في ذكرى استقالته.. كيف نجح "مهاتير محمد" في النهضة وفشل الإخوان؟: السر في "التعليم الابتدائي"

كتب : عبده عطا

في كلمته بمكتبة الإسكندرية، أعلن أنه استوحى نهضة ماليزيا من النهضة المصرية على يد محمد علي؛ كانت ماليزيا قبله يعم فيها الفتنة نظرا لوجود أكثر من 18 ديانة، بالإضافة إلى إنتشار الكسل والفقر بشكل كبير، حيث تخطت نسبته 7% كما وصف في كتابه.

"ماهتير محمد" صاحب النهضة الماليزية التي انتشلت الشعب الماليزا من بطن النار إلى جنة الدنيا، ولد في عام 1925، ودرس الطب بسنغافورة ثم الشئون الدولية بجامعة هارفارد بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1967، ثم شغل العديد من المناصب الوزارية، إلى أن تولى رئاسة وزراء ماليزيا عام 1981، ليبدأ في مسيرة الإصلاح التي رسمها في خطة سميت 2020، وهو العام الذي تحولت فيه ماليزيا من دولة نامية إلى دولة صناعية كبرى، وبهذه الخطة أيضا احتلت المرتبة الخامسة فى تصنيف الدول الأقوى اقتصاديًا في العالم.

لكن تظل الخطة التي رسمها ماهتير محمد لتحقيق نهضته الاقتصادية واضحة المعالم، استهدفت الركائز الأساسية التي تبني بها الأوطان، فشملت خطته التعليم باعتباره مفتاح كل شيء، ثم البحث العلمي لرفع كافأة المتعلمين، بالإضافة إلى عوامل أخرى كثيرة شملتها خطته.

طبق ماهتير محمد قول الشاعر العلم مفتاح العلا، حيث كانت بدايته بالاهتمامه بالتعليم في مرحلة ما قبل الابتدائية؛ حيث اشترط أن تكون جميع دور الرياض وما قبل المدرسة مسجلة لدى وزارة التربية، وتلتزم بمنهج تعليمي مقرر من الوزارة، بالإضافة إلى مواد تُنمي المعاني الوطنية، وتغرز روح الانتماء للتعليم الابتدائي، ومن بداية المرحلة الثانوية تصبح العملية التعليمية شاملة، فبجانب العلوم والآداب تدرَّس مواد خاصة بالمجالات المهنية والفنية، والتي تتيح للطلاب فرصة تنمية وصقل مهاراتهم. كما تنفذ عملية التدريس والتعليم في هذه المدارس وفقًا لحاجات الطلاب وقدراتهم ومستوياتهم الدراسية المختلفة، ويتم اختيار مدير المدرسة من القيادات التربوية البارزة، ويساعده فريق من الأساتذة ممن لديهم قدرات مهنية ممتازة،كما تتيح مشاركة الطلاب في اختيار البرامج الدراسية، بجانب حرص هذه المدارس على التنويع والتطوير في أساليب التدريس، مثل الرحلات العلمية والأيام الترفيهية.ولم تنس الحكومة المرأة الماليزية، والتي حصلت على نصيبها من التعليم كالرجل تمامًا، بل تقدِّم الحكومة قروضًا بدون فوائد لتمكين الآباء من إرسال بناتهم إلى المدارس وتوفير مستلزمات المدرسة، وتعطي الفقراء مساعدات مجانية لهذا الغرض.كما حرص على إنشاء أكثر من 400 معهد وكلية جامعية خاصة لتطوير البحث العلمي، تقدم دراسات وبرامج مع جامعات في الخارج، كما أتاحت الفرصة للطلاب الماليزيين لمواصلة دراستهم في الجامعات الأجنبية، إلا أن ما يستحق التسجيل ويدعو إلى الإعجاب، تلك الفكرة الجديدة التي قامت بها الحكومة الماليزية، عندما عملت على تقوية العلاقة بين مراكز البحوث والجامعات وبين القطاع الخاص.وبالتوازي مع الاهتمام بالتعليم، فقد دخلت ماليزيا في التسعينيات مرحلة صناعية مهمة، وذلك حين شجعت الصناعات ذات التقنية العالية وأولتها عناية خاصة، وقد كان ذلك بعد أن توافر لديها جيل جديد من العمالة الماهرة المتعلمة، والمدربة بأحدث الوسائل، فأصبح في مقدورها إثبات وجودها، بل والمنافسة على الصدارة.وكان لهذه المشروعات عظيم الأثر والنفع على الشعب الماليزي؛ حيث وفرت مليوني وظيفة للمواطن الماليزي، إلى جانب الفائدة الكبرى المتمثلة في نقل التقنية الحديثة وتطوير مهارات العمالة الماليزية، بالإضافة إلى طفرة ملحوظة في مشروعات الاتصالات والمعلومات التي كانت تحظى باهتمام ودعم حكومته، وكان يسميه "الاقتصاد المعرفي"، وبالفعل أصبحت ماليزيا محطة إقليمية وعالمية في مجال صناعة الاتصالات والمعلومات والإنترنت.أخيرًا، وبعد أن شعر مهاتير محمد بأنه قد انتهى من أداء رسالته، أعلن استقالته من جميع من مناصبه الحزبية في قراره التاريخي، وبالطبع لم يكن ما قام به مهاتير محمد -76 عامًا في ذلك الوقت- بالحدث العابر؛ فهو أطول زعماء شرق آسيا المنتخبين حكمًا، واسمه ارتبط بالحكم في ماليزيا محليًّا ودوليًّا.

وأطلق الإخوان المسلمين فى مصر شائعة بشأن ماهتير محمد، تفيد بأنهم شاركوه في نهضة ماليزيا، إلا أن الإعلامي أحمد المسلماني رد على هذه الشائعة قائلا: "إن مهاتير محمد صاحب نهضة ماليزيا كان عدوا للإخوان المسلمين، مشيرا إلى أن مهاتير محمد من كبار قادة العالم الإسلامي ومن أعظم رموز الأمة الإسلامية في العصر الحديث، ويحظى بالتقدير والاحترام بسبب تفكيره الرفيع".وأضاف، المسلماني فى تصريح له "أن مهاتير محمد ليس عضوا في جماعة الاخوان المسلمين، بل هو خصم وعدو للجماعة، مشيرا إلى أنه تمت أخونته في الإعلام العالمي نتيجة إعلان جماعة الإخوان المسلمين تبعيته لهم، موضحا أن الهدف من أخونته القول بإن الإخوان المسلمين شاركوا في نهضة ماليزيا".وبالرغم من النجاح الذي حققه ماهتير محمد وأستطاع أن يبهر به العالم، إلا أنه مثل هذا اليوم 31 أكتوبر 2003 قدم ماهتير محمد استقالته من رئاسة الوزراء.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً