أثارت تصريحات الدكتور محمد عبد العاطي، وزير الموارد المائية والري، بتعثر اجتماع اللجنة الفنية الثلاثية المعنية بسد النهضة على المستوى الوزاري، بمشاركة وزراء الموارد المائية لمصر والسودان وإثيوبيا، العديد من التساؤلات حول مصير حصة مصر من المياه إضافة إلى هل تتأثر الأراضي الزراعية في مصر بعد فشل المفاوضات؟.
وأكد وزير الري، أن الاجتماع لم يتوصل إلى اتفاق بشأن اعتماد التقرير الاستهلالي الخاص بالدراسات، والمقدم من الشركة الاستشارية المنوط بها إنهاء الدراستين الخاصتين بآثار سد النهضة على دولتي المصب.
وأوضح أنه على الرغم من موافقة مصر المبدئية على التقرير الاستهلالي على ضوء أنه جاء متسقاً مع مراجع الإسناد الخاصة بالدراسات، والتي تم الاتفاق عليها بين الدول الثلاث، إلا أن طرفي اللجنة الأخرين لم يبديا موافقتهما على التقرير، وطالبا بإدخال تعديلات على التقرير تتجاوز مراجع الإسناد المتفق عليها، وتعيد تفسير بنود أساسية ومحورية على نحو من شأنه أن يؤثر على نتائج الدراسات ويفرغها من مضمونها.
وأعرب، عن قلق مصر من هذا التطور لما ينطوي عليه من تعثر للمسار الفني، على الرغم مما بذلته مصر من جهود ومرونة عبر الأشهر الماضية لضمان استكمال الدراسات في أقرب وقت بما في ذلك الدعوة منذ مايو 2017 لاجتماع على المستوى الوزاري للبت في الأمر، وما بذل من جهد في التوصل إلى اتفاق إعلان المبادئ في مارس 2015 الذي كان علامة فارقة على مسار التعاون بين مصر والسودان وإثيوبيا.
وشدد الوزير، على أن عدم التوصل لاتفاق يثير القلق على مستقبل هذا التعاون ومدى قدرة الدول الثلاث على التوصل للتوافق المطلوب بشأن سد النهضة وكيفية درء الأضرار التي يمكن أن تنجم عنه بما يحفظ أمن مصر المائي.
ويستعرض أهل مصر في التقرير التالي التأثيرات التي ستطرأ على الأراضي الزراعية في مصر بعد فشل المفاوضات:-
البداية.. بدأت إثيوبيا في تخزين المياه خلف سد النهضة يوليو الماضي تزامنًا مع موسم الفيضان وموعد سقوط الأمطار الموسمية.
عدد من الخبراء أكدوا أن فشل المفاوضات مع بدء إثيوبيا فعليًا في تخزين المياه لمدة 3 أو 5 سنوات من خلال بحيرة التخزين التي تستوعب 75 مليار متر مكعب يعني حجب ما يقرب من 15 أو 25 مليار متر مكعب من النيل الأزرق سنويا عن مصر والسودان.
الدكتور صفوت عبد الدايم، أستاذ متفرغ بالمركز القومي لبحوث المياه، هاجم وزير الري، بشأن التقاعس في مفاوضات سد النهضة، مؤكدًا أنَّ الوزير يجب أن يتحلى بقدر من الشفافية في مكاشفة الشعب المصري بنتائج المفاوضات.
الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية والري بجامعة القاهرة، قال: إثيوبيا تنوي تخزين وحجز نحو 75 مليار متر مكعب خلف بحيرة السد؛ ما سيؤدي إلى بوار أراضي زراعية بسبب نقص حصة مصر المائية، بجانب اختفاء أنواع هامة من الأسماك في النيل، وكذلك التأثير على الكهرباء المتولدة من السد العالي.
وأضاف أن مصر طالبت بتخزين المياه خلف السد على مدار 10 سنوات؛ حتى لا يكون هناك تأثيرا كبيرا عليها، لافتًا إلى أن إثيوبيا أعلنت دون الرجوع إلى القاهرة، وأنها ستزيد عدد توربينات الكهرباء حتى تولد 6450 ميجا وات، ما يعني زيادة مساحة التخزين ببحيرة السد إلى أكثر من 74 مليار متر مكعب، بما يؤثر سلبا على حصة مصر المائية.
وأكد أن بحيرة السد العالي ستفرغ تماما من المخزون الاستراتيجي بها كما سيتحول نهر النيل إلى ترعة إذ خزنت إثيوبيا المياه كما تخطط، ويجب ألا تخزن أثناء فترة الجفاف.
مسؤول بوزارة الري، أكد أن فشل الاجتماع ينذر بكارثة مائية على مصر، لأن سد النهضة يؤثر على حصة مصر من المياه، لافتًا إلى أنَّ حجم التخزين الفعلي للسد يبلغ نحو 74 مليار متر مكعب.
وأوضح في تصريحات خاصة لـ أهل مصر أنه من المقرر أن يبدأ تخزين سد النهضة للمياه كمرحلة أولى بنحو 30 مليار متر مكعب، لتفقد مصر أمام كل خمسة مليارات متر مكعب من المياه مليون فدان كأراضي زراعية سنويًا.
واستنكر الحديث حول إيجاد حلول أخرى لتجنب بناء سد النهضة، وتقليل حصة مصر من المياه، لافتًا إلى أن حصة مصر تتجاوز 85%، واصفا المفاوضات بـ"الفاشلة"، وأن عملية إظهار التفاهم بين مصر وإثيوبيا والسودان شيء وهمي.
وقال الدكتور أحمد معوض، نائب رئيس الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي: إن مصر حالياً تقع تحت حد الفقر المائي، مشيراً إلى أن استخدام المصادر غير التقليدية من الصرف الزراعي والصحي والتحلية والمياه الجوفية أصبح اتجاها لا بديل عنه لسد العجز المائي ولمواجهة التحديات المائية.
وأضاف معوض أن الأرقام المتعلقة بالمياه العذبة في العالم تدعو للقلق حيث تحتل أكثر من 3% من مجمل المياه الموجودة في كوكب الأرض و77.8% من هذه النسبة على هيئة جليد و21% مياه جوفية والكمية المتبقية بعد ذلك، والتي لا تتجاوز 0.6% هي المسئولة عن تلبية احتياجات أكثر من 6 مليارات من البشر في كل ما يتعلق بالنشاط الزراعي والصناعي وسائر الاحتياجات اليومية.
مصدر أخر مسؤول بوزارة الري، أكد أن محاولة إيجاد مصر بدائل غير مفاوضات سد النهضة "كارثة"، مشيرًا إلى أن مصر لديها خيارات عدة في إطار المفاوضات المقررة بين دول حوض النيل.
وأضاف المصدر الذي رفض الكشف عن هويته في تصريحات لـ أهل مصر أن مصر تتلقى المياه بنسبة 15% من بحيرة فيكتوريا والهضبة الاستوائية، وذلك من خلال محطات تبدأ من نهر "السمليكي"، مرورًا ببحر الجبل، ومن ثم الصب فى نهر النيل الأبيض، للوصول إلى النهر الأزرق.
وتتخوف مصر من تأثير سد النهضة -الذي تبنيه إثيوبيا على نهر النيل-على حصتها السنوية من مياه النيل (55.5 مليار متر مكعب)، بينما يؤكد الجانب الإثيوبي أن سد النهضة، سيمثل نفعًا لها خاصة في مجال توليد الطاقة، وأنه لن يمثل ضررًا على السودان ومصر.
وبدء العمل في سد النهضة أبريل 2011، بتكلفة مالية تبلغ 4.7 مليار دولار، وسينتج طاقة تقدر بـ 6000 ميجاوات، وتبلغ سعته التخزينية للمياه نحو 74 مليار متر مكعب.
يذكر أن اتفاق المبادئ، الذى وقعه رؤساء مصر والسودان وإثيوبيا حول سد النهضة في مارس 2015، كان ينص على أن يكون التخزين والتشغيل في سد النهضة وفقا لما ستنتج عنه توصيات الدراسات الفنية التي تقوم بها شركات استشارية دولية لاختبار التأثيرات المتوقعة على مصر والسودان جراء عمليتي التشغيل والتخزين، إلا أن تأخر اللجنة الفنية الثلاثية في اختيار المكاتب الاستشارية وتعطل إجراء الدراسات لأكثر من عام، كان وراء ضرورة الدفع بالتوصل لاتفاق مبدئي حول مسألة التخزين بعد انتهاء الجانب الإثيوبي من النسبة الأكبر من عمليات الإنشاء.
وبدأت الشركتان الفرنسيتان "بى.آر.إل" و"أرتيليا" تنفيذ دراسات تأثيرات سد النهضة العام الماضي، بعد توقيع العقود رسميًا في العاصمة السودانية الخرطوم في سبتمبر العام الماضي، وانتهت المهلة المحددة لتنفيذ تلك الدراسات في أغسطس الماضي.