" معركة من أجل كردستان.. ترامب يخون حليف الولايات المتحدة ويسمح لإيران بكسب اليد العليا ".. تحت هذا العنوان نشرت صحيفة "هآرتس" تحليلًا للكاتب أنشيل بيفر يكشف فيه سر تخلي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن أكراد العراق في معركة كركوك.
وقالت الصحيفة "تذكر قبل 4 أيام فقط كان الجميع خائف من أن ترامب سيدمر الاتفاق النووي مع إيران، حسنًا لقد ذهب مباشرة ورفض التصديق على الاتفاق، فاتحًا الباب أمام الكونجرس لفرض عقوبات جديدة على إيران والتي من المحتمل أن تعرقل الاتفاق، ولكن يبدو أن الكونجرس ليس شغوفًا أو قادرًا على حشد الغالبية خلف عقوبات جديدة، في حين أن باقي الدول التي وقعت على الاتفاق وبالطبع إيران نفسها تفعل كل شيء ممكن للحفاظ عليه حيًا".
وأضاف بيفر في تحليله "في الوقت نفسه إيران تتحرك في العراق، فوحدات الجيش العراقي المدربة والممولة أمريكيًا جنبًا إلى جنب الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران، واحدة منها على الأقل تعتبرها واشنطن جماعة إرهابية، شاركوا في هزيمة أكراد العراق، العنصر الذي يحظى بأكبر تأييد غربي في العراق بلا شك".
واعتبر بيفر أن الزيارة التي قام بها قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني، إلى المنطقة الكردية عجلت باستسلام المقاتلين الأكراد الأحد الماضي في كركوك وليل الاثنين في سنجار.
وعلق على هذه الزيارة قائلًا" مهما كانت التهديدات أو الوعود التي قدمها سليماني إلى قادة أحد الأحزاب الكردية الرئيسية، فقد أتت نتائجها بشكل واضح، حيث ذاب أعضاؤها بعيدًا عن مواقعهم حول كركوك، ما أدى إلى تفاقم الانقسامات المتوترة أصلًا بين الأكراد".
وأوضح أن مصالح إيران في العراق واضحة، و أن مزيدا من الاستقلال للكيان الكردي (إقليم كردستان) الواقع على حدودها سوف يشجع ملايين الأكراد في إيران للبحث عن الحكم الذاتي وحتى الاستقلال.
ورأى أن استقلال كردستان سيكون بمثابة جسر يربط أكراد العراق بالقوات الكردية التي تقاتل تنظيم داعش في شرق سوريا، لتقطع خطط إيران لإنشاء هلال شيعي يربط كل وكلائها على طوال الطريق من طهران إلى البحر المتوسط.
ولفت إلى أن الولايات المتحدة قدمت مليارات الدولارات لبناء جيش عراقي طوال العقد الماضي، وعملت أيضًا مع الأكراد عن قرب في العراق وسوريا في حملتها ضد تنظيم داعش.
كان من الطبيعي أن تنصح إدارة ترامب حكومة بغداد بأن تجلس مع الأكراد وتبقي الجيش العراقي بعيدًا عن كردستان، وبدلًا من ذلك أصدرت بالكاد بيانات تدعو الطرفين للتفاوض دون ممارسة للقوة على الأرض أو خلف الكواليس.
واعتبر الكاتب أمريكا بهذا الموقف خانت الأكراد قائلا: "مرة أخرى وقعت خيانة حليف لأمريكا موالي للغرب والسماح لإيران أن يكون لها اليد العليا.. الآن يمكن أن يقسم الأكراد الذين تم التخلي عنهم أن ترامب يهتم قليلا بحلفاء أمريكا ولا يهتم بحماتيهم من إيران".
وعن تفسير موقف ترامب قال المحلل الإسرائيلي:" لو كنت تريد أن تفهم موقف ترامب الحقيقي من إيران كل ما عليك أن تفعله هو فقط أن تقارنه بموقفه من قانون الرعاية الصحية، هو بالفعل ليس لديه قانون خاص، هو يريد التخلص من قانون أوباما الذي يتحمل الرعاية الصحية ويستبدله بأي قانون غير متماسك يقدم نصف الدعم.. يمكن أن يقدمه للكونجرس طالما أنه يتخلص من قانون أوباما"
ورأى أن "ترامب لا يستطيع أن يقلل اهتمامه بإيران ومن المحتمل أنه لا يستطيع أن يحدد موقعها على الخريطة، ولكن هو فقط يريد أن يمحو أي ذاكرة لسلفه، هو يريد أن يمحو مَعْلَم سياسة أوباما الخارجية".
واستعادت القوات العراقية خلال يومي الاثنين والثلاثاء السيطرة على مدينة كركوك وحقول النفط في المحافظة التي تحمل اسمها فضلًا عن مناطق في محافظتي نينوى وديالى كانت تحت سيطرة قوات البيشمركة.
وجاء تحرك القوات العراقية إلى هذه المناطق ردًا على إجراء السلطات الكردية استفتاء شعبيًا للانفصال عن العراق الشهر الماضي، اعتبرته الحكومة العراقية غير شرعي.
وأدى التقدّم السريع للقوات العراقية وسيطرتها على مدينة كركوك والمناطق المتنازع عليها الأخرى إلى تبادل الحزبين الرئيسين في كردستان الاتهامات بـ "الخيانة".
وحمل رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني مسؤولين في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني المنافس المسؤولية عن الخسائر العسكرية للأكراد في مدينة كركوك.
بينما قال الرئيس العراقي فؤاد معصوم، الكردي المنتمي إلى الاتحاد الوطني الكردستاني ، إن "إجراء الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان أثار خلافات خطيرة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان كما بين القوى السياسية الكردستانية ذاتها، ما أفضى إلى عودة القوات الامنية الاتحادية إلى السيطرة المباشرة على كركوك".
وقال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في بيان الاثنين إن عملية كركوك ضرورية لـ "حماية وحدة البلاد التي تعرضت لخطر التقسيم" بسبب الاستفتاء.
وقد فشلت المحادثات لحل الأزمة بين الجانبين بعد رفض القادة الأكراد مطالب الحكومة العراقية بإلغاء نتائج الاستفتاء على الانفصال.