اعلان

صاحب مشروع "دكان" في انتظار عربة "الساندوتشات".. "لن أعيش في جلباب الوظيفة الحكومية"

وثق الشاب العشريني لحظة انهيار مشروعه بعدسة هاتفه المحمول، حين داهمته "البلدية" وحطمت عربة "الساندوتشات" الصغيرة الخاصة به، من على الرصيف المقابل لكلية فنون جميلة، غالبته الدموع معلقًا:" شقايا وتعبي وسهري وحرقة قلبي اترموا في الأرض.. البلدية جت كسرت العربية ورفعتها على عربية نقل ومشيت".

بدأ أحمد ناجي الطالب بكلية حاسبات ومعلومات بالفرقة الثالثة مشروعه منذ شهرين على الأكثر، بعجلة تحمل صندوق كبير ينضج برسومات عبر بها عن أحلامه بريشة فنان صغير يحاول أن يتحسس طريق الخروج من قناع البطالة الأسود، "الرسومات اللي على العربية عملتها كلها بإيدي"، ليأخذها ويقف بإحدى شوارع أرقى أحياء القاهرة "العربية وقفت بيها في شارع 26 يوليو في الزمالك"، بعد أن قفزت في ذهنه فكرة تقديم مأكولات سريعة "قررت أقف بعربية مأكولات سريعة عشان أخلص نفسي من أزمة البطالة".

"دكان" قد يكون الاسم يحمل ذكريات عديدة عند أغلب المصريين، محل بقالة صغير لا يملك إلا بضائع قليلة، لكن "أحمد" غير فكرة ذلك اللقب بعربة الطعام السريع التي دائمًا ما يتصاعد منها أشهى الروائح فيتهافت محبي الطعام عليها "عربيتي اسمها دكان وبقدم فيها كبده وسجق وشاورما وفاهيتا وهوت دوج وشيش طاووق".

قبل عربة الطعام التي يقف بها "أحمد" بالزمالك، تدرج في وظائف عديدة، منها مصمم جرافيك، ومدير تسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى عمله شيف في إحدى محلات الطعام الكبرى، فيقول في حديثه لـ"أهل مصر": "أنا اشتغلت كتير، وكنت موظف، لكن مش عاوز أكون موظف، كان لازم أصنع وجود لنفسي لأنى محبش أكون مجرد ترس في ماكينه كبيرة".

الوقت كالذهب، تلك هي المقولة التي يتبعها "أحمد" في حياته الدراسية والمهنية، فيقول: "بنام تقريبًا 6 ساعات يوميًا، محاضراتي تبدأ الساعة 8 الصبح.. وبخلص وأطلع على العربية بقف فيها من 6 لحد وبرجع بيتي على بعد 2 الفجر"، لكن ذلك المجهود في سبيل أثبات النفس والهروب من البطالة لم تجدي نفعًا في ظل عدم قدرته على الحصول على تراخيص للعربة: " أنا لفيت مصر كلها علي ترخيص روحت الحي والمحافظه والمرور والقسم التابع كلهم قالولي مفيش ترخيص".

منذ شهرين من الأن، فتح "شارع مصر" في مساكن شيراتون، أبوابه للشباب الذي يملك عربات طعام ومشروبات، لكن عندما قرر "أحمد" أن يتقدم في ذلك المشروع لم يحالفه الحظ، فيروي: "سألت علي شارع مصر قالولي لشباب الخريجين طب وأنا لسه بدرس أروح أشحت يعني لحد ما أتخرج ولا أعمل إيه!".

منذ 3 أيام قرر "أحمد" الذي حصل على أموال مشروعه من أصدقائه، بعد أن شجعه والديه على فكرة المشروع، أن يقف في الصباح بدلًا من الليل، ويقول: "من يومين وقفت بالعربية الصبح عند كلية فنون جميلة، لكن في لحظة لقيت البلدية جت أخدت العربية وقبضت عليا"، في تلك اللحظة حل الانكسار محل الطموح "أنا نفسي اتكسرت وراسي كانت في الأرض وأنا بركب العربيه بتاعتهم وكأني ببيع مخدرات".

قبل قدوم "البلدية" بساعات، طالب إحدى أمناء الشرطة من "أحمد" رؤية أوراقه الشخصية، ويروي: " جه أمين شرطه قالي هات بطاقتك ورفع التليفون وبلغ البلديه أني واقف عند فنون جميله"، مضيفًا: "أمناء الشرطة كانوا كويسين والله هو واحد ولا اتنين بس اللى كانوا بيرخموا وعاوزين فلوس وأكل مني كل شوية".

بعد كسر عربة الطعام "دكان" انتهى بذلك حلم "أحمد"، الذي بذل جهدًا كبيرًا لمحاولة أنجاحه " تكلفة المشروع حوالي ١١ ألف جنيه استلفت فلوس بس مش من أهلي من واحد صاحبي، وبعد ما مشروعي ضاع مش عارفة أدفع الفلوس أزاي"، مضيفًا: "بالرغم من إن المشروع معرفتش أكسب فيه من أول ما بدأ واتعرضت لهجوم كبير من اللي ساكنين في الشارع اللي بقف فيه ومضايقة البلدية ليا.. لكن أنا عندي حلم لا يمكن أتنازل عنه".

منذ أن وصل أحمد ناجي، الشاب الذي اقتحم سوق العمل منذ وصوله إلى الصف الثالث الأعدادي إلى البيت بعد الأفراج عنه والحزن يخيم على والديه "أهلى شجعوني جدًا لكن وقتها مكنش فيه مساعدة مادية منهم، وفرحوا بيا وبنجاحي، لكن بعد ما العربية أتاخدت وأتسكرت عندنا في البيت كأن في حد عندنا مات والله".

بعد أن ضاع حلمه وفقد أمله في الحياة، لم يجد "أحمد" إلا التفكير في استثمار الأموال التي كانت ثمره عمله في الشهور الماضية "أنا كنت شايل مبلغ بسيط من ربح العربيه هحاول استخدمه صح"، موجهًا رسالة إلى الرئيس السيسي: " أنا بوجه رسالتي للسيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، حضرتك قولت انزلوا اشتغلوا وأنا نزلت وتعبت لحد ما جبت حق العربيه وفي الأخر اتشالت واتكسرت قدام عيني، وطالب مساعدتك عشان أرجع اشتغل".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً