مع دقات الساعة الحادية عشر مساءً، من أول أربعاء في شهر يوليو الماضي، تعالت صرخات الأم، على الفور حُملت إلى المستشفى، بعدها بساعات أتت البشارة إلى الأب: "مبروك جالك بنت".
بعد أن أشرقت الحياة بقدوم هذه الطفلة، تبارى كلا الأبوين على تسمية ابنتيهم، بادرت الأم باختيار اسم "فريدة"، لتكون اسم على مسمى.. "فريدة في جمالها وفي كل شيء حتى حملها".اللحظات السعيدة التي عاشتها الأسرة، لم تسمتر طويلًا، عندما لاحظت سارة غنيم "الأم"، أن ابنتها لا تستطيع الحركة، كطفل عادي فاليدين مطويتان، والأرجل ساكنة، هرولت إلى الدكتور لتعرف السبب.
في البداية تقول الأم: "مكانش في أي حاجة تدل أن عندها مرض خطير أو في حاجة غريبة بعد ولادتها مباشرة"، موضحة أنها انتظرت فترة لكي تحرك الطفلة إحدى يديها أو ذراعيها، إلا أنها لم تفعل.
وتستكمل الأم لـ"أهل مصر"، وسط حالة من الحزن الشديد بداية المأساة: "روحت لدكتور مخ وأعصاب، وكان كلي أمل أن بنتي تكون طفلة عادية مفهاش حاجة وأن كل اللي أنا شايفه ده مش حقيقي".
"الفوحوصات كلها بتأكد إصابة بنتك بمرض اسمه MSA (ضمور عضلي)".. خبر كالصاعقة نزل على الأم، خاصة بعد أن تأكدت أن الضمور العضلي الشوكي مرض يهاجم كل عضلات الجسم المسؤلة عن التفس والبلع والحركة، وفي النهاية قد يسبب الوفاة للرضيع إذا لم يتم احتوائه بشكل سريع."خلاص راحت كل حاجة حلوة حلمت بيها معاها".. رددت الأم هذه الجملة لأكثر من مرة، إلا أنها لازالت تناجي ربها لعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا، تسكت الأم برهة من الوقت لتعصر ما بداخلها من ألم وآهات وصرخات، ثم تكمل: "استنجدت بطبيب ليباشر حالة ابنتي لكن مبيعملش أي حاجة غير أنه بيحاول ينقذ بنتي من الموت، بيحاول في كل مرة إنها متتحطش على جهاز تنفس صناعي عشان لو اتحطت عليه خلاص كده فريدة انتهت".تتذكر "سارة" ابنتها فريدة وهي تداعبها، مبينة أن أكثر مايحزنها ابتسامة طفلتها، التي لا تعلم حقيقة ما ينتظرها بعد أيام.. "بحثت على علاج للمرض ده، ولقيت تكلفته لمدة سنة 15 مليون جنيه".وبرغم المعاناة، لكن الأمل لازال معلقًا في قلب الأم من خلال تركها أبواب كثيرة، إلا أن أغلبها يغلق فى وجهها: "عملت كل حاجة عشان أسافر بيها أمريكا، واعمل تأمين للبنت منفعش عملنا كل حاجة إن الدواء يجي هنا منفعش.. كان عندنا استعداد ندفع جزء من المبلغ مقدم، ونقسط الباقى على دفعات، لكن كل حاجة مقفولة في وشي أنا تعبت".
لم تمل الأم في كل يوم، عن زيارة أشهر المستشفيات، لكي تبقى معها لأطول فترة ممكنة، تقول: "مش مصدقة إن هيجي يوم زي ده أصرخ واقول والله والله بنتي بتموت مني".وتؤكد "أم فريدة" لـ"أهل مصر" أنها تركت كل الأبواب إلا باب الرئيس عبد الفتاح السيسي، مناشدة إياه قائلة: "أتوسل إليك تساعد طفلة كل ذنبها إنها اتولدت بمرض مميت، ومش قادرة أوفر لها حاجة وكل باب اتقفل في وشي"، خاتمة كلامها "أنا آسفة يا فريدة إني مش قادرة أساعدك يا بنتي".