مع كل دقيقة ينسج خاليهن العفوي أحلامًا تتحدى المألوف وتطير خارج أسوار دنياهم الصغيرة التي تسجن داخل الكتب الدراسية، فأحلامهم تحاول الفرار من الذكريات التي تحملها كل منهن عن المدرسة.
لأكثر من 7 أشهر تستيقظ الطالبات لتنفيذ سيناريو موحد، ارتداء الزي المدرسي والذهاب لتلقي 6 حصص دراسية، لينتهي اليوم الدراسي وتذهب كل منهن للمذاكرة في المنزل أو تلقى الدروس الخصوصية، ذلك هو ملخص الأعوام الدراسية التي حاولت الفتيات التحرر منه.
تتحايل الطالبات على زي المدرسة ذات الملامح المحددة، بإفضاء لمسات قد تكون بسيطة في نظر المجتمع، لكنها تبعث فيه رائحة الحياة التي يحاولون العيش بها، فتلك تفتح بضع "أزرار" من قميصها المدرسي، لتغازل أحلامها، علها تسمع كلمات الإطراء من زميلاتها، أو تصادف نظرة إعجاب ممن يراها يوميًا في رحلة ذهابها وإيابها للمدرسة.
لم يكن فتح "أزرار" القميص المدرسي هو الوسيلة الوحيدة التي تستخدها الطالبات لتنفيذ أحلامها، فهناك من فضلت ارتداء حظاظه في أرجلها، تحمل الوان زاهية، تتشابه كثيرًا مع أحلامهم الجريئة وخيالهم الواسع، وترفع شعرها لتربطه فيزيد من أنوثتها، لكنه يأبى أن يخضع لذلك التحكم، فهو ثائر مثلما تثور هي على نفسها، فيتناثر على وجنتيها، ويتمايل مع نسمات الهواء الباردة، معلنًا عن تحرره.
تختلف طرق تحقيق أحلام المراهقات في الزي المدرسي من طالبة لأخرى، فهناك من احتضنت كتبها، وأخذت تتمايل في خطواتها، وفي كل خطوة تحاول أن تلامس تنورتها المدرسية، بأناملها الصغيرة لترفعها قليلًا، وفي كل مرة تنزلق التنورة وتغطي أرجلها بالكامل، تخبأ الطالبة يدها خلف كتبها لترفعها لأعلى مرة أخرى.
الطرحة البيضاء جزء لا يتجرأ من الزي المدرسي، وكغيرها من قطع ذلك الزي لا تحمل أي صفات أنثوية، لكن حلم الكشف عن صفات الأنوثة لازال يراود هولاء الفتيات، فأختار العديد منهن أخراج جزء من شعورهن من تحت تلك الطرح التي تحمل اللون الأبيض الناصع، في الوقت الذي اختارت فيه فتيات أخريات أضافة اللوان زاهية من خلال وضع "بندانه" أسفل الطرحة، لكسر حالة الروتين الذي يصطدمن به كل صباح.
بالرغم من اختلاف أحلام تلك الفتيات، واختلاف طرق تنفيذها في سجن الزي المدرسي، يتفقن في ترك أحلامهن على قارعة باب المدرسة، لينفذن أوامر المدرسين والمدرسات، ويصطفنن في طابور معلنين من خلاله عن استعدادهم لدخول اليوم الدراسي، وتخليهم عن الأحلام لبضعة ساعات.
تتسابق عقارب الساعة للدوران وفي لحظة وقوفها عند الثانية ظهرًا، يدق جرس الانصراف، فتعود أحلام الفتيات من جديد، فيخرجون من أبواب المدارس يتمايلون ويرقصون ويسابقون بعضهم البعض، لتتساقط على أسماعهم تعلقيات المارة، فتارة تكون أعجاب من نشاط هولاء الفتيات ومرحهم، وتارة أخرى يثور غضبهم من سخرية البعض من تحقيق تلك الأحلام على أرض الواقع.
بعد موجة من المرح الذي يعلن بدء مرحلة تحقيق الأحلام بعد عناء يوم دراسي طويل، تختلف خطط الفتيات، فهناك من يتفقن على قضاء نزهة صغيرة، وهناك من يفضلن الذهاب إلى المنزل سريعًا، لكن من اتفقن على تنفذ الخطة الأولى، تحاول كل فتاة منهن إعادة لمسات الأنوثة التي هربت منهن على أبواب المدارس، فتلك أخرجت قلمًا من أحمر الشفاة لتضع لونًا رقيقًا على شفتاها يشبه اللون الوردي، وأخرى تركت العنان لشعرها الذي عاد يداعب وجنتيها، وثالثة أخذت تحدد أعينها بقلم أخضر لامع، يشبه أحلامها الجريئة، لينطلقن جميهن مختلقين ضجيج أنثوي في الشارع.