استنكر مرصدُ "الإسلاموفوبيا" التابع لدار الإفتاء المصرية قيامَ الآلاف من القوميين واليمين المتطرف في بولندا بمظاهرة حاشدة حملت لافتات وشعارات عنصرية ضد الأجانب بشكل عام وضد المسلمين على وجه الخصوص، حيث ظهرت بعض اللافتات التي تمثل تحريضًا على العنف ضد المسلمين على شاكلة "صلوا من أجل هولوكوست إسلامي".
وقدَّرت بعضُ وسائل الإعلام عددَ المشاركين في المظاهرة التي شهدتها العاصمة البولندية وارسو، في ذكرى استقلال بولندا، بنحو 60 ألفًا، وهي بذلك واحدة من أكبر التجمعات لنشطاء اليمين المتطرف في أوروبا خلال السنوات الأخيرة، وهتف المتظاهرون ووجوههم مغطاة بالأقنعة بنداءات "بولندا نقية، بولندا بيضاء"، و"المهاجرون خارج أرضنا".
وأوضح المرصد أنه بالرغم من أن بولندا لم تشهد أعمالًا إرهابية على غرار عدد من الدول الأوروبية، ولا يمثل المسلمون بها أعدادًا تُذكر، كما لا يوجد بها أماكن تجمعات للمسلمين أو ظهور واضح لدور العبادة الخاصة بهم؛ فإن اليمين الديني المتطرف في بولندا يصرُّ على العداء للمسلمين والدعوة الصريحة والتحريض العلني لممارسة العنف ضدهم، بل والدعوة إلى عمل محرقة للمسلمين على غرار محرقة اليهود، وهو ما يقدم دليلًا دامغًا على أن عداء اليمين الديني المتطرف في الغرب تجاه المسلمين هو عداء بلا مبرر عقلي ولا يرتبط بوجود تهديد من بعض المسلمين ولا ممارسات عدد من التنظيمات الإرهابية، وإنما هو عداء ناتج بشكل كبير عن خطاب عنصري يدعي نقاء المواطن الأبيض وتمييزه عن غيره من الأجناس، إضافة إلى التحريض الإعلامي وازدواجية المعايير المتبعة تجاه قضايا المسلمين عن قضايا غير المسلمين، أو تناول القضايا التي يكون أحد طرفيها مسلمًا، كما هو الحال في الأعمال الإرهابية التي تنسب إلى الإسلام وتعاليمه الدينية، وهو ما لا يحدث مع الأفراد من الأديان والمعتقدات الأخرى، ولا أدل على ذلك من التناول الإعلامي لقضية المسلح ستيفن بادوك الذي قتل ما لا يقل عن 58 شخصًا وأصاب أكثر من 500 آخرين في مدينة لاس فيغاس الأمريكية، حيث اعتبر الحادث غير إرهابي بمجرد التأكد من ديانة منفذ الهجوم، بينما توصف أية حوادث أخرى بأنها إرهابية فور التأكد من ضلوع أحد المسلمين فيها، وهي ازدواجية فاضحة وكاشفة للتناول الإعلامي المتحيز ضد المسلمين.
وأكد المرصد أن دعوات اليمين الديني المتطرف في الغرب تمثل أحد أهم روافد تجنيد الإرهابيين في أوروبا وخارجها، ويجب أن تعي الدول الأوروبية أن ترك المجال أمام اليمين الديني للتحريض بشكل علني ضد المسلمين حتى وصل الأمر إلى الدعوة إلى إقامة محرقة لهم هو أمر غير مقبول وينذر بعواقب وخيمة لا يوجد مستفيد منها غير التنظيمات الإرهابية ومثيلتها اليمينية المتطرفة في الغرب.