أزعجتنى جدا تلك الشائعات التى تتردد عن نية الحكومة فى رفع أسعار المحروقات وخاصة البنزين.. مرة ثالثة، وإذا كانت الحكومة لم تؤكد أو تنف تلك الشائعات فتلك عادتها حتى تأخذ المواطنين على غرة!
ولكن ما أزعجنى أكثر هو تصريح ممثل صندوق النقد الدولى فى مصر، والذى أوضح أننا نصحنا الحكومة المصرية باستكمال تحرير أسعار الطاقة مع نهاية عام 2019، مشيرا إلى أن الصندوق ينصح فقط ولكن القرار وتوقيته يخص الحكومات المعنية.
وفى رأيى أنه تصريح دبلوماسى يمهد الأجواء لقرار الحكومة المستقبلى برفع أسعار البنزين، وهو ما نحذر منه حفاظا على استقرار المجتمع ورحمة بالمصريين الذين اكتوى أغلبهم بنار ارتفاع أسعار معظم السلع الضرورية ، خاصة بعد قرار تحرير سعر الصرف للجنيه المصرى مقابل الدولار الأمريكى.
ولست أفهم لماذا تستسهل الحكومة فى عملية رفع الأسعار فى حين أن لديها بدائل أخرى سياسية واقتصادية، فالمواطنون ليسوا على قدره مالية واحدة، وهذا من طبيعة الأمور فى كل المجتمعات فهناك الأغنياء، ومتوسطو الحال، ثم الطبقات الفقيرة ومحدو الدخل!
وبالطبع لا يمكن أن يتساوى الجميع فى تحمل أعباء الإصلاح الاقتصادى الذى لم تعترض عليه بل وتحسنا له حتى تخرج اقتصادنا القومى من عنق الزجاجة الذى استقرفيه طويلا.
والقاعدة الفقهيه تقول إن «الغرم.. بالغنم» بمعنى بقدر ما تكسب يجب أن تتحمل الأعباء، سواء كانت فى صورة ضرائب أو رسوم، أو ارتفاع فى الأسعار وكانت إحدى الحكومات السابقة قد أنجزت «كروت البنزين» التى من خلالها تحدد لكل مواطن كمية محددة من اللترات المسموح بالحصول عليها بموجب الكارت ومازاد عن ذلك حسب استخدامه لسيارته أو حجم استهلاكها من حقه أن يحصل عليها بأسعار أخرى!
ولكن حكومتنا الرشيدة ساوت بين السيارات المرسيدس والأخرى من ماركات الفيات واللادا وغيرهما من ذات السعة القليلة.
ليس ذلك فقط بل أنها ساوت بين السيارات الخاصة وسيارات الخدمة العامة مثل أتوبيسات النقل والميكروبصات وغيرها، وهو ما ينعكس تقليديا على أسعار الركوب وتلك الوسائل لايستخدمها سوى محدودى الدخل والفقراء فهل هذا يجوز؟
قلنا من قبل إن من حق أى مواطن أن يحصل على ثمار الإصلاح الاقتصادى أيًا كان طبيعة عمله أو محل إقامته باعتباره حق المواطنة»، ولكن من الملاحظ أن الحكومة الحالية تفعل العكس، أى أنها تصر على أن يتحمل جميع المواطنين أعباء الإصلاح بالتساوى ويصرف النظر عن طبيعة عملهم أو محل أقامتهم أو قدراتهم المالية.
لا.. كفاية استسهال.. ولابد من مراعاة الحكمة والرحمة فى توزيع الأعباء، فنحن مواطنون ولسنا مجرد رعايا.