أثارت المقابلة التي أجراها رئيس الوزراء اللبناني المستقيل سعد الحريري، على تليفزيون المستقبل، من منزله في السعودية، حالة من الجدل داخل الشارع اللبناني، خاصة وأنها المقابلة الأولى له منذ تقديم استقالته.
وبعيدًا عن مضمون اللقاء وما جاء به من تصريحات، فإن لغة الحريري المستخدمة لفظيًا وجسديًا والتي انتهت ببكائه على الهواء مباشرة بالإضافة إلي بعض التفاصيل الأخرى كانت الشغل الشاغل لكثير من المحللين ممن رأوا أن حوار الأمس قطع الشك باليقين لدى الفريق الذي كانت تساوره بعض الشكوك بشأن احتجاز الحريري ووضعه تحت الإقامة الجبرية وأن كل ما قاله في هذا الحوار كان بضغط من السلطات السعودية، في مقابل فريق آخر يرى في الرسائل التي تضمنتها تصريحات الرئيس المستقيل.
-رسائل الحريري
تضمنت المقابلة التي أجراها الحريري عدة رسائل سياسية تمحورت في معظمها حول العلاقات السعودية اللبنانية، وكيف كانت المملكة الداعم الأول لبيروت طوال السنوات الماضية، هذا بخلاف العلاقات الوثيقة التي تربطه بصورة شخصية وولي العهد محمد بن سلمان.
في البداية نفى الحريري ما يقال بشأن احتجازه في السعودية، مفسرًا قرار الاستقالة بأنه "صدمة إيجابية" كانت تهدف الصالح اللبناني قبل أي شيء، مشيراً إلى بعض المؤامرات التي تحاك ضده وتستهدف حياته في المقام الأول سواء كانت من داخل لبنان أو خارجه قاصدًا النظام السوري بقوله "أنا وقفت بوجه داعش والنصرة والقاعدة، لكن هناك كثيرين لا يريدون سعد الحريري، من أجل حفظ أمني كان لا بد من بناء شبكة أمان والقيام بعدة خطوات".
وأكد الحريري على العلاقات الوثيقة مع السعودية وولي العهد محمد بن سلمان، مضيفًا أنه اكتشف معطيات جديدة خلال الزيارة الثانية للرياض، دفعته للحفاظ على البلاد من خلال الاستقالة، والذهاب إلى الرياض، مؤكدًا حرية تنقله في أي وقت.
وتابع لن أسمح لأحد بأن يعلن حربًا على لبنان لحسابات إقليمية، ونفى أن يكون هناك حرب بالتنسيق مع "إسرائيل" على لبنان، واصفًا هذه الأنباء الإسرائيلية بأنها مجرد ألاعيب، تعليقًا على الأنباء التي تتحدث عن حرب قادمة في المنطقة، وعن تورط سعودي إسرائيلي فيها.
وعن سؤال بشأن زيارته للإمارات أرجع ذلك إلى الحرص على مصلحة بلاده، قائلاً ذهبت إلى هناك للحفاظ على أمن لبنان، مبينًا أنه كان هناك اتفاق على صحة الخطوة، وأن اللقاء كان مميزًا، "ذهبت لأبين الموقف الذي اتخذته وكان هناك تفهم لذلك.
وبسؤاله عن التزامن بين استقالته وحملة الاعتقالات التي يشنها ابن سلمان رفض الحريري الإجابة معتبرًا ذلك شأن داخلي، مدعيًا أن التزامن كان مجرد صدفة، مضيفًا ولي العهد السعودي أدرى بما يقوم به، والعاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز هو المسؤول شخصيًا عن حملة محاربة الفساد.
الحريري أنا وقفت بوجه داعش والنصرة والقاعدة، لكن هناك كثيرين لا يريدون سعد الحريري، من أجل حفظ أمني كان لا بد من بناء شبكة أمان والقيام بعدة خطوات.
-تساؤلات مشروعة
للبرهنة على ذلك طالب البعض بالعودة إلى قبل 6 أشهر تقريبًا وبالتحديد في مايو 2017 حين أجرى الحريري مقابلة مع قناة روتانا خليجية السعودية، بدأها بضحكاته ، بالإضافة إلي أن لغة الجسد كانت تشير ثقة، مقارنة بالصورة التي خرج عليها في حواره مع قناة المستقبل.
ومن الملفت للنظر أيضًا خلال اللقاء ظهور رجل يقف خلف مقدمة الحوار الإعلامية بولا يعقوبيان، وبيده ورقة، فيما ينظر إليه الحريري بشكل ملفت، ثم يشير إليه بالابتعاد من خلال إشارة بيديه، فيما فسره نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي بأن الرجل إما أنه يراقب الحريري أو يود إعطاءه ورقة بها بعض الإرشادات.
غير أن يعقوبيان أشارت تعليقًا على هذا الشخص أنه ضمن فريق عمل رئيس الحكومة المستقيل، وكان ينبهه لأمر ما بعدما أشارت خلال المقابلة مع الحريري على الهواء مباشرة.
ولفت ناشطون إلى ملاحظات أخرى في المقابلة، مثل الخزانة "العتيقة" التي ظهرت خلف الحريري، حيث يظهر بأن مقبض أحد دواليبها مخلوع من مكانه، ملفتين إلى أنه ذكر أن عائلته تتابع المقابلة من المنزل، فيما يقول إنه موجود في المنزل، في إشارة إلى تناقض رواية رئيس الوزراء.
-مقاطعة إعلامية لبنانية
من المسائل التي أثارت التساؤل أيضًا أن مقابلة بهذا الحجم لرئيس وزراء يقال إنه محتجز في دولة أخرى تقابل بمقاطعة إعلامية من الإعلام اللبناني، حيث بثت لقاء الأمس قناتان فقط، هما تليفزيون المستقبل ونقلتها عنه قناة mtv اللبناني، بينما قاطعت قنوات NBN.. OTV...NEW TV و المنار والتليفزيون الرسمي اللبناني.
كشف اللقاء وكواليسه أن ما يقال بشأن احتجاز الحريري في السعودية ووضعه تحت الإقامة الجبرية ليست شائعات أو اتهامات وأن إجباره على تقديم استقالته أصبح حقيقة واضحة لا مراء فيها، كانت هذه الكلمات هي خلاصة ما توصل إليه بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي من اللبنانيين ممن تابعوا لقاء الأمس.
وكان الرئيس اللبناني ميشال عون في بيان صادر عن الرئاسة أمس الأحد قال إن حرية رئيس الحكومة سعد الحريري محدودة في الرياض، وهي المرة الأولى التي تعلن فيها السلطات اللبنانية رسميًا اعتقادها بأن السعودية تحتجز رئيس الوزراء ضد إرادته.