نقيب فلاحين شمال سيناء: المزارعون باعوا كل شيء لاستصلاح الأراضي المخصصة.. ووزير الإسكان شردنا

دون غيرهم يعاني المزارعون من أبناء شمال سيناء، من ويلات الحرب على الإرهاب، فبعد أن انتشرت الجماعات الإرهابية المسلحة خلال العامين الماضيين، اضطرت القوات المسلحة بالتعاون مع الجهات التنفيذية إلى اتخاذ قرارات قد يعتبرها البعض ظالمة للمزارعين، إلا أنهم ارتضوا بذلك حبًا في البلد، ووقوفًا بجوارها وقت الشدة، لكنهم مثل باق المصريين لديهم ما يؤرقهم وبشدة من مشكلات لم يتطرق المسئولون إليها بعد.

"أهل مصر" حاورت الشيخ عبد الحميد الأخرسي، نقيب فلاحين شمال سيناء وبورسعيد، والذي شرح لنا بعضًا مما يعاني منه أبناء سيناء.

*هل مازال هناك فلاحين على أرض سيناء؟

نتفق أولا على أن وجود الفلاح المصري في سيناء لا يقل أهمية عن وجود المقاتل المصري من الجيش والشرطة على أرضها، لأنه استلم الأرض غير صالحة للزراعة أو تعاني من مشكلات عديدة أبرزها أن الأرض الزراعية جزء من منطقة وعرة، بها طبقة ملح بعمق متر ونصف المتر، واستطاع استخراجه وتجهيز التربة لبدء عمليات الزراعة، ثم بدأت مراحل الإنتاج، ليخرج لنا بنجر السكر، والذي اعتدنا بسببه ترديد مقولة "أخرج من الملح سكر"، لذا فرحلته مع الأرض تعتبر رحلة كفاح وصبر.* وما أهم المشكلات التي تواجه الفلاحين من أبناء سيناء؟في بداية المشروع القومي لتوطين المصريين على أرض سيناء ليكونوا دروعا بشرية لحماية البوابة الشرقية لمصر، أعلنت الصحف المصرية عن وجود أراضٍ للمستثمرين بسيناء، وخصص جزء من تلك الأراضي لصغار المستثمرين والخريجين من الشباب وأعلن عنها، فتقدم لها فلاحون مصريون من جميع محافظات مصر، وأعلن عن تحديد قرعة علنية يوم 2 نوفمبر 2009، بمقر الهيئة العامة لمشروعات التنمية الزراعية بالدقي بوزارة الزراعة، وبعد الانتهاء من القرعة العلنية تم الإعلان عن أسماء الفائزين، فباع الفلاحون والخريجون كل ما يملكون في محافظاتهم من أراضِ ومنازل لشراء قطعة الأرض المخصصة في سيناء، وجاءوا إلى سيناء ليعمرونها تلبية لنداء الوطن وتحقيق التنمية.*وما المشكلة في ذلك؟تعاقبت المشكلات والإجراءات الروتينية بعد ذلك، فصدر القرار الجمهوري رقم 147 لسنة 1993 بتخصيص 400 ألف فدان للفلاحين، ثم القرار الجمهوري رقم 103 لتحديد الولاية، ثم القرار الجمهوري رقم 154 لسنة 2001 لتحديد الولاية، وعدة قرارات متعاقبة حتى القرار رقم 372 في 2006، والقرار الجمهوري 341 في 2014، وحدث أن الفلاح المصري من سنة 2000، بدأ في استصلاح الأرض، حتى حصد أول إنتاج لها في 2014، نظرًا لعملية التحضير الطويلة التي صادفها بسبب نوعية الأرض، وبمجرد بدء إنتاجه فوجئ الفلاحون باستصدار وزير الإسكان قرار رقم 424 لسنة 2017، وذلك في 30 مايو الماضي، بإزالة الأراضي الزراعية وما عليها من منازل ومنشآت ومصارف وطرق وخطوط مياه، بدعوة أنها داخل القرار الجمهوري رقم 222 لسنة 2010، الخاص بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ، لإنشاء إسكان اجتماعي بها، وذلك في 1200 فدان كانت متداخلة مع قرار هيئة المجتمعات العمرانية الجديد، ونتج هذا بسبب خطأ إداري وخطأ في إحداثيات القرارات الجمهورية.*هل تتهم هيئة المجتمعات العمرانية بعرقلة خطة التنمية الزراعية بسيناء؟أرى أن الهيئة تمتلك ثلاثين ألف فدانًا أخرى، ولم تستغل حتى الآن عشرة أفدنة حتى منها، فلماذا تزيل الأرض الزراعية ومن الممكن أن تتوافق مؤسسات الدولة ويتم تبديل الأرض بأخرى لم تزرع بعد، "هو إيه الى بيحصل بالظبط؟" دائما ما نعلم أن العقارات يتم إزالتها لصالح الأرض الزراعية أما في هذه الحالة فالحال معكوس ولا توجد قدسية للأرض الزراعية في سيناء.*وهل استسلمتم للقرار الصادر بالإزالة؟لم نستسلم وقررنا الشكوى، فتكونت لجنة من ثلاث مهندسات قدمن من القاهرة، للتنسيق لفصل الحدود الإدارية وتحديد الأراضي الزراعية، وتطبيقا لمبدأ أهل مكة أدرى بشعابها، كان لابد من أن يكون أحد أعضاء اللجنة رئيس المنطقة المتنازع عليها "شرق البحيرات وسيناء"، لكن هذا لم يحدث ولم ينتقلوا للطبيعة، فأصدروا قرارات عشوائية لا تمت للحقيقة بصلة.* وماذا كان رد فعل وزارة الزراعة بخصوص القضية؟الوزارة كلفت لإنشاء مصارف وترع وبنية أساسية وغيرها من المرافق التي تفيد المشروع أكثر من 70 مليون جنيه، ورغم ذلك هناك حالة من التخبط، ولم تتخذ الوزارة أي رد فعل مناسب، فالجميع حريص على منصبه، ورغم وجود محضر التنسيق المحرر في 1 فبراير 2016، والذي يوضح كافة الحقائق إلا أنه حبيس الأدراج، وأخشى أن يتحول الفلاح الذي يرغب في الخير وتنمية سيناء إلى داعشي بسبب تصرفات الحكومة الغير مسئولة.*وماذا عن أزمة زراعات الزيتون؟اضطرت القوات المسلحة إلى تجريف وتجفيف أشجار الزيتون في مناطق رفح والشيخ زويد والعريش، بسبب استخدام الإرهابيين لها في عملياتهم ضدها، حيث طلبت القوات المسلحة إزالة المزارع بالاتفاق مع الفلاحين والذين وافقوا بنفس راضية، فداء للوطن، لكن في المقابل وعد المسئولون الفلاح بتعويض مناسب لقطع مصدر رزقه الوحيد، إلا أن ذلم لم يحدث، وأصبح مزارع الزيتون الذي كان يعد من أغنى أغنياء سيناء، فقيرًا ومديونًا، لذا يجب تعويض من ضحوا في سبيل الوطن.* حدثنا عن مشكلة المعديات؟عرفت سيناء بأنها سلة فاكهة مصر، وجميع تلك المنتجات تعبر إلى الداخل المصري عن طريق المعديات، وتظل على المعدية لأكثر من 6 ساعات، وتمر على خمس أحزمة تفتيش، ما يجعل معظمها يفسد في الطريق إلى القاهرة والمحافظات، ويقلل من ثمنها، وطالبنا بزيادة عدد المعديات وتطوير أساليب التفتيش بتركيب بوابات إلكترونية مثل التي تتواجد في المطارات لتسهيل عملية التفتيش وإنجازها في وقت قصير، فطالما تم عزل سيناء جغرافيا لابد من إعطائها كافة حقوقها.*وماذا عن مشكلة الأسمدة؟منعت الأسمدة من دخول سيناء بأوامر من القوات المسلحة، حيث يستخدمها الإرهابيون في تصنيع القنابل المستخدمة ضد القوات المسلحة، ما مثّل مشكلة كبيرة لدى المزارع السيناوي، فأسمدة مثل اليوريا والنترات تقوم العناصر الإرهابية باستخدامها في تصنيع العبوات التفجيرية، وكنقيب للفلاحين أتساءل عن دور البحث العلمي، في ابتكار أسمدة بديلة بديلا عن الأسمدة المحرم دخولها إلى سيناء بسبب الحرب على الإرهاب.*وهل هناك حصر لأعداد الفلاحين من أبناء سيناء؟حوالي مائة ألف سيناوي يعملون كمزارعين من أصل 500 ألف مواطن سيناوي.* هل هناك زراعة ومزارعين في سيناء حاليا؟حينما وجد الفلاحون تضاربًا في القرارات الصادرة من المسئولين، وصعوبة في الإجراءات، تركوا المحافظة وهربوا، نتيجة القرارات الإدارية المتضاربة، فأصبحت سيناء مكانًا طاردًا للمزارعين، كما أنه لا توجد تسهيلات لجميع المزارعين والمستثمرين شرق القناة حاليًا.*أين دور وزارة الزراعة من معاناة الفلاح السيناوي؟للأسف هي وزارة ذات وزراء متعاقبين، في فترات متقاربة، والوزير لا يعي المشكلات الموجودة على أرض الواقع، كما أنه لا يبحث جيدًا في أصل التنازع أو المشكلة، لذا فإن الفلاح السيناوي ليست في حسبانها.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً