربا من الاحتلال الألماني لفرنسا.

وحتى قيام إسرائيل لم يهاجر من يهود فرنسا سوى 3943 إلى فلسطين، وأكثر سنوات الهجرة كانت عام 1949، حيث وصل إليها 1653 يهوديا فرنسيا، وفي السنوات العشر الأولى من قيام إسرائيل لم يهاجر إليها من فرنسا سوى 7768 يهوديا.

ومن الملاحظ أن نسبة اليهود الفرنسيين المهاجرين إلى إسرائيل ضعيفة، وغالبيتهم من اليهود الذين التحقوا بأقارب لهم هاجروا إليها من مناطق مختلفة من أوروبا. بل إن اليهود الذين هاجروا من مصر والجزائر وبقية دول المغرب العربي فضلوا الهجرة إلى فرنسا على الهجرة إلى إسرائيل.

وقد طرح سؤال على عينة من خمسمائة يهودي فرنسي عن احتمالات الهجرة من فرنسا فكانت النتيجة، أن 54% أجابوا بأنه احتمال مرفوض إطلاقا، و33% أجابوا بأنهم يهاجرون في حالة تجدد الاضطهاد، و2% لأسباب عقائدية، و11% لأسباب شخصية.

أي أن أكثر من نصف اليهود الفرنسيين يرفضون الهجرة، وحتى في حالة الهجرة الاضطرارية، فإن 35% منهم اختاروا الولايات المتحدة و16% أوروبا الشمالية وبريطانيا، و17% بلجيكا وسويسرا وكندا، و8% أميركا اللاتينية، و13% إيطاليا وإسبانيا، و7% دولا أخرى، ولم يعط جواباً 4%.

وعدم حماس يهود فرنسا للهجرة إلى إسرائيل لا يقلل من تأييدهم لها مع بقائهم في فرنسا، بل إن 39% من اليهود الفرنسيين لا يتكلمون اللغة العبرية.

لا شك أن وجود سبعمائة ألف يهودي في فرنسا يؤثر على القرار السياسي لأي حكومة فرنسية، بالنسبة للصراع العربي الإسرائيلي. فكيف إذا كان الرئيس الفرنسي الجديد هو نفسه يتعاطف مع إسرائيل؟

وللرد على هذا التساؤل على الجالية العربية في فرنسا أن تنظم نفسها وتشارك في الأحزاب السياسية والمنظمات الفرنسية، وعندها سوف يؤثرون على النخب السياسية الفرنسية، ولن يستطيع ساركوزي أو غيره أن يتخذ مواقف سياسية معادية للقضايا العربية.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً