الحكمة تقول إن خطأ الصغار كثيرًا ما يقع فيه الكبار، ولكن على ما يبدو أن الزمان تغير ومعه تغيرت مفردات وقيم كثيرة، فاليوم أصبحت أخطاء الكبار يتحملها لآخر الدهر صغارهم،و كثيرًا ما تحدثت وسائل مختلفة قضية زواج القاصرات وطالبت بالقضاء عليها،لكن على مايبدوا أنها لن تنتهى.
ففى إحدى قرى محافظة كفر الشيخ، تجلس طفلة لم يتجاوز عمرها15عاما، بعدما كانت تسير بخطى جيدة فى التعليم بالصف الأول الثانوى التجارى، تندب حظها العثر بعدما أصر والدها على إخراجها من المدرسة وزواجها لشخص يكبرها بـ10أعوام يعمل نجارًا مسلحًا بقرية مجاورة لهم، عن طريق الإشهار فى أحد مساجد القرية على يد مأذون شرعى، وقيام زوجها ووالده بكتابة «إيصالات أمانة» عليهما تضمن حقوقها على أن يتم عقد قرانها عند بلوغها السن القانونية، لكن سرعان ما أتت الرياح بما لا تشتهى السفن، فتلك الحياة لم تدم طويلا، وخلال أشهر قليلة حملت «الطفلة» فى أحشاءها جنينًا من زوجها ومع وجود الخلافات واستحالة استمرار الحياة قامت بإجراء عملية إجهاض لجنينها وعادت مرة أخرى إلى منزل أهلها.
تركت «عزيزة،ا،م» الطفلة «الزوجة» في منزل زوجها وعادت إلى والدتها وغرفتها لتحمل بقايا العابها وذكرياتها التى لم تدم طويلًا مع دراستها، تنتظر ان تُكمل عامها الثامن عشر ليستطع اهلها تطليقها لتبدأ حياة أسرية جديدة بعد شئيًا من النضج المُحمل بقسوة الجهل والفقر والتلاعب بقوانين سنتها الدولة لحماية الأطفال،ورغم ان عزيزة لم تستخرج بعد بطاقة شخصية لها لانها تعد طفلة الا أن الزمن فرض عليها أن تكون زوجة قبل الأوان.
أمام عتبة منزل بسيط بُنى من الطوب اللبن كانت تجلس «ح،ف،ب»،البالغة من العمر 40عامًا تبدو عليها ملامح الحزن لما جرى لابنتها، وبرغم انها تزوجت صغيرة فى السن الا انها إكتسب خبرات حياتيه،لم تمكنها من منع زوجها من زواج ابنتها الطفلة، تدمع عينيها كلما سألها زائرًا عن «عزيزة»،وكأن دموعها تروى ماساة كبيرة،فهى لازالت تتذكر ذلك اليوم، عندما زف لها زوجها بشرة قدوم«عريس»لأبنتها ومدحه فيه وفى عائلته «الأرزوقية»التى ستستطيع ان توفر حياة كريمة لأبنتها، حينها ترددت الأم ورفضت بشدة ان تزوج نجلتها «القاصر»،فدبت الخلافات التى إنتهت بقرار الاب بخطبة ابنته لذلك الشخص على ان يتركها تكمل مرحلتها التعليمية وان يتزوجا فوافقت الأم.
تقول الأم، إنها لم تعلم ان موافقتها على خطبة ابنتها ستنتهى سريعًا بزواج ثم إنفصال «سورى» فهى لا مطلقة ولا متزوجة رغم سنها الصغيرة، تعود لتتذكر ذلك اليوم الذى جاء زوج ابنتها للزوجها عقب الخطبة ب3اشهر طالبًا ان يتم تحديد موعد الزفاف لأنه من المتوقع سفره للعمل بأحدى الدول العربية،فوافق الاب وبدون تردد وتمت مراسم الزفاف والفرح والزفة رغم ان نجلتها لم تكمل عامها ال16ـ، وبعد زواجها فوجئت ان زوجها لن يسافر وانه قام بخداع أهلها للموافقة على تعجيل الزواج،وانه لن يتركها تستكمل مرحلتها التعليمية ناقدًا إتفاقه مع والدها قائلًا«الزوجه بلبيتها وزوجها»،،وعقب زواجهما ب5اشهر حملت الطفلة جنينًا فى أحشاءها رغم وجود خلافات ومع تزايد وتيرة الخلاف -بحسب امها- ولضعف جسدها تعرضت لعملية إجهاض وبعدها قررت العودة لمنزلها مرة أخرى.
وتضيف: «أصبحت ابنتى فى اعين المجتمع تحمل لقب مطلقة وهى لازالت طفلة وتحتفظ بملامحها الطفولية،بفضل الجهل،وانها لم تستطع بعد أن تتخلص من تلك الزوج، مشيرة إلى أنها لم يتم عقد قرانها حتى الآن وبالتالى لن يتم تطليقها، وفشلت محاولات الصلح لإعادتها لزوجها الا انها ترفض لمعاملته السيئة لها -على حد قولها، مشيرة الى انها خسرت كل شئ ورفض اهل زوجها اعطاءنا جهازها ونحن لم نستطع التقدم بشكوى أو رفع دعوى لانها لازالت فى تعداد الأطفال».
وبنبرة حزينة وفى غرفة خُصصت لها فى منزل والدها، تجلس «عزيزة»، رافضة التحدث عن قصتها والخروج للمواجهة المجتمع المحيط بها بعدما أصبحت مطلقة فى مفهومهم، وبعد محاولات قالت تلك الطفلة «لم أكن أعلم شيئًا غير أننى كنت فى الصف الأول التجارى وفوجئت بقرار والدى بزواجى من «أحمد»، حيث إنه يعمل صنايعى نجار مسلح، ولم أكن أعرفه لنى لم استطع معارضة والدى فنن نعيش فى قرية البنت فيها ليس لها حرية الإختيار بالشكل الكافى ومعظم بناتها تتزوجن فى سن صغيرة وقبل إنهاء التعليم، ومثل أى بنت وافقت «مُجبرة» وتم إتمام مراسم الزفاف لأنتقل لقرية مجاورة وأكتشف اننى لم استطع تحمل عبء بناء اسرة وخدمة أهل زوجى وحدى فدبت الخلافات بينى وبين «حماتى » التى كنت اعيش معها طوال اليوم الى حين عوة زوجى من عمله فى وقت متاخر من الليل أحيانًا،ومن بعدها زوجى منذ الشهور الاولى للزواج، ولأنه يجب على البنت التحمل تحملت كثيرًا الا اننى عندما حملت جنينًا كان يلزم ذلك راحتى ولم اذق تلك الراحة فتدهورت صحتى وتعرضت للإجهاض».
وتضيف قائلة« لم أعد أتحمل تلك الحياة خاصة انه منعنى من استكمال دراستى وكان يعاملنى بقسوة فبعد الإجهاض عدت لمنزل اهلى للرحاة فترة من الزمن وحتى استعيد صحتى مرة اخرى الا ان رغبة الإنفصال تملكتنى خاصة بعد عدم سؤاله علىً لأكثر من 10 أيام وأخدت القرار وأبلغت به والدى، لكنى صُدمت عندما أبلغونى باننى تزوجت بعقد عرفى لعدم استكمال السن القانونية واصبحت فى حكم المطلقة لكنى ساظل هكذا حتى أكمل عامى الـ18 وبعدها يتم الطلاق، ورغم ذلك رفض أهل زوجى إعطائى جهازى «فقائمة منقولاتى»، تى مشغولاتى الذهبية جردنى منها قبل تركى للمنزل وقام ببيعها وتزوج من أخرى وأنا اصبحت حائرة ماذا افعل،مطالبة بتشديد العقوبات على من يقوم بتزويج الفتيات قبل السن القانونية قائلة«ستلقون مصيرى ومصير الآلاف من فتيات مصر»، مختتمة قولها «سيضطر أهلى لرفع دعوى إثبات زواج بحكم ورقة الزواج الموجودة كما قالى لى أحد المحامين».