في الحارات المصرية الأصيلة، تفترش السيدات ذات الأجسام الممتلئة أبواب البيوت المتلاصقة بجانب بعضها البعض، تبوح كل منهن بكل ما تعرفه من أخبار عن سكان الحارة، يطفو على حلقة نقاش الدفء، إلى أن تظهر ملامح المشاحنات، ليظهر قاموس الشتائم المصري، الذي تناقله الأجيال، ويتردد في كل مشاجرة بين السيدات والرجال.
لم يختلف قاموس الكلمات عن قاموس الشتائم المصرية، فكل كلمة في القاموس تحمل أكثر من معني، البداية كانت من مدينة الإسكندرية من جملة " أفرش لك الملاية"، التي كانت جملة ثابتة على لسان كل سيدة "من وجه بحري" كما يطلق الإسكندرنية على مدينتهم.
-أفرش لك الملايةترجع قصة " أفرش لك الملاية" إلى منتصف القرن العشرين، واتربطت بالتراث الشعبي في المدينة، حيث كانت أغلب السيدات يرتدون الملاءة السوداء، في الوقت الذي تنطق فيه السيدة هذه الجملة في المشاجرة، على الطرف الأخر أن يتأكد أنها مستعدة ومتفرغة للشجار معه أو كما يطلق عليها في الأوساط الشعبية المصرية "الردح طويل المدى".
-يا عمرعندما أطلت "سما المصري" في كليب "أحمد يا عمر" منذ عدة سنوات، مرددة كلمة "يا عمر"، تناقل عدد كبير من المصريين ذلك المصطلح، ليكون جزء رئيسي في الكثير من مشاجرات السيدات مع الرجال، عندما تصل المرأة إلى قمة غضبها تنادي الرجل بـ"يا عمااااار"، لكن سما المصري لم تكن إلا فرد من الشعب المصري جدد تلك الكلمة.في بداية العصر الفاطمي انتشر مصطلح "يا عمر"، بعد أن كان له قصة مع الفاطميون، حيث كانوا دائمًا يظهرون غضبهم وعدم تقبلهم لـ"عمر بن الخطاب"، لأسباب مذهبية، ولذلك كان الكثير منهم يسخر من عمر رضي الله عنه على المنابر، وتذكير الفاطميون بالمواقف المنسوبة له، قائلين " كنت فين يا عمر" الذي كان يطلق بقصد الاستهزاء.
-اللي ميشتري يتفرجعندما تتصاعد وتيرة المشادات الكلامية، يحاول كل طرف في ذلك الصراع أن يتغلب على الأخر، في تلك اللحظة يأتي المكان الأمثل لجملة "هخلي اللي ميشتري يتفرج عليك".عندما يطلق أحد طرفي المشاجرة تلك الجملة، تظهر علامات القلق على الطرف الأخر، نظرًا لما تحمله من معني، حيث تعني فضح الطرف الأخر، وجعله "فرجة بين الناس" أو "لبانة على لسان الناس" كما يطلق عليها في الأوساط الشعبية.
-ابن الرافضي:في إحدى مشاهد فيلم ملك الكوميديا "إسماعيل ياسين" ابن حميدو، وتحديدًا في المشهد الذي وقف فيه ياسين متخفيًا في شخصية صياد سمك، مع الشاويش عطيه ليسأله عن المخدرات التي تم ضبطها معه "أنت عارف عقوبة المخدرات دي أد إيه.. ربع قرن يا رافضي"، ليرد عليه ياسين بعدة قبلات قائلًا: "خلاص سماح والنبي يا شاويش".لم يولد لفظ "ابن الرافضي" مع ظهور فيلم "ابن حميدو" فالبداية أبعد من ذلك بكثير، حيث كانت تدل قديمًا على كارهي الصحابة من الأشخاص المتحيزين للأمام "علي".
-أجرسك وأبهدلك تعددت طرق الفضيحة التي يطلق عليها بعض المصريين "جرسة"، في العصور القديمة كان عقاب من يرتكب خطأ فادح هو الركوب على الحمار بالمقلوب كما تعكس بعض الأفلام والمسلسلات المصرية، ويسير الحمار به أمام الناس في المدينة، ولهذا يستخدم المتشاجرين كلمة "جرسك أو أبهدلك" تعبيرًا عن اللحاق الفضيحة بالخصم.
-بطلوا ده واسمعوا ده ظهرت أغنية " بطلوا ده واسمعوا ده" في عدة لقطات من أفلام ومسلسلات، وأكثر مشهد يمكن أن يكون عالق في أذهان المصريين، هو إحدى حلقات "عائلة الحاج متولي" التي سمع فيها المشاهدين هذه الأغنية "بطلوا ده واسمعوا ده ياما لسا تشوفوا ياما.. الغراب يا وقعة سودة جوزوه أحلي يمامة"، وبالرجوع إلى أصل ذلك التعبير، فقد أطلقه المصريين على المواقف التي يحتاج فيها الفرد إلى عدم الاهتمام بما يسمعه، ليشاهد ما يحدث أمامه.
-يا الدلعدي بالرغم من أن كلمة "الدلعدي" تتكون من 7 حروف فقط، إلا أنها تحمل الكثير من المعاني، فهناك من ينطقها "يا ألد العدي" تعبيرًا عن "ألد الأعدء" أو "يا اد العدي" التي تعني يا هذا العدو، وتستخدم بذلك المعني لتوجيه الحديث إلى الأعداء.في الوقت ذاته، يعتبر بعض المصريين كلمة " يا الدلعدي" دعاء للأشخاص الصالحين أن يحميهم الله من أعدائهم.